الدمُ بالدمِ.. والنارُ بالنار!
بقلم: رمضان الرواشدة
النشرة الدولية –
أحسنَ صُنعا، قائد الجيش، اللواء الركن يوسف باشا الحنيطي، بتعليماته المباشرة لضباط وأفراد الجيش العربي بتغيير قواعد الاشتباك المتّعبة مع المهربين و”العصابات» التي تقف خلفهم على طول حدودنا مع سوريا وملاحقة كافة العناصر التي تستهدف وتسعى للعبث بالأمن الوطني.
فالآن، الوضع تغيّر، تماما، وهذا التغيير يعني ليس فقط الضرب بيد من حديد لقتل كل من تُسوّل له نفسه اختراق حدودنا، بل يتعداه إلى تنفيذ عمليات التعرض ومهاجمة المهربين في وكرهم وهي رسالة أن قواتنا العسكرية قادرة على الوصول اليهم أينما كانوا.
إن دماء الشهداء وآخرهم الشهيدان الخضيرات والمشاقبة لم ولن تذهب هدرا، فقبل أيام قام الجيش بقتل 27 مهربا مسلحا، حاولوا التسلل إلى اراضينا.. وهذا من شأنه أن يرفع معنويات جنودنا وأهاليهم وأهالي الشهداء.
وكل أردني يؤمن بأن الوطن يستحق بذل الأرواح في سبيل استقراره والذود عنه، كما قال اللواء الحنيطي، في زيارته قبل أيام، إلى مواقع عسكرية متقدمة على الحدود.
لقد تمكن الجيش العربي خلال عامي 2020 و2021 من إحباط تهريب ملايين الحبوب المخدرة وكميات كبيرة من الحشيش إضافة إلى مئات قطع الأسلحة وآلاف الذخائر..
منذ بداية نشوب القتال والأزمة المسلحة في سوريا عام 2011، ومع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى الأردن، واكتشاف تسلّل بعض مجموعات إرهابية بينهم… وضع الأردن خطته العسكرية للتعامل مع التهديد الواضح للأمن الوطني القادم من حدودنا الشمالية. وكانت العيون مفتوحة على مدار الساعة تراقب التطورات العسكرية الميدانية القريبة من «المنطقة الحمراء».
واستطاع الجيش، خلال هذه السنوات، إحباط عمليات تسلّل كبيرة لتهريب الأسلحة والذخائر والمخدرات من عصابات تقف خلفها «جهات منظمة».. وبنفس الوقت فإن الاستراتيجة السياسية والعسكرية والحراك الدبلوماسي الأردني المكثّف استطاع منع تغلغل بعض الفصائل والتنظيمات الإرهابية ونقل عملياتها إلى داخل الأردن أو جرّ الجيش للدخول في الصراع العسكري الدائر في سوريا..
كانت الرسالة واضحة لكل الأطراف المتصارعة، وحلفائهم الإقليميين و«المليشيات الحزبية» التابعة لهم، أن الاقتراب من الأردن من المحرمات ولن يقبل أبدا تعريض أمنه الوطني للخطر أو اختراق ساحته -كما حاولت بعض الجهات المنظمة أن تعمل–ولكن تم احباطهم وردّهم على اعقابهم ملومين محسورين.
إن حكمة القيادة الأردنية، ووعيها لتداعيات ومخاطر النزاع المسلح في سوريا وانعكاساته على الأمن الأردني، جنّبت البلاد مصائب كثيرة كان من بينها محاولات «بعض الجهات» نقل الأزمة إلى الداخل الأردني للتخفيف عليها داخل سوريا.
وفي نفس الوقت، رفض الأردن كل المحاولات والضغوط والإغراءات من دول إقليمية ودولية، للدخول والتورط كطرف في النزاع المسلح ما جنّب الأردن مخاطر وكُلف مثل هذا التورط وانعكاساته الداخلية.
يقف جيشنا العربي، اليوم، حائط صدٍّ كبيرٍ في وجه كل «المنظمات» والجهات التي تقوم بتصنيع المخدرات، محاولة تهريبها إلى الأردن أو عبر الأردن إلى دول الخليج – وبالذات السعودية – انطلاقا من رؤية مبدئية أن أمن دول الخليج من أمن الأردن، وبنفس الوقت، فإن أمن الأردن واستقراره هو من أمن ومصلحة دول الخليج.
ومن ينظر إلى احصائيات الكميات التي تمت مصادرتها من المخدرات والأسلحة، خاصة خلال العامين الماضيين، أو عمليات التسلل المسلحة التي تم وأدها يدرك الحجم الكبير الملقى على عاتق الجيش العربي والأعباء التي يقوم بها دفاعا عن أمننا الوطني والأمن القومي العربي..
الدمُ بالدم.. والنارُ بالنار، فدماءُ شهدائنا غالية علينا، ودماءُ الشهداء تظُّل عن الثأر تستعلم.