هل تسقط نظرية “الرئيس القوي” من يدّ باسيل؟
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
لا يزال التيار “الوطني الحر” عبر خطابه السياسي والاعلامي يسعى لتهيئة أرضيته وشدّ عصب بيئته الشعبية استعداداً للانتخابات النيابية المُقبلة، وهذا ما يتظهّر من خلال خلافه مع “حزب الله” حيناً ورفعه السقف بوجه “حركة امل” حيناً اخر. لكن التيار يواجه أزمات جديّة مستترة ستتكشّف بوضوح مع نتائج الاستحقاق البرلماني حتى وإن استطاع ترميم واقعه النيابي العددي بشكل او بآخر.
مما لا شك فيه أن اولى اهداف “الوطني الحر” تحصين كتلته النيابية والحفاظ عليها نسبياً ليستطيع من خلالها تعزيز نفوذه في السلطة وإحكام سيطرته على مفاصل الدولة. أما ثاني أهدافه فهو الحفاظ على اكبر كتلة مسيحية. وإن كان “التيار” قادرا الى حدّ ما، وفق بعض الحسابات والتحالفات وتحديدا مع “الثنائي الشيعي”، تحقيق هذين الهدفين الا انّ ذلك لن يجنّبه جملة خسائر في السياسة ستشكّل ضربة قاسية تؤثر على حضوره بشكل عام.
اولى الصدمات التي سيتلقّاها التيار، وبغضّ النظر عن عدد النواب الذين سيفوز بهم، أنه لن يعود قادراً على التفرّد بالساحة المسيحية، فزمن المرحلة الفائتة قد ولّى وعنفوان “القوّة الاكبر” دون منازع سيتلاشى، إذ كان مستمدّاً من امبراطورية “لبنان القوي”، التكتّل الذي وصل الى حدود الثلاثين نائباً في حين أن خصومه من القوى السياسية المسيحية كحزبي القوات اللبنانية والكتائب وتيار المردة لم تتجاوز كتلهم مجتمعة اكثر من نصف عدد نواب التيار الا بعدد ضئيل!
ما سيحصل في الانتخابات البرلمانية المقبلة سيُحدث فارقاً كبيرا على مستوى التمثيل، مهما بلغ واقع التيار، فإن الكُتل المسيحية الباقية وتحديدا القوات اللبنانية ستكون قريبة نسبياً من كتلة التيار، كما أن النواب المسيحيين المستقلين، بمعزل عن اصطفافاتهم، سيكون لهم أيضاً كتلة وازنة في البرلمان المقبل.
ولكن ماذا لو باتت القوى “القوية” كثيرة في الشارع المسيحي وأصبح النواب المسيحيون عبارة عن مجموعة كتل متوازنة نسبياً بحيث لا يمكن للوطني الحر بعد ذلك الاستمرار في نبرته العالية بهدف شدّ العصب والكسب السياسي من منطلق تمثيله الشعبي الوازن؟ هل تسقط نظرية “الرئيس القوي” من يد النائب جبران باسيل؟
الهزّة الثانية التي ستصيب التيار “الوطني الحر” تكمن في تحالفه مع حزب الله” في الانتخابات النيابية للحصول على عدد لا بأس به من النواب، وبالتالي فإن واقعه النيابي الحقيقي سيكون اقلّ من “المحسوب” لجهة تمثيله، ما يعني أن حاجة الحزب له بوصفه غطاء مسيحياً ستضعف تدريجياً بالتوازي مع تراجعه مسيحياً!
ثالث الضربات للوطني الحر استنزافه لجميع أسلحته السياسية والاعلامية، إذ إنّ “العونيين” يحاولون دوماً إيهام الرأي العام أنهم القوة السياسية الوحيدة المتمسكة بمعركة الاصلاح، لا بل ربما جنودها الاوفياء الذين يدّعون المظلومية، وهذا ما أدخلهم في صراعات عميقة مع قوى سياسية مختلفة، لكن الضربة الكبرى ستكون مدوية اذا ما أعلن صراحة تحالفه مع “حركة امل” في الانتخابات النيابية، الامر الذي يبدو متوقعاً الى حد كبير حتى هذه اللحظة.
التقلبات العونية لن تنتهي، فبعد “الابراء المستحيل” و”التسوية الرئاسية” و”اوعى خيّك” وانفراط العقد مع “القوات” ثم الخلاف مع “حزب الله” والتهدئة، وشيطنة “حركة امل”، يعود “التيار” برضوخ المضطر للتحالف معها. وهُنا تختبىء الكارثة الكبرى! إذ إن التيار سيتلقى ضربة سياسية موجعة ويكرّس مُرغماً، بسبب ضعفه الشعبي، عدم صدقيته امام الرأي العام، وهذا ما سيضع له حدّاً شديداً طويل الأمد ويقلّل من قدرته على الاستقطاب مجددا في المرحلة المقبلة.