عن الترسيم والتحديات وموقع حزب الله
بقلم: هتاف دهام

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

لا شك أن الترسيم البحري هو انجاز للبنان بالمقارنة مع تصحيح الخلل مع الترسيم الاول الذي كان قائما مع قبرص (علما ان وفدا منها سيزور لبنان اليوم للبحث في ترسيم الحدود) وبالمقارنة كذلك مع العروض الاميركية والاسرائيلية التي تمسكت بسقف خط هوف وايضا بالمقارنة مع التمسك الافتراضي بالخط 29 الذي يعتقد بعض اللبنانيين انه الحدود التي تؤمن الحقوق الكاملة للبنان. وهذا الامر فيما لو ذهبت الحكومة اللبنانية فعلا إلى التمسك به، لكانت الحرب المصير الواقعي لخيار كهذا بكل تداعياتها وويلاتها، فضلا عن أنها كانت ستعطل الاستثمار في النفط والغاز إلى أجل غير معلوم،مع الاشارة الى ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أعلن امس “انتهاء كل التدابير الخاصة التي أعلنتها المقاومة بعد أن استكملنا الوثائق المتعلقة بملف ترسيم الحدود”.

في النتائج، تقول أوساط سياسية لـ”لبنان24″ ثمة تحديات عديدة يجب أن يأخدها اللبنانيون بعين الاعتبار.

أولا على المستوى الداخلي ترشيد الاستثمار للموارد البحرية بالطريقة التي تصون العائدات وتوظفها توظيفاً بناء ومنتجاً فلا تذهب أدراج المحاصصة او الهدر او الفساد او سوء الادارة خاصة في ظل مسارات سياسية غامضة وغير واضحة من الفراغ السياسي الى العقد التي تعتري عملية تأليف الحكومة بحيث ان رئيس”التيار الوطني الحر” جبران باسيل لا يريد حكومة تدير الفراغ بعد مغادرة الرئيس العماد ميشال عون قصر بعبدا، واعلانه انه  لن يعترف بشرعية الحكومة المستقيلة الامر الذي يجعل من حكومة تصريف اعمال متنازع على حدود صلاحياتها، وفي ظل الانقسام السياسي الحاد في البلد الذي يجعل من كل سلطة سلطة عاجزة ومرتبكة.

ثانياً: لا شك ان الوضع  في لبنان سيكون أمام واقع جيوسياسي مختلف، إذ أن بيئة الاستثمارات النفطية والغازية المعقدة والمكلفة والتي تترتب عليها مصالح كبرى للبلد ستشكل واقعا ضاغطا على حزب الله تجعل من المنطقة الاقتصادية الخالصة منطقة خارج حسابات المواجهة مع العدو الاسرائيلي رغم وجود منطقة تمتد من الشاطئ اللبناني الى زاوية البلوك رقم 9 يمكن تسميتها بمزارع شبعا بحرية، أي أنها منطقة معلقة على تضارب مصالح مع العدو الاسرائيلي ومنطقة نزاع من الناحية القانونية ومنطقة تماس من الناحية الواقعية،وهي المنطقة التي تضم الطفافات الإسرائيلية ومختلف على حدودها البرية عند شاطئ، الناقورة.

ثالثا:كيف سيتدبر لبنان أمره في تصريف منتجاته النفطية الى الاسواق الاوروبية من دون التداخل مع الخطوط التي  تتشارك بها بلدان منطقة شرق المتوسط بما فيها اسرائيل،وهل سيتمكن لبنان من ان يفرض على شركة توتال تمديدات خاصة به خارج البنية التحتية الاقليمية المعتمدة، وتمثل هذه النقطة الثالثة تحديا كبيراً  يجب أن يتحسب له لبنان منذ اللحظة الراهنة، خاصة وان الرئيس الاميركي جو بايدن يعتبر “أنه لا ینبغي أن تكون الطاقة في شرق المتوسط سببا للصراع، بل أداة للتعاون والاستقرار والأمن والازدهار”.

وسط ما تقدم يمكن القول  ان حزب الله  قدم أداء مرنا وعقلانيا في التعاطي مع الدولة اذ سلمها زمام الأمر وترك لها تقدير الحدود والحقوق وحصر دوره في البعد العسكري الردعي الامر الذي يمكن ان تتم قراءته بوصفه نموذجا لما يجب ان تكون عليه العلاقة في اطار بحث الاستراتيجية الدفاعية وهي تجربة يجب ان تكون محل قراءة ومتابعة من المعنيين للبناء عليها، علما ان  اوساطا مراقبة تعتبر ان حزب الله، بعد انجاز ترسيم الحدود البحرية والذي يعتبره انتصارا كبيرا للبنان، ثبت مجددا موقعه في أي تسوية قد تحصل في ما خص صيغة النظام والانتخابات الرئاسية التي ستكون له فيها الكلمة الفصل.

زر الذهاب إلى الأعلى