ضبط 17 شبكة تجسس إسرائيلية في لبنان

أكبر عملية أمنية منذ عام 2009 كشفت عن وجود خرق في "حزب الله"

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية – سوسن مهنا –

تحاول إسرائيل استغلال الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة التي يعيشها الداخل اللبناني، والتسلل إلى المجتمعات الداخلية، علها تحدث خرقاً أمنياً ضمن حرب مفتوحة.

وليس سراً أن إسرائيل تزرع عملاء لها في لبنان والعالم، منذ قيام دولتها، بحيث اكتسبت سمعة بأنها تمتلك أقوى أجهزة المخابرات العالمية. وهذا يعود إلى الأهمية التي توليها تل أبيب لأجهزة المخابرات لديها، حيث يجمع المعلقون العسكريون في إسرائيل على أن “الشاباك” هو أكثر الأجهزة الاستخبارية في العالم قدرة على إحباط ما يسمونه “عمليات الإرهاب”، وهذا النفوذ الواسع الذي يحظى به “الشاباك” هو الذي جعل ناحوم بارنيع كبير معلقي صحيفة “يديعوت أحرنوت” إلى اعتبار “الشاباك” الحاكم الحقيقي للدولة.

17 شبكة تجسس

في تطور أمني لافت، كشف وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، ضبط 17 شبكة تجسس لمصلحة إسرائيل، وتبين أن دور هذه الشبكات محلي وإقليمي.

وبحسب المعلومات، فإن عدد الجواسيس الذين أوقفوا 20 جاسوساً، موزعين على مدن بنت جبيل وصور وصيدا وبيروت وكسروان وطرابلس، إضافة إلى عشرة مشتبه فيهم.

ووفق المعلومات التي تداولها الإعلام اللبناني، فإن أحد الجواسيس مقرب من الشيخ أحمد الأسير، وآخر عنصر في التعبئة العامة التابعة لـ “حزب الله”، وآخر مسؤول حملة انتخابية لمرشح نيابي في صيدا، إضافة إلى أحد الوجوه البارزة في الثورة، وشخص من فرع المعلومات أيضاً.

وكان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، أعلن تفكيك أكثر من 15 شبكة تجسس إسرائيلية في البلاد، منفصلة عن بعضها بعضاً، تنشط على مختلف الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى الأراضي السورية.

أكبر شبكة تجسس منذ عام 2009

وتصف مصادر قوى الأمن الداخلي الشبكة بأنها أكبر شبكة تجسس في لبنان، في أكبر عملية أمنية ضد التجسس الإسرائيلي منذ عام 2009، وسُجل فيها تهاوي شبكات الموساد الإسرائيلي، واحدة تلو الأخرى. وأضافت أن الجهاز الأمني اللبناني تمكن خلال أربعة أسابيع، من وضع يده على ملفات تتعلق بالعشرات (حوالى 35 شخصاً) من المشتبه في تورطهم بمد إسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبعلم أو من دون علم مسبق بمعطيات تتعلق بأهدافه، لا تنحصر فقط بجمع معطيات عن المقاومة ومراكزها، بل بعملية مسح شاملة تشمل أيضاً قوى المقاومة الفلسطينية الموجودة في لبنان،  لا سيما حركة “حماس”.

وفي المعلومات أنه بعد تفجير مخيم البرج الشمالي في صور، بدأت شعبة المعلومات بالوصول إلى معلومات تتعلق بصلة بين أحد الأشخاص المقربين من حركة “حماس” وبين التفجير الذي وقع في المخيم، وبنتيجة تتبع حركة الاتصالات والرصد، تمكنت الشعبة من فك شيفرات كثيرة ترفض المصادر الأمنية الإفصاح عنها حتى الآن.

وثمة تكتم كبير على تفاصيل العميلة التي تضم عدداً كبيراً من المشتبه فيهم “بالتعامل مع إسرائيل”، في محاولة قدر الإمكان إحاطة العملية بسرية غير مسبوقة عبر الإجابة عن أسئلة المراجعين في شأن أسباب التوقيفات بأنها حصلت على خلفية ملفات تزوير ومخدرات.

وتؤكد المصادر الأمنية أنه نتيجة العمل المكثف، اكتشفت شبكات متعددة غير مرتبطة ببعضها بعضاً، وأوقف عديد من المتهمين الذين يخضعون للتحقيق.

وتفيد المعلومات بأن أحد الجواسيس يعمل داخل مول في مدينة صور، وهو من مدينة صيدا القديمة ومن عائلة “أ. حنينة ” أما الموقوف الثاني “و م. عويد” (فلسطيني) في شرحبيل، “و م. عبد العزيز” وشقيقه (فلسطينيان) مع شخص ثالث أوقفوا في سيروب، وترددت معلومات عن توقيف فتاة من ضمن الشبكة لم يكشف عن هويتها، وتوقيف أحد المتورطين في صور، ومداهمة منزله ومنزل جاسوس آخر في اللحظة نفسها، كما تمت مصادرة كميات كبيرة من علب الهدايا والعطور وعدد من الحواسيب.

عنصر من “حزب الله”

وتشير المعلومات إلى أن الشبكات كانت موزعة على كل الأراضي اللبنانية ومن طوائف مختلفة، وتبين وجود خرق في “حزب الله” تمثل في تجنيد أحد عناصر التعبئة في الحزب، (وهو من بلدة جنوبية) شارك في مهماات في سوريا.

وأوقف جهاز أمن الحزب المشتبه فيه، وقيل بعد التحقيق معه “إنه جُنّد بواسطة منظمة ادعت أنها تعمل لمصلحة الأمم المتحدة، وتقوم بأعمال إحصاء ودراسات واستطلاع رأي”، بحسب وسائل إعلام لبنانية.

وتم اكتشاف مشتبه فيه سوري موجود في دمشق، نسق الجهاز الأمني التابع لـ “حزب الله” مع الأجهزة الأمنية في سوريا لتوقيفه. وقد أقر بأنه كان يعمل على رصد مقار مدنية وعسكرية وتجارية، ويوفر خرائط طرقات ومبان في دمشق، من دون أن يعرف الهدف من وراء جمع هذه المعلومات.

لا يعلمون أنهم يعملون لصالح إسرائيل

وبحسب ما رشح عن التحقيقات حتى الآن، أن غالبية الموقوفين تم تجنيدهم بشكل غير مباشر بذريعة العمل على جمع معطيات عن الساحة اللبنانية، وإجراء أبحاث وتجميع معلومات، ومعظمهم لم يكن يعلم بأنه يعمل لصالح إسرائيل.

فيما بعضهم يعلم بذلك وطُلب منهم شراء خطوط خلوية، والعمل على تشكيل غرف معلومات افتراضية لتبادل المعلومات. وتمكنت شبكات التجسس من اختراق عدد من العاملين في منظمات وجمعيات غير حكومية وتجنيدهم لجمع معطيات عن الوضعين السياسي والاجتماعي، ومعلومات عن عقارات ومنازل في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب، إضافة إلى معلومات تقليدية عن مراكز لـ”حزب الله” وبعض مراكز الجيش، ومعلومات عن أفراد في “حزب الله”، والاستفسار عن علاقات لأشخاص مع أفراد ومسؤولين في الحزب.

كما تم التركيز على مجموعات حركة “حماس” في مخيمات لبنان، مع طلب المشغلين رصد قدوم أشخاص فلسطينيين من خارج المخيمات إليها، ورصد بعض الأمكنة التي يمكن أن تكون مخصصة للاستخدام العسكري. ويركز التحقيق على صلة المشتبه فيهم بانفجار مخيم البرج الشمالي في 11 يناير (كانون الأول) الماضي. ومن بين الموقوفين مهندسو اتصالات طلب من أحدهم التخطيط لتأسيس مراكز اتصالات في بيروت.

أبرز الدوافع “مالية”

أما عن طريقة التواصل، فكانت تتم عبر مواقع إلكترونية وغرف دردشة مغلقة، أو عبر اتصالات هاتفية بواسطة خطوط هاتف لبنانية. وقد تبين أن معظم عمليات التجنيد تحصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأن دافع عدد كبير من المتهمين الحاجة إلى المال بسبب الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد.

أما عن طريقة إرسال الأموال فعبر شركات تحويل الأموال (OMT, Western Union)، آتية من بلدان مثل أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية وأفريقيا وآسيا، حيث تحول على دفعات صغيرة كي لا تلفت الأنظار.

اعترافات

في المقابل، تبين أن أحد الموقوفين، برّر تعامله مع العدو بأنه يكره “حزب الله” و”مستعد للقيام بأي شيء ضد الحزب”. واعترف بأنه بادر إلى الاتصال بالإسرائيليين الذين نقلوه في إحدى المراحل إلى الأردن، حيث خضع لدورات متخصصة وفحص كشف الكذب، ومن ثم أُخضع إلى تدريب على استخدام طائرات من دون طيار. وقد زُود بإحداها واستخدمها في بعض مهامه.

أحد الموقوفين، اسمه الأول سيرجيو، وهو يعمل في واحدة من الجمعيات التي نبتت بعد 17 اكتوبر (تشرين الأول) 2019، أقر بأنه تلقى تمويلاً لشراء آلاف الكمامات من أجل توزيعها، بعد أن يطبع عليها عبارة “كلّن يعني كلّن… نصر الله واحد منن”.

وأقرّ أحد الموقوفين بأنه، مقابل 300 دولار، خبّأ شرائح هاتفية (Sim cards) في ثقب أحدثه داخل أحد الكتب، قبل أن يشحنه إلى عنوان خارج لبنان بواسطة شركة “دي أتش أل” DHL. وأقر ثلاثة من الموقوفين بأنهم، بناءً على أوامر من مشغليهم، عملوا على الاستحصال على إفادات عقارية لمعرفة أسماء مالكي عقارات في مناطق مختلفة. كما طُلب منهم استئجار شقق في عدد من المناطق وترك مفاتيحها في أمكنة معينة.

بيان رسمي

من جهة ثانية، صـدر عـن الـمـديـريـة الـعـامـة لـقـوى الأمـن الـداخـلـي – شـعـبـة الـعـلاقـات الـعـامـة بيان ورد فيه، أن القوى الأمنية أوقفت حتى الآن سبعة عشر شبكة تعمل لصالح العدو الإسرائيلي، والتحقيقات لا تزال مستمرّة بإشراف القضاء المختص.

وأضاف البيان “تعليقاً على ما ورد في صحيفة الأخبار عن توقيف شبكات تعمل لصالح العدو الإسرائيلي، يهم المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن توضح ما يلي: تستغرب المديرية عدم الحسّ بالمسؤولية من هذه الوسيلة الإعلامية خاصة قبل الانتهاء من التحقيقات. مع العلم أننا في كل مرّة يصدر من قبلنا بيان مفصل عن استكمال أي تحقيق”.

وتابعت “لا صحة لوجود أي خرق لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أو أي توقيف لضابط أو عنصر في هذه الشعبة أو في أي جهاز أمني أو عسكري آخر”.

وختمت المديرية بيانها أنها “إذ تهيب بوسائل الإعلام الالتزام بالدقة والتأكد من المعلومات قبل نشرها”.

زر الذهاب إلى الأعلى