لبنان و مَعركة التَغيير»!
بقلم: محمد خرّوب
النشرة الدولية –
من عجائب لبنان التي تتكشّف يوماً بعد يوم, خاصّة في ظلّ الانهيار الشامل الذي تعيشه بلاد الأرز بـ”فضل» نخبها السياسية/والحزبية والاقتصادية/المالية، على نحوٍ باتَ فيه أكثر من ثلثي الشعب اللبناني يعيشون تحت خطّ الفقر, في غياب شبه كامل للدولة ومؤسساتها الإدارية والخدمية واللوجستية.. تبرز مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار القريب (إن جرَت) والتي ستعقبها انتخابات رئاسية نهاية تشرين الأول المقبل.. تبرز معطيات ومؤشرات على انخراط قوى/وأحزاب/ وشخصيات في التحضير لهذه الانتخابات التي يراها البعض أنّه? مصيرية وحاسمة وغيرها من الأوصاف, التي لا يتوقف فريق 14 آذار عن إطلاقها, خاصّة في ما يتعلق بشعار «استرداد الدولة والسيادة والاستقلال», كشعارات ملّ اللبنانيون سماعها من أقطاب لا تعكس مسيرتهم السياسية ولا سيرتهم الذاتية وسلوكهم الشخصي صِدقاً والتزاماً، خصوصاً إسهاماتهم المعروفة في إشعال الحرب الأهلية ارتباطاً بقوى خارجية تقف في مقدمتها إسرائيل، كما هي حال سمير جعجع/رئيس حزب القوات اللبنانية الفاشي, بما هي الذراع العسكرية لحزب الكتائب الفاشي/العنصري, الذي أشعل الحرب الأهلية وما تزال الكتائب كما سمير جعجع يحتف?ون كلّ سنة بذكرى الذين سقطوا من قواتهم في الحرب الأهلية خالعين عليهم وصف «شهداء المقاومة اللبنانية», وهم كانوا في واقع الحال مُجرّد ميليشيا قتلة تتحرك وفق اتفاقيات لم تعد سراً مع العدو الصهيوني، إعترف بها وريث عائلة الجميل/رئيس حزب الكتائب الحالي/سامي الجميل, الذي قال في انه يفتخر بمسيرة الحزب وتاريخه منذ تأسيسه حتّى الآن».
ما علينا…
باقتراب موعد الانتخابات وبعد الزوبعة التي أحدثها قرار سعد الحريري, تعليق نشاطه السياسي وعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية وبما يشمل حزبه والأعضاء، أخذ سمير جعجع أحد أبرز رموز الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1989)، والمُتهم بطعن سعد الحريري والتخلّي عنه في المحنة الشخصية التي عاشها في العام 2017, الأمر الذي بدأ جعجع «استثماره» لاستمالة الطائفة السُنِية, عندما كان تحالفه «السابق» مع سعد الحريري يضمن له بعض المقاعد خاصّة في بيروت والجبل.
وإذ ارتفعت أصوات مُندّدة بانتهازيته/كذبه نافية أي تصويت له، بل أبدى مؤيدو سعد الحريري عزوفهم عن الترشّح، جاء إعلان الملياردير بهاء الحريري/شقيق سعد.. انخراطه في السياسة, لِتصدّر المشهد والطائفة السنيّة كممثل وحيد وكذلك كانت حال شقيقه الأصغر/سعد الذي ورث الحريرية السياسية ليأخذ – بهاء الحريري- المشهد اللبناني المحتقن والمأزوم إلى منعطف أكثر خطورة، خاصّة أنّه أعلن انحيازه (وليس تحالفه حتّى الآن) إلى جعجع، المُتحالف مع وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي «صُدمَ» من اعتزال الحريري سعد, وكاد يقاطع ال?نتخابات (المقصود جنبلاط) إلّا أنّه عدل عن ذلك معلناً تحالفه مع جعجع, حيث أبدى الأخير استعداداً لإشعال حرب أهلية جديدة, بعدما توفّرت له الأموال الكافية والدعمَيْن الإقليمي/والدولي, كان «كمين الطيونة”/في 14 تشرين الأول الماضي..مجرّد «بروفة”, أراد جعجع من خلالها إيقاظ شبح الحرب الأهلية، لكن تمّ تفويت الفرصة عليه ومع ذلك لم يرتدِع, وها هو الآن يقوم بحملة تحريض مُركّزة تأخذ بداً طائفياً فجاً وخطيراً, كان آخرها ما أدلى به الناطق باسم حزبه/شارل جبور الذي قال: يجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة «مواجهة حزب الله», و?يّ اغتيال أو حدث أمني يتحمل الحزب مسؤوليته، والحزب – أضاف جبور – يحمل عقيدة «تجليطة» تنتمي إلى العصور الحجرية، يريد أن يُحارب لأجلها, ونحن – استطرَدَ – نريد أن نعيش بسلام».
ما أثار ردود أفعال غاضبة، خاصّة أنّه تعرّض (عن قصد ولم تكن زلّة لسان أبداً) لعقيدة ومذهب أكثر من ثلث اللبنانيين, فيما يُفترَض أن يبقى الخلاف في إطاره السياسي/والحزبي، ناهيك عن أن تاريخ حزبه (القوات اللبنانية) غير مُشرِف لا على الصعيد السياسي ولا الأخلاقي ولا الاجتماعي ناهيك الشخصي.
في السطر الأخير..الأسابيع المقبلة ستكشف المزيد من الخفايا والتحالفات التي في طور البروز والتشكل, وسيزداد الشحن الطائفي/والمذهبي والتحريض الإعلامي, وربما محاولات لجرّ لبنان إلى حرب أهلية جديدة, يظنّ تحالف جعجع/جنبلاط ومّن وراءهما إضافة إلى الطارئ الجديد بهاء الحريري, أنّها كفيلة بخلط الأوراق وتغيير الأغلبية البرلمانية الحالية لصالح مشروع فدرلة لبنان أو تقسيمه.