علاقة الضرائب بالأخلاق
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

الضرائب هي المكوس، وعند غالبية رجال الدين المسلمين لا يجوز فرضها إلا في حالة الضرورة القصوى كوقوع كارثة أو حرب. كما يجب وقف الضريبة مع زوال السبب. فعند تعرّض دولة إسلامية لهجوم أو خطر من هجوم، وحاجة الدولة للمال للتعبئة وتسليح الجيش تفرض المكوس على البعض، ويتوقف فرضها متى ما زال السبب أو الخطر. وبالتالي لا ضرائب في الإسلام، ولا يجور فرضها على المسلمين، ولا يجوز استبدال الوضعي بالشرعي.

ولكن في العصر الحديث وجدت كل دول العالم، عدا خمس أو ست منها، أن فرض الضرائب أمر مفروغ منه، فلا وسيلة يمكن بها سداد ما على الدولة من التزامات ضخمة ومستحقات بغيرها.

***

في زمن كالح السواد، ولأسباب غير مبررة، وبوجود مجلس نيابي لا يعرف أغلب أعضائه ما تعنيه المصلحة العامة، وبسبب ضغوط كبيرة من التيار الديني، أقر البرلمان عام 2006 قانون زكاة الشركات، الذي فرض على المساهمة منها فقط، وطالبها بدفع نسبة مئوية محددة من أرباحها كزكاة لوزارة المالية، وأعفى القانون بقية الشركات، والتي يبلغ حجم بعضها عدة شركات مساهمة، وربحيتها أكبر بكثير، من دفع تلك النسبة، فقط لأنها غير مساهمة، وهذا عذر أقبح من ذنب.

تلتزم الشركات المساهمة العامة والمقفلة الكويتية بدفع ضريبة الزكاة بنسبة %1 من صافي أرباحها السنوية إلى وزارة المالية، وذلك بموجب القانون رقم 46 لسنة 2006 في شأن الزكاة.

تذهب الأموال لوزارة المالية، لتصرف في مصارف حددها القانون، ولكن لا جهة أو فرداً على علم بالكيفية التي تتصرف بها الوزارة بهذه الأموال، علماً بأن القانون حدد أين تصرف.

يعتبر دفع الضريبة في كل دول العالم تقريباً مصدر دخل الدولة الوحيد، الذي من خلاله يتم دفع رواتب العاملين فيها من مدنيين وعسكريين والصرف على بقية الأمور.

تبلغ الضريبة على دخل الفرد في أعلى صورها في الدنمارك بنسبة %56 من الدخل، وفي فرنسا %55.4، وهكذا. أما الكويت والبهاما وقطر وموناكو وبنما فلا ضرائب فيها على الدخل.

***

الضريبة ليست فقط مبلغاً يستقطع من دخل الفرد، أو يحتسب على أرباح الشركات، أو يضاف لقيمة السلع، بل هي أداة ترشيد للاستهلاك ولدفع المستهلك لاتجاهات ترى الحكومة فائدتها، أو ترى تركها لضررها، كالضريبة على المسكرات والسجائر، واستثناء فرضها على المواد الغذائية والدراسية وعلى الأدوية.

كما أنها مهذبة للنفس، وفوائدها أكبر من ضررها متى ما كانت هناك عدالة ودقة في تحصيلها. ولكن السؤال: هل نحن مهيؤون نفسياً وعملياً وتنظيمياً لتقبل فكرة فرض الضريبة من دون تمهيد واستعدادات قد تستغرق سنوات، وأهمها القضاء على الفساد والهدر الحكوميين؟

وهل سنكون بمأمن من بروز شركات وأفراد مهمتهم تعليم المواطن والمقيم كيفية التهرب من دفع الضريبة، خاصة أن النفوس الخربة جاهزة وعلى أتم الاستعداد لتقبل ذلك؟ فما أشطر شعوبنا في عمليات النصب، وتبريرها حتى دينياً، وما اتعسنا في الأمور التي تتعلق بالمصلحة العامة.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى