بعد انسحاب “نوفاتيك” الروسية: ما مصير التنقيب بالبحر؟
بقلم: عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
المدن –
اتخذت شركة نوفاتيك الروسية قرارها بالانسحاب من كونسورتيوم شركات التنقيب على الغاز والنفط في لبنان، فسارعت وزارة الطاقة اللبناينة إلى طمأنة الرأي العام إلى استمرار العمل على التنقيب رغم انسحاب الشركة الروسية. لكن تطمينات الوزارة لم تبدّد العديد من علامات الاستفهام المحيطة بعملية الانسحاب. فمن سيحل محل الشركة المنسحبة ويستحوذ على حصتها؟ وإذا كان انسحابها لم يغيّر بمعادلة التنقيب شيئاً، إذاً ما كان الجدوى من وجودها في تحالف الشركات الثلاث؟ هل من بند جزائي يثترتّب على الشركة المنسحبة في العقد الموقع مع لبنان؟
من سيخلف نوفاتيك؟
أسئلة كثيرة تحيط بعملية انسحاب الشركة الروسية Novatek Lebanon SAL من العمل في الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، لم يتم البت بها عملياً من قبل المعنيين بقطاع النفط والغاز، أي وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول (وهي مؤسسة عامة ذات طابع خاص مسؤولة عن إدارة القطاع البترولي في لبنان). ولا يكفي بالطبع ما أعلنته وزارة الطاقة عن أنه رغم انسحاب شركة نوفاتيك غير المشغّلة لا تزال “الاتفاقيتان قائمتين بين الدولة وصاحبي الحق الاخرين بمن فيهما المشغل”، وأن المشغل -أي شركة توتال- سوف ينفذ الأنشطة البترولية في الرقعة رقم 9 وفقاً لخطة الاستكشاف الموافق عليها من قبل الوزير بالاستناد الى رأي الهيئة.
هذه التطمينات تفتح الباب على سؤال أكثر دقة، هو من سيحل محل الشركة المنسحبة ويتولى حصتها البالغة 20 في المئة، خصوصاً أن القانون التأسيسي للنشاط البترولي في لبنان يفرض وجود 3 شركات على الأقل في الكونسورتيوم للتنقيب عن النفط والغاز. وأن تكون إحداها مشغّلة.
التنقيب مستمر
وفي حالة لبنان، فإن شركة نوفاتيك غير مشغّلة وتبلغ حصة مشاركتها 20 في المئة في كل رخصة بترولية، وكما نوفاتيك كذلك شركة Eni Lebanon غير مشغلة، أما المشغّل الوحيد في الكونسورتيوم فهي شركة TotalEnergies Liban. وبناء على القانون التأسيسي نفسه توضح لوري هايتايان خبيرة النفط ومديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنه وبحسب القانون وعند توقيع اتفاقية التشغيل المشترك بين الشركات الثلاث يتم الاتفاق فيما بينها على آلية التشغيل. وهي ما يتم ابلاغها إلى وزارة الطاقة، وقد سبق للشركات فعلاً أن أبرمت اتفاقاً فيما بينها، على أن تكون شركة توتال المشغل الوحيد وأن يقع العبء الأكبر على عاتقها. من هنا لا بد من توضيح مصير حصة الـ20 في المئة العائدة للشركة المنسحبة.
وتسأل هايتايان في حديثها إلى “المدن” لمن سيتم التنازل عن حصة الـ20 في المئة؟ هل لتوتال أو إيني أو الدولة اللبنانية؟ على ماذا سيستندون؟ وماذا يتضمن الاتفاق؟ وهل التنازل جبري أو غير جبري أو انسحاب أو غير ذلك؟ وعليه يجب تفسير ما هي ترتيبات الـ20 في المئة وهل من ترتيبات أو إجراءات لاستحضار شركة ثالثة؟ ومن سيقوم بتلك الإجراءات التي يجب القيام بها عند انسحاب طرف واستحضار طرف ثالث؟
كل تلك العلامات الاستفهامية حسمها مصدر رفيع من هيئة إدارة قطاع البترول، في حديث لـ”المدن” بالقول أنه بحسب العقد الموقع مع كونسورتيوم الشركات الثلاث يجب استبدال نوفاتيك بطرف ثالث “يمكن أن يكون شركة جديدة كما يمكن أن تحل الدولة اللبنانية محلّها. فالخياران يصحّان”، لكن لا قرار بهذا الشأن حتى اللحظة.
أما عن مَن يستقدم شركة جديدة، فيمكن للدولة اللبنانية أو الشركتين الشريكتين (أي توتال وإيني) أن تقوم بمهمة استقدام طرف ثالث، وذلك وفق الإجراءات المنصوص عليها بالاتفاق، بمعنى أن للموضوع عدة مخارج. لكن وزارة الطاقة وهيئة إدارة البترول لم تتمكّنا من اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، إلى حين بت مسألة قانونية الأمر في ظل حكومة تصريف الأعمال، وما إذا كان يحق لوزير الطاقة الحالي حسم الملف واستتبدال نوفاتيك بطرف ثالث. على ما يؤكد مصدر آخر متابع للملف في حديث لـ”المدن”.
ويحسم المصدر مسألة استمرار العمل وفق الجدول الموضوع لعمليات التنقيب في الرقعتين 4 و9 في المياه اللبنانية. فلم يعق انسحاب نوفاتيك تلك الأعمال ويقول “إن اتفاقيات الاستكشاف البترولية في المياه اللبنانية مستمرة وفق جدولها.
هل من بند جزائي؟
وبصرف النظر عن الأسباب التي دفعت بالشركة الروسية إلى الإنسحاب والتي تبرّرها نوفاتيك بانعكاس العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا عليها سلباً، حيث لم يعد باستطاعتها القيام بأي تحويلات مالية إلى خارج روسيا، ألا يترتّب على الشركة بند جزائي حسب العقد؟ يوضح المصدر بأن لا بند جزائياً على الشركة المنسحبة، إنما هناك مبلغ مالي تأميني محدّد كضمان لاستمرار عملها.
وبعد العودة إلى العقد الموقع مع كونسورتيوم الشركات الثلاث، تبيّن أنه يتضمّن بنداً يقضي بتغريمه 40 مليون دولار فيما لم يلتزم بالحد الأدنى من الأعمال. لكن لم يتّضح حجم المبلغ المترتب على شركة واحدة عند انسحابها.
وفي العقد نفسه تبيّن أن الشركة الروسية نوفاتيك تتعامل مع مجموعة Raiffeisen المصرفية ومركزها الرئيسي في فيينا، وهو العنوان الذي يجب أن يتم فيه استلام كافة المطالبات لاسيما كفالة الالتزام بموجبات العمل.