ليس حباً بالحكومة ولا كرهاً بالنواب بل رأفةً بالشعب
بقلم: صالح الراشد

 

 

لا أقف في صف الحكومة ولست مدافعاً عنها، لكنني تابعت كلمات أعضاء مجلس النواب في الايام الماضية، وهم يناقشون موازنة الحكومة التي تقدمت بها الحكومة للمجلس ، وسيتم في النهاية الموافقة عليها، وقد تابعت بطولات “عنترية” بلا قيمة فكرية، فالحديث مجرد سراب واستعراض تمثيلي هزلي قام به النواب ، وشاهدت ثورات سياسة كلامية ومناقشات سطحية وعشوائية للموازنة من مراهقي السياسة طالبي الشعبويات الكاذبة، ولم أستمع من النواب حلولاً منطقية تساعد الحكومة في عملها، ولم يحمل أي منهم برنامج تطويري يساعد الوطن للنهوض من كبوته الإقتصادية التي يدرك الجميع سببها.

وقام غالبية النواب بشيطنة الحكومة وأعضائها وبالذات وزير المالية، بسبب زيادة البطالة ونقص الإستثمار المحلي والأجنبي، متناسين حجم الضغوطات التي تمارسها الدول على الأردن حتى يرضخ ويوقع على إتفاقات لا يرضى عنها الشعب، فأصبحت الحكومة “كبالع السكين لا تستطيع بلعه أو إخراجه”، فكلاهما مؤلم وجارح، لتجد نفسها غير مدركة ماذا تفعل، فقد تجاوزت طلبات النواب لوحدهم الموازنة الحكومية كونها تحتاج لموزنة اليابان لتنفيذ طلباتهم الغير قابلة للتطبيق خلال عقود من الزمن.

لقد تحدث النواب عن مستقبل الأجيال وضرورة الإرتقاء بالتنمية لتوفير مستقبل مشرق لهم، وفي ذات الوقت طالبوا الحكومة بمشاريع تزيد من مديونية الأردن بأموال كثيرة ستُثقل كاهل الشباب في المستقبل، فالحلول غير موجودة لدى النواب كونهم يجيدون الطلب وليس التفكير بإنتاجية، فالنواب طالبوا بزيادة رواتب المتقاعدين والعاملين وزيادة مشاريع في القرى والمدن، وشددوا على تحديث النظام الصحي والتأمين الصحي وإعادة التقسيمات الإدارية في المحافظات، وإنشاء جامعات حكومية بكافة التخصصات ومستشفيات باطباء إختصاص في شتى مناطق المملكة، وإنشاء المدن الصناعية والمشاريع تنموية وفتح باب التوظيف زيادة مخصصات الوزارات وإنقاذ المؤسسات الإعلامية، ومشكلة الطاقة التي تعتبر معاناة للشعب وتحتاج للدعم، وإنشاء مدارس وإعادة تأهيل العديد منها، وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي وشق الطرق، وإنشاء مدينة جديدة وهذه الطلبات غيض من فيض.

وللحق فقد أظهر العديد من النواب موهبة بلاغية لا تصل حد النقاش والحوار الإيجابي، فسردوا كلمات لا تحمل في ثناياها إلا إرباك زتنمر على الآخرين، والضغط على الحكومة للذهاب صوب مناطق لا نريدها أن تصلها، وبالذات في العلاقة مع الكيان الصهيوني وصفقة القرن، فجميع النواب وصفوا الموازنة بأنها كلاسيكية وانتظرنا الحلول لجعلها موازنة ناهضة ولا حلول لدى النواب وتوجيه تهم واستعراض بكلمات مبهرجة، واستنجد بعضهم بالشعب ووسائل التواصل الإجتماعي.

لقد حفلت جلسات مناقشة الموازنة بالعديد من العيوب بتصرفات النواب، فلا أحد يستمع للآخرين، والنواب منقسمون بين من يعبثون بهواتفهم النقالة ومن يغادرون القبة بعد كلماتهم التي يعتبروها تحمل الحلول والمقترحات رغم أنها فارغة، لذا لا نريد أن يكون التداول والتشاور ترفاً للأقوياء الذين عليهم الإيمان بمعاني الحرية المقيدة، وعليهم تبني إستراتيجية وراء استراتيجية مع المعرفة بأننا لا نملك الكمال لذا يحتاج الجميع للحوار، فهل وصل النواب للحوار المنطقي البناء أم أنهم كانوا بكلماتهم عبء جديد على الوطن والشعب.

أخر الكلام
لم اكتب هذا المقال حباً بالحكومة ولا كُرهاً بالنواب ولكن رأفة بالشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى