مدركات وواقع الفساد
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

صفقنا كثيراً خلال الأسبوع الماضي، عندما تقدّمت الكويت درجة واحدة فقط في مؤشر مدركات الفساد، في مشهد عكس كم يرغب الشعب بأن يُقضى على الفساد تماماً، وأن تكون الكويت خالية من مظاهره، لكن على أرض الواقع هل تداركنا الفساد واجتثثناه من جذوره؟!

كمواطنة، يسعدني تقدم بلدي في أي مؤشر دولي أو إقليمي، إلا أن ترتيبها، بالنسبة لدولة تسير في عقدها السابع من الديموقراطية والدستور، لازلنا متأخرين كثيراً، فترتيبنا ٧٣ دولياً، و٧ عربياً، وقبل الأخير خليجياً، ومع ذلك صفقنا لزيادة المؤشر درجة واحدة مثلنا مثل ولي الأمر، الذي فرح بسقوط ابنه بمادة دراسية واحدة، حيث كان العام السابق ساقطاً بمادتين.. لكن الحقيقة انه يبقى كتلميذ في دائرة السقوط!

ولو فحصنا المؤشر، فهو يقيس عدة جوانب للفساد في البلد، منها: قدرة الحكومة على احتواء الفساد، الإفصاح المالي وعدم تعارض المصالح، التحويل القانوني للأموال، فعالية الأحكام القضائية بحق الفاسدين، حق الاطلاع على المعلومات، المحاباة والمحسوبية، استخدام المناصب لأغراض خاصة، وغيرها من مؤشرات ومعايير تقيس حجم الفساد في البلد، فلو تساءلنا جميعاً: هل بالفعل استطعنا أن نحرز تقدماً في هذه المؤشرات؟!

الصورة المتناقضة اليوم، اننا نملك أكثر من جهة رقابية، هي جهاز المراقبين الماليين، وحدة التحريات، نزاهة، ديوان المحاسبة، وربما غيرها، إلا أن مشواراً واحداً لإنجاز معاملة حكومية في جهة خدمية، قد يكشف الكثير عن الفساد لدينا، بل إن حواراً في ديوانية ما، يكفي لنعرف كم اننا ندور في فلك الفساد، فأبسط خدمة قد يقدمها شخص لصديق أو قريب هي «أوديك على فلان يخلصك» لنكتشف كم تنخر المحسوبية والواسطة الهيكل الإداري الحكومي، حتى لإجراء المعاملات القانونية.

على الجهة المقابلة أيضاً، فإننا كذلك كمواطنين، استسهلنا الأمر، فكلنا نريد أن ننجز معاملاتنا سريعاً، لأن الإنجاز في الجهاز الحكومي غالباً بطيء ومهترئ، في المقابل لا نرغب بأن ننتظر الدورة المستندية الطويلة، لإنجاز معاملة يفترض ألا يتجاوز إنجازها يوماً أو اثنين، فنبحث عن واسطة لـ«نخطر» الدور، فنحن أيضاً ساهمنا في الفساد، ولكن مضطرين!

ومن هذه الصورة الصغيرة لإنجاز معاملة قانونية وبلا شائبة وبلا حاجة لاستثناء لا تمشي إلا بواسطة، يمكن أن نعمم الأمر على الصورة الأشمل، فاليوم أغلب تعييناتنا بالواسطة والمحسوبية والمحاصصة، ولازال من يصل المنصب لا يتذكر من ثقافتنا العربية سوى مثل «من صادها عشى عياله وعيال عمه وجيرانهم»، وبين الصورتين، صور كثيرة لنماذج فساد!

صفقنا لتقدم المؤشر الخاص بنا نقطة واحدة نعم، لكننا نود أن نصفق حين نصل بمحاربة الفساد إلى وقت تنجز فيه معاملات الجميع، من لديه معارف ومن لا يعرف أحداً في الجهة، بالسرعة ذاتها، ومتى ما تم تعيين شخص ما، في منصب إشرافي أو قيادي، بالنظر لسيرته الذاتية قبل اسمه الأخير، ومع هذا، سعداء بأن بيننا، كمواطنين وحكومة، مخلصين يرغبون فعلاً في اجتثاث الفساد من جذوره.

Back to top button