محافظة تطاوين تستعد وكل مناطق الجنوب التونسي لتنظيم الدورة الحادية والأربعين لمهرجان القصور الصحراوية الدولي
النشرة الدولية –
تستعد محافظة تطاوين وكل مناطق الجنوب التونسي خلال شهر مارس/ آذار الجاري لتنظيم الدورة الحادية والأربعين لمهرجان القصور الصحراوية الدولي بتطاوين والتي تنعقد هذا العام، بإقامة عروض فنية وثقافية وعروض المسرح والفروسية داخل فضاءات القصور فيما يتم تنظيم زيارات ميدانية لمختلف القصور والمعالم الأثرية.
ويعد المهرجان مناسبة لإبراز جوانب مهمة من تاريخ القصور الصحراوية التي لا تزال شامخة في أعماق الصحراء التونسية، لكنها أصبحت رافدا سياحيا ووجهة للزوار والمؤرخين ممن تستهويهم الكتابة عن تاريخ الحضارات التي سكنت تلك المنطقة في العصور الوسطى، حسب موقع “إرم نيوز”
ولا تزال القصور الصحراوية، رغم مرور نحو ألف عام على بنائها، تشكل إرثا تاريخيا وحضاريا مهما ورافدا ثقافيا يعيش خلال هذه الفترة من كل عام فعاليات فنية ضمن المهرجان الدولي للقصور الصحراوية بتطاوين في الجنوب التونسي وخصوصا في المحافظة الواقعة في أقصى جنوب البلاد وذلك لإحياء هذا الموروث التاريخي والمعماري الذي يروي جوانب مهمة من تاريخ المنطقة.
وإذا كانت بعض المدن الساحلية التونسية، اكتسبت مقوماتها الحضارية ودعاماتها الاقتصادية والسياحية من وجودها على السواحل أو من امتداد سهولها الخصبة، فإن زائر مدينة تطاوين الواقعة أقصى الجنوب، لا يمكن أن يمر مرور الكرام على ”القصور“ التي صمدت في الصحراء أكثر من 9 قرون منذ تشييدها في أواسط القرن الحادي عشر الميلادي.
وتتعدد القصور في جهات الجنوب التونسي وخصوصا محافظتي مدنين وتطاوين وهي التي تتوفر على عشرات القصور القديمة ذات الهندسة المعمارية الضاربة في أعماق التاريخ والتي تأخذ من الصلابة والحصانة بطرف ومن الجمال والتناسق الهندسي بطرف آخر.
وبالعودة إلى تاريخ القصور الصحراوية وهي التي تشكل اليوم رافدا مهما للسياحة والثقافة وإرثا تاريخيا عريقا، ومصدر إلهام للكثير من المؤرخين لكتابة بحوث ودراسات وحتى روايات توثيقية تتحدث عن تاريخ المنطقة برمته وعن مميزاتها الحضارية والاقتصادية والاجتماعية، فإن البربر والأمازيغ كانوا أول من شيد تلك القصور في العصور الوسطى وتحديدا في منتصف القرن الخامس للهجرة أو الحادي عشر ميلادي.
وتوجد في الجنوب التونسي ثلاثة أنواع من القصور الصحراوية.
وبحسب تصريح الباحث في التاريخ والآثار في جهة الجنوب التونسي، الدكتور علي الثابتي لـ“إرم نيوز“، فإنه يمكن تقسيم القصور الى ثلاثة أجيال، جيل أول وهو الأقدم والذي جاء فوق قمم الجبال وتميز تصميم قصوره بأنه لا يخضع للأشكال الهندسية المستقيمة وإنما راعى أشكال القمم التي بنيت فوقها مع عدم وجود الساحات غالبا وإنما ممرات تفضي إلى الغرف.
وأضاف الثابتي أنه ”بعد ذلك تم تشييد قصور الجيل الثاني وجاءت اكثر انتظاما بساحات مربعة ومستطيلة وبعدد من الطوابق يصل إلى خمسة طوابق ثم جاءت قصور الجيل الثالث في الفترة المعاصرة وهي القصور التي تميزت بساحات كبيرة وتتكون عادة من طابق أو طابقين.“
وذكر الثابتي، أن أول من شيد القصور الصحراوية هم قبائل البربر الذين سكنوا تلك المناطق في جهتي تطاوين ومدنين في الجنوب التونسي وكانت هذه القبائل (بنو سليم ، والغديري، والدويري، والحداد وغيرها) شيدت هذه القصور لخزن المحاصيل الزراعية والحفاظ عليها لأطول مدة ممكنة، كما كانت القصور أيضا ذات أغراض أمنية حيث كانت بمثابة الحصون التي تحمي السكان من غزوات القبائل الأخرى.“
بدوره، أكد الأستاذ الحبيب علجان وهو باحث في الجيولوجيا أن القصور الصحراوية، رافد مهم لتاريخ جهات الجنوب التونسي وتحديدا تطاوين ومدنين وإرث حضاري أسهم بشكل أو بآخر في أن يكون دعامة من دعائم السياحة في الصحراء.
وقال علجان لـ“إرم نيوز“ إن ”الغرض الأساس من تشييد القصور هو خزن المنتجات الزراعية من زيت أو قمح أو شعير بما أن هناك طرقا خاصة للخزن تسمح بالحفاظ على سلامة تلك المواد لمدة تزيد أحيانا عن خمس سنوات، وفي الآن نفسه كانت القصور ملاذا للقبائل البربرية لصد غزوات العدو.“
وأضاف علجان أن ”القصر هو مجموعة من الغرف التي تم بناؤها من الحجر والجبس وأغصان الأشجار وسعف النخيل بما يجعلها متماسكة وصلبة فضلا عن مواقعها الإستراتيجية التي جعلتها تصمد أمام الطبيعة حتى الآن.“
وأوضح أن ”بعض الصور والمكونات وبعض النقوش الموجودة على جدران الغرف، تعطي فكرة للباحثين وكثيرا ما كانت مصدرا لهم لتدوين مؤلفاتهم عن جوانب حضارية واجتماعية واقتصادية عن تلك الفترات التاريخية، للقصور الصحراوية دور ثقافي وسياحي وتاريخي حيث يطلع المؤرخون عن الطابع المعماري للسابقين.
وتحولت القصور عبر التاريخ من حصون للأمن والحماية ومراكز للخزن، إلى روافد هامة للسياحة حيث يرتادها السياح من مختلف البلدان كما أنها تعد مواقع أثرية تاريخية تم تسجيلها في القائمة التمهيدية للتراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو.
وتمتد القصور الصحراوية في محافظتي تطاوين ومدنين (جنوب شرق) ويبلغ عددها ما يقارب 160 قصرا من بينها قصر الحدادة الذي يقع في مدينة غمراسن، وقصر أولاد دباب وقصر أولاد سلطان، وهو أحد أهم قصور الجنوب التونسي ويقع قرب مدينة تطاوين.
وينقسم قصر أولاد سلطان إلى ساحتين تحيط بهما غرف مبنية على مستويات مختلفة ومساحات متفاوتة.
أما قصر بني بركة فهو قصر يقع على قمة جبل بني بركة شرق مدينة الرقبة من محافظة تطاوين.
كما يوجد قصر شنني الذي يقع في القرية البربرية ”شنني“ بولاية تطاوين وعلى ارتفاع قدره 150 مترا تقريبا فيما يختلف عدد الغرف من قصر إلى آخر، وعادة ما يقارب 200 أو 300 غرفة بحسب عدد الطوابق.