الكويت والفلسطينيون «وستون عاماً من الخداع»
النشرة الدولية –
حمزة عليان –
تعرفتُ على الزميل المؤلف محمد سعيد دلبح أثناء فترة الثمانينيات عندما كان يتولى إدارة مركز المعلومات والدراسات في الزميلة “الوطن” وكانت بيننا علاقات مهنية من خلال موقعي في “القبس” كمؤسس ومدير لمركز المعلومات والدراسات، فقبل الغزو وتحديداً في عام 1986 خرج من الكويت وكنت أقرأ ما يكتبه بين الحين والآخر في عدد من الصحف العربية التي يراسلها بعد أن استقر في واشنطن، وقبل فترة علمت أن له كتاباً جديداً في بيروت بعنوان “ستون عاماً من الخداع… حركة فتح من مشروع الزعيم إلى مشروع التصفية”، صادر عن دار الفارابي، حرصت على اقتنائه وقراءته، فقد أحضره لي من معرض الدوحة للكتاب الصديق سعود المنصور مشكوراً.
الكتاب يقدم بعد ستين عاماً من تأسيس حركة “فتح” قراءة أخرى مختلفة، معتبراً أن قيادتها وعلى رأسهم ياسر عرفات عملت على “تجريع” الشعب سم التفريط بالوطن قطرة قطرة، وقد ساهم “الختيار” في تحويل الخيانة الوطنية إلى وجهة نظر لا تستحق أن يحاسب مرتكبها وفقاً لقانون الشعب والثورة، ونظر إلى تاريخ عرفات بأنه “مغامر ومقامر لجأ إلى المناورات والحيل لإنجاح مشروعه الخاص بالزعامة على حساب القضية الوطنية، واستخدام المال في صنع جيل وجيش من الأفّاكين والمارقين والسماسرة والمطبلين والمزمرين والجواسيس”.
موضوعان أساسيان كانت فيهما الكويت حاضرة، الأول ما يختص في بدايات التأسيس “بضعة أشخاص مجتمعين في منزل سري في الكويت لإيقاف “فتح” على قدميها عام 1956، في اجتماعات حضرها نحو 20 شخصاً، كانوا يعيشون في الكويت وآخرون قدموا من بلدان عربية.
يروي محمد سعيد دلبح قصة التأسيس وينقل عن نبيل علي شعث أن الاجتماع التأسيسي عقد يوم 10 أكتوبر 1957 في منزل عادل عبدالكريم ياسين (مفتش مادة الرياضيات في مدارس الكويت) في مدينة الكويت وشارك في الاجتماع ياسر عرفات، وخليل الوزير، وعادل عبدالكريم، ويوسف عميرة، وعبدالله الدنان، وتوفيق شديد وعمر حسني عمر، والأخيران كانا يعملان في منطقة الفحيحيل.
بيان الـتأسيس قدمه عادل عبدالكريم وأسماه “بيان حركتنا” وقام خليل الوزير بطبع 15 نسخة من البيان قبل 15/ 6/ 1959 وهو موعد إجازة المعلمين الصيفية في الكويت، تكونت اللجنة المركزية من عادل عبدالكريم وخليل الوزير وياسر عرفات ويوسف عميرة وعمر حسني عمر وعبدالله الدنان وعبدالكريم عبدالرحيم.
ولم يعرف بوجود “الحركة السرية” إلا عن طريق نشرتها التي كانت تصدر باسم “نداء الحياة… فلسطيننا”، من الأسماء المذكورة، أن اللواء خليل يوسف شحيبر وهو من أصل فلسطيني من غزة، كان عضواً في “فتح” وسابقاً كان يعمل في البوليس الفلسطيني في حيفا في عهد الاحتلال البريطاني ونقل إلى العمل في الكويت، وخالد الحسين سكرتير المجلس البلدي، ومن بين الأعضاء يحيى غنام وموسى حمدان (مدير شركة كندادراي).
إقليم الكويت بالنسبة إلى تنظيم “فتح” كان المركز الثابت بوصفه مركز الأحداث ومركز التمويل الأساسي، لذلك تم انتخاب اللجنة المركزية القيادية الأولى من الأعضاء الموجودين في الكويت، ينتهي المؤلف إلى القول “انتهج قادة فتح سياسة الازدواجية في العمل والمواقف واللعب على التناقضات”.
الموضوع الثاني والمهم ما يتعلق باغتيال ناجي العلي وفيه معلومات لم نطالعها من قبل، عن تحذير أبوإياد عبر الصحافي في لندن صالح القلاب “أصبح وزيراً للإعلام في الأردن فيما بعد”، من أن قراراً اتخذ باغتياله وطلب منه أن يغادر لندن على الفور إلى خارجها لكنه تمهل في ذلك!
وقول أبوإياد إلى عرفات “يا ابن (…) لماذا قتلته؟ جريمتي التاريخية أنني أعلنتك ناطقاً باسم (فتح) وجعلت منك زعيماً”، ثم يروي وقائع تتصل بالمتهمين بالاغتيال وهم من “القوة 17” أشرف عليهم قائد القوة محمود الناطور (أبو الطيب) والمجموعة التي أقدمت على الاغتيال تضم محمد الرازم (مرافق عرفات واسمه الحركي فتحي) ومنير الزعبي، وعلي صالح الزغاري (فايز حماد) مرافق لعرفات، وأبو صالح (عبدالرحمن مصطفى صالح من “سلواد” وهو من أطلق النار من مسدس توغاريف على رأس ناجي العلي، تولى رئاسة بلدية “سلواد” عام 2012، كلفت عملية الاغتيال نصف مليون جنيه إسترليني.
حقائق صادمة ومؤلمة كشفها ابن فلسطين (طولكرم) محمد سعيد دلبح بأسلوبه وروايته التي أوجبت إصدار طبعة ثالثة من الكتاب.