الفساد.. ورئيس الوزراء الجديد
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

عدت من إجازة لمدة شهر عن الكتابة، حاولت خلالها أن التقط أنفاسي، أحاول استيعاب ما نعيشه من مشهد سياسي، اجتماعي، اقتصادي مختلف تماماً، عما اختبرناه في أي أزمنة أخرى، لكن أعادتني صدمة تراجعنا في مؤشر مدركات الفساد إلى جنيّة الكتابة مجدداً، علّي أنّفس شيئاً مما يدور في عقلي ووجداني من حسرة على التراجع الذي نشهده على كل الصعد.

فقد تراجعت الكويت في آخر مؤشر لمدركات الفساد درجة، ليجعلها تتراجع ٤ مراكز عالمياً، وجاءت في ذيل الدول الخليجية في هذا المؤشر، الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا بأننا لم نخفق فقط في مكافحة الفساد، بل قد تكون لدينا إجراءات ومشاهد تعزّزه، للأسف!

وكم أتمنى أن أكون مخطئة، وكم أتمنى أن أكون أكثر إيجابية، إلا أن الواقع الذي نعيشه يفرض علينا أن نواجه حقيقة أننا في وضع سياسي غير مستقر البتة، ويتطلب علاجاً فورياً من كل الأطراف.

فاليوم، نحن نعيش تجربة متكررة لاستقالة الحكومة في مواجهة الاستجواب، وكأن الأسماء تتغيّر، الوجوه تتغيّر، إلا أن نهج التأزيم والهروب واحد، سواء تغيّرت أسماء النواب، أو وجوه مجلس الوزراء، فمازلنا نعيش في دوامة تقديم الاستجوابات من النواب، ثم هروب الحكومة منها متظللة بالاستقالة، مما يدخلنا في أزمة تعطّل كل شيء، بدءاً من تعطّل مشاريع التنمية، وتعطّل برنامج عمل الحكومة، بل وإلغائه لتقدّم الحكومة الجديدة برنامجاً جديداً التزاماً بالدستور، وقائمة طويلة من الملفات المعطلة، انتهاء بتعطّل حتى التنقلات والتعيينات البسيطة في الجهاز الاداري الحكومي!

وفي ظل الشلل الإداري والسياسي الذي يصيب البلد مع كل مشهد هروب حكومي، بلا شك لن يكون تحسين درجة الكويت في المؤشرات الدولية أولوية، ومنها مؤشر مدركات الفساد، وكأننا نطلب أمراً مضحكاً، في ظل وضع سياسي غير مستقر!

وهنا، تدخلنا التجارب المتكررة إلى مشهد سياسي يعطّل الحياة بأكملها في البلاد، مهما اختلفت أسماء اللاعبين الرئيسيين في المشهد، لنطرح تساؤلاً مهماً: إلى متى تستطيع الكويت دفع كلفة هذا العطل والشلل اللذين يصيبانها جراء عدم وجود توافق حكومي نيابي؟!

ويجب أن نقف لوهلة، ونفكّر بحل جذري، يجعلنا نستدرك البلاد من الوقوع في تبعات هذا الشلل أكثر فأكثر، فمشاريعنا معطلة، ولا قوانين تسن، ولا تنمية تسير بعجلة سلسة، ولا مؤشرات تتحسن، ولا مناصب تسكّن، بالتالي فإن الحل يكمن في أن نعمل جميعاً، لإيجاد بيئة خصبة للتوافق النيابي الحكومي، توافق لا يلغي دور الحكومة التنفيذي ولا التزاماتها، ولا يشكل ضغطاً غير مبرر على مواردها بسبب المقترحات الشعبوية، وفي الوقت نفسه توافق لا يلغي دور النواب الرقابي والمحاسبة المشروعة دستورياً على الحكومة إذا أخفقت في إدارة البلاد.

وكلنا ثقة بأن ما ستنتهي إليه السلطة، بحكمتها المعتادة، من تكليف لرئيس وزراء، بلا شك سيكون بوابة لهذا التوافق، الذي نرجو أن تستقبله الأطراف السياسية بحس التعاون لأجل الكويت.

نقلا عن القبس

زر الذهاب إلى الأعلى