السجن المنسي والعفو الحدسي
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
تتزايد الدلائل، يوماً بعد يوم، على عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، بعد ثلاث سنوات من خسارته لموطئ قدمه الأخير في ما يسمى بدولة الخلافة.
وبما أن لداعش القدرة على شن هجمات متعددة ومنسقة ومتطورة، فهذا دليل على أن ما كان يعتقد أنه خلايا نائمة متباينة قد ظهر مرة أخرى كتهديد أكثر خطورة، وإعلان بقدرة التنظيم على الصمود والرد في الزمان والمكان اللذين يختارهما. فقد هاجم مقاتلوه قبل أيام سجناً في مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، في محاولة لإطلاق سراح 3500 من سجنائهم، واحتجزوا مجموعة من الصبية المساجين رهائن لاستخدامهم دروعاً بشرية، وتدخل الجيش الأميركي في القتال إلى جانب القوات الكردية المدافعة، ومع هذا استمرت سيطرة داعش لأيام قبل انسحابهم واستسلام بعضهم.
وقال Ardian Shajkovc مدير المعهد الأميركي لمكافحة الإرهاب: إن العديد من مقاتلي داعش الذين اعتقلوا في هجمات منذ أن فقد التنظيم آخر أراضيه قبل ثلاث سنوات، كانوا أصغر سناً، وينحدرون من عائلات لديها أعضاء أكبر سناً لهم صلات بداعش، وإن هذا يعني وجود جيل جديد من المجندين الذين بإمكانهم تغيير الحسابات!
***
يوجد في سجن سيناء في الحسكة الآلاف من شباب داعش، بينهم 700 قاصر، منهم 150 طفلاً أجنبياً، تم إحضارهم إلى «دولة الخلافة» من قبل آبائهم وهم صغار. وسلطت المعركة على سجن الحسكة الضوء على محنتهم، وكيف نسيتهم دولهم العربية، وتجاهلتهم دولهم الغربية، وبينهم من لا يتجاوز عمره 12 عاماً، وكان تنظيم الدولة الإسلامية في عز قوته عندما توجه ما يقدر بأربعين ألف أجنبي، بمن فيهم من نساء وأطفال، إلى سوريا للقتال أو العمل من أجل الخلافة، وولد لهم آخرون، وعندما سقط «داعش»، وضع الناجون من النساء والأطفال الصغار في معسكرات قذرة ومكتظة تفتقر لكل شيء، بينما أرسل الفتية المشتبه بهم، وبعضهم في سن العاشرة، إلى السجن.
كما أن التطرف يزداد بين سكان معسكرات التهجير، مع زيادة تطرف شريحة من المعتقلين الذين يرهبون سكان المخيم الآخرين. وعندما يصبح الأولاد في المخيمات في سن المراهقة، يتم نقلهم عادة إلى سجن سيناء، حيث يكدسون في زنازين مكتظة وغير صحية. ولا يبدو أن أحداً يعرف ماذا يمكن فعله إزاء هؤلاء السجناء الأطفال الذين أصبحوا رجالاً مشربين بالعنف والتطرف، ولا تريد جهة استردادهم!
***
ومن جهة أخرى، تزايدت مؤخراً هجمات تنظيم داعش على القوات العراقية والكردية، مستغلاً الخلافات اللوجستية الشكلية بين الطرفين. كما قتل «داعش» جنوداً وصيادين عراقيين عرباً وأكراداً، وقام بتصوير عمليات الإعدام، وعملية قطع رأس عقيد في الشرطة العراقية، في تذكير مخيف بجرائم التنظيم الوحشية.
***
وفي تزامن مع تزايد مخاطر تنظيم داعش تزمع السلطات في الكويت إصدار عفو عن بعض الإرهابيين الذي سبق أن شاركوا في عمليات قتالية وإرهابية في سوريا مع داعش، وغيرهم من الإرهابيين، الذين صدرت بحقهم أحكام سجن تتعلق بقضايا أمن دولة.