فارق السعر بالآلاف: الصرّافون القانونيون يضاهون تجار الشنطة “تشبيحاً”
بقلم: عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
المدن –
لم تأت الحملات الأمنية على الصرافين غير القانونيين وتجار الشنطة وتوقيفهم بنتيجة.. ولن تأتي. والجميع على يقين بأن ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة لا يرتبط بوجود صرافين غير قانونيين، وإن كانت ملاحقتهم واجبة لمخالفتهم القانون. لكن علينا الاعتراف بأن ممارسات التجار والصرّافين القانونيين لا تقل جشعاً وتشبيحاً عن أولئك الذي يحملون رزم المال ويلوحون بها في الشوارع.
وليست ملاحقة الصرافين المخالفين سوى مضيعة للوقت. فسعر الدولار مستمر بالارتفاع من دون توقف، للأسباب التي باتت معلومة والمرتبطة بالأزمة المالية والسياسية، منذ ما قبل اتخاذ القرار بملاحقة الصرافين، مروراً بتوقيف العديد منهم، وحتى اللحظة. ولا ترتبط عمليات المضاربة على الليرة بنشاط الصرافين غير القانونيين وحسب، بل بالصرافين القانونيين كذلك، ومنهم صرافو الفئة “أ” وحتى المصارف ومصرف لبنان والتجار وسواهم.
تفاوت بسعر الدولار
لا شك أن اللبنانيين يلمسون يومياً التفاوت الكبير بسعر صرف الدولار، ولا يقتصر التفاوت بين التجار من خلال تسعير منتجات أو بضائع معينة، لا بل بين الصرافين أيضاً. ففارق سعر الدولار يتفاوت بين صراف وآخر بنحو 4 آلاف ليرة. وهنا لا نتحدث عن صرافين غير قانونيين أو صرافي شنطة، إنما عن صرافين قانونيين ومعتمدين، ومنهم من الفئة “أ”.
وليس التفاوت الكبير بتسعيرة الدولار بين الصرافين سوى وجه من أوجه المضاربة على الليرة، ناهيك عن شراء البعض منهم كميات كبيرة من الدولار، في مقابل إحجامهم عن بيع الدولارات بشكل تام.
“تشبيح” الصرافين
وفي جولة سريعة على عدد من الصرافين في منطقة الحمرا في بيروت، يمكن لمس التفاوت الكبير بتسعير الدولار. وهو ما لم تشهده السوق يوماً. وقد تراوح تسعير الدولار يوم الإثنين، 6 شباط الحالي، بين 57500 ليرة و61500 ليرة في منطقة واحدة، الحمرا.
وحين كان سعر صرف الدولار على أكثر المنصات الإلكترونية انتشاراً بين اللبنانيين في محيط 62800 ليرة و63000 ليرة يوم الإثنين الفائت، كان سعر شراء الدولار لدى محل عاصي للصرافة في شارع الحمرا 60 ألف ليرة، أما عند محل أمير للصرافة في الشارع نفسه فبلغ 57500 الف ليرة، في حين بلغ سعر شراء الدولار لدى محل شبقلو للصيرفة 61500 ليرة.
وكما يوم الإثنين كذلك اليوم، تتراوح أسعار الدولار فيما بين الصرافين بين 61000 ليرة و63500 ليرة، في حين أنه بالتطبيقات الإلكترونية لامس فيها الدولار 65000 ليرة. وهم إذ لا يعترفون بتسعيرة المنصات الإلكترونية في عمليات شراء الدولار، وهذا أمر مبرّر، غير أنهم يفوقون تلك الأسعار في عمليات مبيع الدولار. باختصار، كل صراف يفصّل سعر الدولار على قياسه، ويمارس عمليات المضاربة كزملائه غير القانونيين.
في الشارع نفسه، وبالتوقيت ذاته يبلغ فارق سعر الدولار بين صراف وآخر 4000 ليرة، أي بنحو 400 ألف ليرة بكل مئة دولار. ثم يخرج مِن الصرافين النقابيين مَن يقول إن توقيف الصرافين غير القانونيين وتجار الشنطة أعاد التوازن إلى سوق الصرف، وإن الضمانة الوحيدة للزبون في التعامل بالدولار هو الصراف القانوني! فأي توازن هذا الذي يدفع بسعر صرف الدولار إلى التغير بآلاف الليرات بين الصرافين في الوقت عينه؟ وأي ضمانة تلك التي يضمنها صراف يمتنع عن بيع الدولار، ويتمسك بشرائه بأسعار عشوائية، تتحدّد وفق مزاجه بالدرجة الأولى؟
هوامش عشوائية وفوضى
أما هامش أسعار الدولار بين الشراء والمبيع لدى الصرافين فواسع جداً، يتجاوز غالباً 2000 إلى 3000 ليرة بالدولار الواحد. كأن يشتري الصراف الدولار من الزبائن بنحو 61 ألف ليرة ثم يبيعه بالمقابل بأكثر من 64 ألف ليرة.
مع الأخذ بالاعتبار أن أسعار الدولارات الواردة أعلاه ليست سارية اليوم، فسعر الدولار لامس مستوى الـ65 ألفاً على التطبيقات الإلكترونية، ويفوق هذا السقف بالطبع لدى الصرافين في عمليات المبيع. أما عمليات الشراء فلا تزيد عن 62500 ليرة أو 63000 ليرة للدولار الواحد بأحسن الاحوال.
ولا تختلف ممارسات الغالبية الساحقة من الصرافين القانونيين عن نظرائهم المخالفين وتجار الشنطة، وإن كانوا يتميزون عنهم بتراخيصهم ورقية ليس إلا. أما لجهة الممارسات وعلاقاتهم مع المصارف ومصرف لبنان، وقدرتهم على التحكم بالسوق، وممارستهم عمليات المضاربة على العملة الوطنية في سبيل تحقيق الأرباح وغير ذلك، كلها عوامل متقاربة إلى حد التطابق بين الصرافين القانونيين وتجار العملة عموماً.