الأندية الاردنية تسير بثقة .. صوب المصيدة..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
بلغ إجمالي إيرادات أكبر “10” أندية في العالم “6.255” مليار دولار، وهو مبلغ ضخم في عالم كرة القدم، حيث يبين أهمية اللعبة في العالم وقدرتها على السيطرة والهيمنة بفضل قوة متدحرجة اقتصادية إعلامية، لكن الغريب ان هذه القوة لا نجد لها وجود في العالم العربي حيث تسيطر النزعات الفكرية والاجتماعية على الأندية، والتي تتم إدارتها باحدى طريقتين، فهي اما مراكز لتبرعات كبار الأعضاء كما يحصل في عديد أندية الخليج العربي والتي تنال المال من الدولة القوية اقتصاديا والاثرياء الذين يشجعون الفريق، أو هي مجرد أندية تعيش على الصدقات وكفاف يومها، كون الدخل المتأتي بطرق واضحة قليل جدا في ظل إحجام رأس المال عن التعامل مع الأندية سواء بالدعم أو الرعاية والشراكة، بسبب تراجع الثقة في الفائدة المرجوة من هذه الاتفاقات التي لا تعود في الغالب بفائدة على الشريك المالي.
ويظهر الفارق كبير وفاضح وواضح وجلي بين إدارات تعرف هدفها وأخرى ضلت الطريق، فمجالس إدارات الأندية الاوروبية تتعامل مع الأندية كمؤسسات ربحية، يتم تقييم عملها على مبدئي الربح والخسارة المالية ثم النتائج التي يجب أن تكون عامل مساعد في الربح وليس زيادة الديون وتراكمها، وهذا يعني “ماذا لو ربح جميع البطولات وتراجعت إيرادات النادي، فهذا لا يعني شيء”، لأن النادي حينها وبكل بساطة سيغلق أبوابه أو يصبح غير قادر على تقديم الخدمات لأعضائه، وقد يصبح غير قادر على إبرام عقود جديدة، لذا يركز المحترفون في مجال صناعة كرة القدم على حوكمة المؤسسات النادوية وعدم التعامل معها كملكيات خاصة تتم إدارتها بطرق شخصية، والأخيرة هي الطريقة التي يتم من خلال إدارة أندية بلاد الشام وشمال افريقيا وتعتبر “متخلفة” قياساً بالطريقة الأوروبية.
وللمعرفة كما أوردت شركة المحاسبة “ديلويت” عن إيرادات الأندية الكبرى، فقد بلغت لنادي مانشستر سيتي الانجليزي “804” مليون دولار، يليه ريال مدريد الإسباني “785” مليون دولار وليفربول الإنجليزي “772” مليون دولار، ونادي مانشستر يونايتد الإنجليزي “758” مليون دولار، مقابل “719” مليون دولار لباريس سان جيرمان الفرنسي، وحقق بايرن ميونخ الألماني أجمالي إيرادات “687” مليون دولار، وبرشلونة “”670” مليون دولار، تشلسي “550” مليون دولار، توتنهام “550” مليون دولار والارسنال “455” مليون دولار، وهذه مبالغ تصيب من يتابع الكرة العربية بالاحباط ،وتبين ان الطريق طويل جداً بسبب ضعف الامكانات من جهة والتي لا تتجاز عدة ملايين في عديد الدول العربية، إضافة لسوء الادارات من جهة أخرى كون العمل في الأندية لا يخضع لاي قدرات خاصة بل لجمع الأصوات ثم العبث بمقدرات الأندية.
وغالبية الأندية التي تتصدر التنصيف المالي غير مملوكة لأشخاص أو شركات في الدول التي تقع فيها، كون الدول تتعامل بغالبيتها بطريقة التجارة الحرة، فالأندية الانجليزية الوارد ذكرها من بين أفضل “10” أندية في العالم تتوزع مليكتها على شركات واشخاص من عدة جنسيات، فمانشستر سيتي مملوك لمجموعة ابو ظبي الاماراتية، وليفربول مملوك لمجموعة فينواي الأمريكية، ومانشستر يونايتد لعائلة جيلرز الأمريكية، وتشلسي أصبح مملوك للأمريكي تود بولي، فيما يملك نادي توتنهام الانجليزي جو لويس، ويمتلك نادي الارسنال شركة كرونك سبورت الأمريكية، ويملك القطري ناصر الخليفي نادي باريس سان جيرمان، ويعتبر نادي بايرن ميونخ شركة مساهمة لحوالي “200” ألف عضو، فيما يمتلك نادي ريال مدريد مجموعة كبيرة من الاعضاء، ولا يمكن بيعه لاي شخص إلا إذا تم حل النادي بكامله، كما ان برشلونة على ذات طريق مدريد.
وتُظهر الأندية جدية في عملية حمايتها من التعرض للتراجع من خلال قوانين ناظمة في ألمانيا واسبانيا، وسوق مفتوح لرأس المال في انجلترا التي تعتبر أنديتها الأغنى في العالم، وهو ما يطرح سؤال عربي كبير، أي الطريقين أفضل للكرة العربية، طريق السوق المفتوح أو المسؤولية المشتركة؟، وللأسف في الوطن العربي وبالذات الاردن لا يتم الاستعانة باي من الطريقتين لتتجاوز مديونية الأندية قيمتها، وهو ما يعني أنها مهددة بالإفلاس في حال اي مواجهة حقيقية مع الدائنين، وهو ما ظهر في نادي الجزيرة بسبب الادارة الهشة لرؤساءه الذين ارهقوه مديونية، وهي ذات الطريق التي تسير عليها غالبية الأندية الكُبرى، حيث تستدين دون أصول مالية أو قدرات على السداد، وتمارس لعبة “تلبيس الطواقي” كما يقال في العامية، فالمديونيات لأصدقاء وأشقاء الرؤساء تتزايد لفرض السيطرة على الأندية وإغلاق الباب أمام أي محاولة لانتشال هذه الأندية من الرمال المتحركة التي تجرها للأسفل، لذا ستجد الأندية بعد فترة زمنية ليست بالبعيدة أنها تسير بثقة وقوة وعنفوان صوب مصيدة يصعب الخروج منها لتكون النهاية مأساوية.