هل شارف مصير رياض سلامة على نهايته؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية
نداء الوطن –
هل فعلت وحدة التعاون القضائي الأوروبية «يوروجاست» ما عجزت عن فعله السلطات اللبنانية، ومن هي الأسماء المشتبه فيها في تبييض أموال واختلاسها؟ وهل سيتحرك القضاء اللبناني هذه المرة ليعيد للبنان أموالاً عامة تمّ تهريبها إلى الخارج؟ خبر أعاد إلى الأذهان حاكم مصرف لبنان وشقيقه الموقوف رجا سلامة ليطرح ألف علامة استفهام حول ما إذا كانت الساعات المقبلة ستحمل الكثير من المفاجآت حول ملفات مالية وتهريب أموال إلى الخارج. كل ما قيل عن الخبر بتفاصيله دلّ إلى وجود علاقة لسلامة وشقيقه، ما يبعث على التساؤل: هل شارف مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على نهايته؟
وفق ما أعلن من معطيات وما أفصحت عنه الوقائع فإن الطوق بدأ يضيق حوله أكثر فأكثر حتى لتخال أن أيامه صارت معدودة. وطالما أنه لا يزال في دائرة الاشتباه بينما شقيقه موقوف فلا يمكن لأي حكومة أن تسمح له بالاستمرار في مسؤولياته وهو موضع شك لورود اسمه بملفات مالية تجاوزت حدود لبنان إلى دول أوروبية. وقصة سلامة هي قصة رجل بلغت جذوره تركيبة النظام اللبناني، فإذا بها تتعرض للخلل للمرة الأولى في تاريخها بفعل تراكم ملفات داخلية وخارجية بحقّه.
مصادر متابعة للملف عن قرب كشفت أن ألمانيا أبلغت لبنان عبر جهات دبلوماسية أنها تعتزم والاتحاد الأوروبي فتح تحقيق مشترك ضد سلامة وشقيقه وأن ألمانيا في أقصى درجات الانزعاج من سلامة وتحدثت عن تطورات ستكشف في الأيام المقبلة مصدرها تحقيق قضائي مشترك ألماني أوروبي. وقد تبيّن أن الأموال التي جناها سلامة وشقيقه من fory وغيرها دفعت مقابل شراء عقارات في سويسرا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وموناكو وبريطانيا.
وشكل قرار المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون توقيف شقيق حاكم المركزي رجا سلامة نقطة مفصلية بعد عرقلة عملية التدقيق الجنائي والتقاعس قضائياً، أعقبه تحوّل مهمّ تمثل في تقدم الاتحاد الأوروبي، ومن قبل المدعين العامين في عدد من الدول، بطلب تحقيق مشترك بملفات متصلة بالشقيقين سلامة لاكتشاف وجود ملفات متداخلة لشخص واحد في أكثر من دولة ما استدعى في حينه اجتماعاً دعي إليه في باريس القاضي جان طنوس ومنعه مدعي عام التمييز غسان عويدات من المشاركة. يومذاك كانت الحماية السياسية لا تزال متوافرة لسلامة ولم يرفع عنه الغطاء القضائي، وتبلّغ لبنان عتباً أوروبياً لعدم تجاوبه.
استكمل الملف وزاد عدد الدول المدعية على سلامة، وفي خبر من لاهاي أن وحدة التعاون القضائي الأوروبية «يوروجاست»، أعلنت أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمّدت أصولاً لبنانية بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) إثر تحقيق في قضية تبييض أموال، مشيرة إلى مصادرة 5 عقارات. وقالت الوحدة، في بيان، إن التحقيق استهدف 5 مشتبه فيهم في تبييض أموال و»اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021».
لم يذكر سلامة بالاسم ولكنه المقصود حكماً وفق تأكيدات المطلعين على الملف، قالوا إن هذا المبلغ هو بدل العمولات التي تقاضتها شركة «fory» لقاء عمليات بيع وشراء سندات خزينة وحولت قسماً من المبلغ إلى لبنان فيما تم توزيع المبالغ المتبقية في عدد من الدول في الخارج. وتؤكد أن الشركة المذكورة نالت العمولة خلافاً للقانون خاصة أن سلامة أنجز الاتفاق مع شقيقه.
الملفات التي فتحت لم يعد ممكناً إقفالها بسهولة، وإذا كان لبنان تخلّف عن القيام بواجباته القضائية فإن الدول الأوروبية المعنية أخذت على عاتقها فتح الملفات وكانت تبادلت معلومات متعلقة بسلامة مع لبنان في عهد وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم حين تبلغ لبنان برفع عدة دعاوى لملاحقة سلامة لكن القضاء اللبناني لم يتحرك.
ضربتان قد تكونان قاضيتين تعرض لهما سلامة، توقيف شقيقه حيث لا يزال التحقيق معه مستمراً مع ما سيتم الكشف عنه في ضوء التحقيقات الجارية، وخطوة الاتحاد الاوروبي. فكيف سيتصرف القضاء اللبناني هذه المرة وما الرد الذي سيقدمه عويدات الذي لن يكون بإمكانه إغفال التعاطي مع الملف مثلما سبق وحصل المرة الماضية. والسؤال الذي لا يقلّ أهمية هو عن مصير الأموال المجمّدة والتي يفترض أنها من المال العام الذي يفترض أن تتحرك الدولة لاسترجاعه؟
مجدداً يكون مصير سلامة بيد القاضي عويدات. لم يصدر حكم بحقه بعد بل ادّعوا عليه واستناداً لذلك حجزوا الأموال لاستكمال التحقيق. فهل ستنتهي فصول حكاية الحاكم عمّا قريب ليفرض السؤال عن البديل نفسه على جدول أعمال الحكومة.
تلك الحكومة التي وعدت الوزراء بدعوة سلامة لحضور جلستها المقبلة لكن الجلسة ستعقد في بعبدا هذا الأسبوع ومن المستبعد جداً قبول رئيس الجمهورية ميشال عون باستقبال سلامة في القصر الجمهوري كما لا يمكن للحكومة أن تتجاهل المستجد القضائي بحق الحاكم المركزي الذي تراكمت بحقه الشبهات فصار لزاماً عليه أن يتنحّى طوعاً بانتظار تبرئة نفسه أو تتولى السلطة التنفيذية تنحيته لتأخذ العدالة مجراها.