هل فقد سلامة أهليته للإستمرار في منصبه؟
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

حول مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يختلف أركان الحكم. فريق لا يمانع في الادعاء عليه ومحاسبته على تقصيره مسلّماً بما يتخذه القضاء بحقه، وآخر يتهيب الموقف اذ كيف لدولة ان تدعي على حاكم مصرفها المركزي بينما لا يزال يمارس مهامه. تقول الحكاية ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فاتح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإقالة سلامة، فاستفسره ميقاتي عن البديل ليجيبه أن البديل غير متوافر بعد، فأبلغه ميقاتي حينها ستناط مهامه بنائب الحاكم وسيم منصوري فهل هذا ممكن حالياً؟ اجابه رئيس الجمهورية بالطبع لا. المشكلة الاخرى ان وزير المالية يوسف الخليل والذي يتوجب عليه تسمية اقتراح اسم بديل عن الحاكم يرفض الموضوع من أساسه. رغم تعيينه وزيراً للمالية الا ان الخليل لم يغادر فكرة كونه الشخصية الأكثر التصاقاً بالحاكم المركزي ولا يزال يستشيره في كل كبيرة وصغيرة.

منذ ما يزيد على العام والمعركة القضائية – السياسية متواصلة في مواجهة سلامة. سجلت الدولة سابقة في الادعاء على حاكم مصرفها المركزي، وسابقة اخرى تمثلت في إصدار النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون مذكرة منع سفر بحراً وجواً وبراً بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالنظر إلى ما ورد من معطيات هامة في ملف التحقيق الأولي في قرائن وأدلة، لا سيما الشكوى المقدمة من محامي الدائرة القانونية لمجموعة الشعب يريد إصلاح النظام. تخلف سلامة عن الحضور، احتدم الخلاف مع الحاكم في السياسة واتهم بعرقلة التدقيق الجنائي مجدداً، رد الحاكم على رئيس الجمهورية، توسع الخلاف، في وقت لم توقف القاضية عون ملاحقتها لسلامة، فأصدرت قراراً قضى بإحضار سلامة جبراً بواسطة القوى العامة، حيث تم تكليف جهاز أمن الدولة بالقبض عليه وسوقه اليها قبل 24 ساعة من موعد الجلسة الجديدة التي حددت بتاريخ 15-2 -2022».

للوهلة الاولى فان ملاحقة سلامة مثار استغراب، اذ كيف لدولة ان تعجز عن تغيير موظف برتبة حاكم مصرف مركزي، وهناك فئة ثانية تستغرب كيف تساهم الدولة في هدم ما تبقى من الهيكل المالي بالادعاء على سلامة ومن دون الاتفاق على مصيره وتأمين البديل؟

في المسار الطبيعي للامور كان يفترض الاتفاق على بديل لسلامة قبل اتخاذ اي خطوة قضائية بحقه، لكن فشل الاتفاق السياسي على اقليته جعل القضاء هو الملاذ الاخير. فهل سيكون جلبه مخفوراً خطوة في المجهول؟ وما الذي يمنع تعيين البديل عن سلامة ؟

ترددت اسماء بديلة عنه، زكّى الفرنسيون صديق الرئيس الفرنسي سمير عساف ليتبين ان الاخير يرفض الفكرة من أساسها، وطرح بيار دوكان اسم المدير العام للمالية الان بيفاني الذي اصطدمت تسميته برفض جهات محلية، لينتهي المطاف في رفض وزير المالية اقتراح اسم بديل على مجلس الوزراء، بينما يصر على اقالته رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر» كخطوة يختتم بها العهد وتفيد «التيار» انتخابياً، بينما يتمسك به رئيس الحكومة ويستعين به لاقرار موازنة بحدها الادنى. وعد سلامة ووفى بوعده لميقاتي بتثبيت سعر منصة صيرفة وتراجع سعر صرف الدولار في السوق، واستمرار العمل في التعميمات التي تريح المودع نوعاً ما.

بالمقابل يستعين سلامة بميقاتي لكف يد القاضية عون عن ملاحقته والتدخل لدى المدعي العام التمييزي غسان عويدات لإيقاف خطوات تعقّبه ومنع سفره. وتقول المعلومات ان سلامة طلب من عويدات السماح له بالسفر، كما حاول ايجاد الحل مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لكن الطرفين فشلا في تلبية رغبته بالسفر خارج البلاد حيث لا سلطة قضائية للمدعي العام التمييزي على القاضية عون، ولا يعقل ان يتغاضى الامن العام عن تنفيذ مذكرة توقيف تسلمها بحق سلامة.

هل سينفذ اللواء صليبا مذكرة القاضية عون فيصحبه جبراً الى التحقيق قبل 24 ساعة، ام انها خطوة للضغط على سلامة لتقديم استقالته او تقديم اوراق في ملفات اخرى كتسهيل التدقيق الجنائي واعادة الاموال المهربة الى الخارج؟

يصر «التيار الوطني الحر» على استكمال الخطوات القضائية المتعلقة بمحاسبة سلامة، ويعتبر فريق رئيس الجمهورية ان تعيين البديل عن سلامة لا يلغي فكرة محاسبته على هدر المال العام وتبيض الاموال، المسألة هنا قضائية وقد انتهى من عرف رئيس الجمهورية زمن التفلّت من العقاب. حين يقول القضاء كلمته يعني ذلك حكماً ان سلامة فقد اهليته للاستمرار في منصبه.

وماذا عن البديل اذاً؟ البديل قد يكون جاهزاً والكفاءات موجودة وليس من الضروري ان يكون الحاكم متمولاً، والا كيف عين المحامي ادمون نعيم والياس سركيس وميشال الخوري. ولكن الا يؤثر ذلك على تدمير ما تبقى من اقتصاد في لبنان؟ الجواب هنا جاهز وهو ان سلامة قوّض الهيكل من الداخل وجوّفه ويقفز الى تسويات مالية لتعويض الخسائر من اصول الدولة وعلى حساب المواطن.

زر الذهاب إلى الأعلى