دريد ومحروقو القلوب على المتقاعدين
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يقول الشاعر دُرَيْدِ بنِ الصِّمَّة

وقلتُ لِعارِضٍ وأصحابِ عَارضٍ

وَرَهطِ بني السَّودَاءِ والقومُ شُهَّدِي

وقلت لهم ظُنُّوا بألفَيْ مـــُـــــــــدَجَّجٍ

سَـــــــــراتُــــهــــــم بالفــــــــارسيِّ المُــــسرَّدِ

فلما عَصَوْني كنت منهم وقد أرَى

غَــــــــوَايتَــــــهم وأنَّــنِي غيرُ مهتدِ

أَمــــــرتُهم أَمــــــرِي بِمُنْعرَجِ اللِّــــوىَ

فلمْ يَسْتَبِينُوا الرُّشْدَ إلا ضُحى الغَدِ

***

تعتبر «مؤسسة التأمينات الاجتماعية» صندوق ضمان تقاعد المشاركين فيه، وهي تلزمهم، وأحياناً كثيرة تلزم الجهات التي يعملون بها، على دفع مبالغ محددة شهرياً للصندوق ليقوم مجلس الإدارة باستثمارها، ومنها يتم دفع المعاشات التقاعدية للمشتركين في الصندوق، بعد تقاعدهم.

وبالتالي، فإن المؤسسة ليست شركة خاصة ولا حكومية، بل صندوق ضمان، وهذا ما يجب على المتقاعدين، الذين يطالبون المؤسسة بتوزيع أرباح عليهم، فهمه واستيعابه، وتقبله!!

***

لا جهة لها مصلحة مباشرة مع مؤسسة التأمينات عدا تلك التي تستثمر أموال المتقاعدين لديها، ولست من هذه الجهات. وبالتالي، فإن دفاعي عن المؤسسة، أو بالأحرى انتقادي الشديد للمتقاعدين المطالبين بتوزيع أرباح سنوية عليهم، إضافة إلى مجموعة أخرى من المزايا، لم يأت من مصلحة شخصية، بل من منطلق علمي ومنطقي يصب في مصلحة المتقاعد والمؤمن عليه! فهذه المطالبات غير المنطقية ستؤدي حتماً، قولاً وفعلاً، إلى إفلاس المؤسسة خلال فترة لا تزيد على عشر سنوات، وسأخسر أنا كمتقاعد راتب التقاعد الذي أتلقاه حالياً من المؤسسة، كما سيخسر أبنائي الذين سيتقاعدون قريباً أموالهم التي دفعوها للمؤسسة لضمان شيخوختهم!

وبالتالي، فإن ما يقوم به «تجمع حقوق المتقاعدين» من زيارات لكبار المسؤولين في الدولة بغية إقناعهم بالضغط على التأمينات لتقوم بتوزيع أرباح نقدية عليهم، وهم لا يستحقونها أصلاً، تضييع وقت وفي حكم الكارثة المالية على كل المشتركين في التأمينات، وأشك كثيراً في أن مجلس إدارة المؤسسة «سيوافق يوماً» على مبدأ توزيع أرباح على المتقاعدين، لعلمه بأن في ذلك إفلاس المؤسسة، فضلاً عن أن قانونها ونظامها، والحق والمنطق، لا يسمح لها بذلك بتاتاً!

***

لقد نصحتكم، يا «أصحاب القلوب المحروقة على مصالح المتقاعدين»، ولكن يبدو أنكم لا تريدون أن تستبينوا الرشد….. إلا ضحى الغد… وفي ضحى الغد يكون الوقت قد فات!!

 

Back to top button