عشوائيات في الحب… أشَيْخوخَةُ مُنْسابَةٌ ، ام موت مُبْكِر؟
الدكتور سمير محمد ايوب
النشرة الدولية –
في هَدْأةِ كل ليلٍ تَبَعثَرَتْ اَنْجُمُه، وَناسُكِ نِيامُ، أريكةٌ في غُرفةِ نَومِكِ إعتادت أن تتسع لاثنين، تستضيفك وحدكِ، وأظُنُّها تعتقلكِ بإمتِيازٍ. وفي يسار الصدر قلبٌ يأبى النوم، تغزوه أسرابُ الوحدةِ والصمتِ والبَرْدِ، تُسامِرُه وتُنْشِدُ له شيئاً من لحنِ الرجوع. عَبْر زجاجِ نوافذكِ تُقَلِّبينَ عيونَك، تُحدِّقينَ بعيداً، بعيدا في كل الآفاق. تُحدّقينَ وشفتاكِ تُتَمْتِمُ بلا وَعيٍ مع فيروز: أنا عندي حنينْ ….
وَجِلَةً تتقافَزين، وجهُكِ صارمٌ عابسٌ، عيناكِ تنزفُ مع الدمعِ، وجعاً باحثاً عن كسرةِ فرحٍ ولو عابر، أنينُك في الحُنجرةِ هديلٌ حبيسٌ، يهمسُ بحياءٍ ناضجٍ معترضٍ : ولكني يا فيروز، أعرف حنيني لَمين، ومُحتاجة مين ….
يَ اليمامة، في كل خريفٍ عابرٍ لمعارجِ العُمْر، يتساقط كثيرٌ من أوراقِ ناسكِ، يٌهاجِر بعضُها، وبعضُها يَهْجُرُ كَعَدِّ السنين، وثالثٌ كالضِّباعِ المسعورةِ ينهشُك، ورابع كأفعى تنفث بكرمٍ لئيم، كلَّ أبجديّاتِ العقوقِ غير الرحيم، والغدراللئيم، فيما تبقى لك من جزئيات وتفاصيل.
أَعلمُ أنّ أجمل ما فيك، عميقاً منقوشاً في النفس، لا يراهُ أحدٌ من راحلي كل خريف، بعد أن نبَتَ لهم زُغبُ ريشٍ، مُتهرِّبين عبثا من حبلِ الصُرَّة. وانت حين تذُكَرُ المُضَحِياتُ، اجدك في مقدمة الصفوف، تبتسمين برضى رباني.
أيتها الأقوى، بلا دفٍ، بلا همسٍ، بلا لمسٍ، كلّ الّليالي مُوجعةٌ، وأنتِ على موعدٍ فيها مع كل تباريحِ الوجع. فلا تُحدّقي مُطولا، في عَتمْ عُمْرٍ عَقَّتْ أنجُمُه. أخْضِعي كعادتك، كل أوجاعك للمقتضى. ودَعِي أصابعَك العشرة تتشابكُ وتتعانقْ مع شعرك، تتلمسه بحنان الحبيب، ودعيها تتحسس وجنتيك بحنان الأم.
لتحقيق توازنٍ أنتِ بأمَسِّ الحاجة له، قاوِمي ببسالةٍ شوقاً يُضنيكِ، قاومي ببسالةٍ وجعك وأنينك وأحلامك. إمنحي ظِلَّكِ كثيراً من الورد ومن العطر، واحضني ذاتك، فمع عقوق ضِباعِ العمر وثعالبه، حِضْنُ شيخوخة مُنسابةٍ أوسعُ وأدفأ وأرحمْ، من موت مُبكّر.