حين يموت الحب في عصر الكراهية والبلهاء
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
أعتذر في البداية للفيلسوف الايطالي أمبرتو إيكو، فكلماته التي أصبحت تاريخيه تحتاج للتعديل في ظل الانحلال الفكري الاخلاقي الانساني، فقد قال إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك “تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء”، وأتفق معه بأنه غزو البلهاء لكنه غزو أعظم مما توقع إيكو، فالجهل فاق التوقع وانتقل لمن يدعون أنهم أصحاب السلطة الرابعة، لنكتشف أن بعضهم جهلة من الدرجة الرابعة بدلاً من سلطتهم الهشة.
فالصحيفة الحاقدة على البشرية يا امبيرتو إيكو والتي يطلق عليها شارلي إبيدو الفرنسية، تمثل عقلية فرنسية مريضة كارهة للإنسانية، وتحاول زراعية الكراهية بين الشعوب، وتحاول انتقاد كل ما هو جميل وذا قيمة في الحياة البشرية، فانتقدت الاسلام والحبيب المصطفى محمد بن عبدالله رسول آخر الزمان، وشجعت على حرق القرآن الكريم، وفي النهاية نشرت كاريكاتور فاضح يظهر حقدها على تركيا وسوريا اللتين ضربهما زلزال مرعب، وتسابق العالم أجمع للوقوف بجوارهم ودعمهم للتخلص من مصيبتهم الجلل إلا الصحيفة البغيضة التي فقدت انسانيتها لتسيء لآلاف الموتي الذين قصوا نحبهم تحت أطنان الحجارة بسبب الزلزال العظيم.
المصيبة والكارثة الفاضحة ان بعض القنوات العربية استغلت الزلزال لتصفية حساباتها مع النظامين في تركيا وسوريا، متناسين ان الضرر أصاب السكان وليس القيادات، وان تجييش الشعوب ضد قياداتها في عهد الزلازل أمر ناقص ودون أخلاق، فما حصل أمر فوق طاقة البشر فاصمتوا واتركوا أمراضكم النفسية للحظات وكونوا بشر يفرحون لافراح الآخرين ويحزنون لحزنهم.
الغريب ان هذه الصحيفة ومن على شاكلتها يتغنون بعيد الحب وبفلانتياين وقصصه المتعددة، ويذرفون الدمع عليه ويرتدون اللون الأحمر متناسين اللون الأحمر القاني الذي سال كالانهار في تركيا وسوريا، لقد اعتاد هذا الاعلام الأفاق على الفرح فوق جثث الأبرياء والحزن في مواقف بلا قيمة والاحتفال بعيد لا مكان له إلا في أجندات صُناع القهر والموت، وأطلقوا عليه عيد الحب فيقيمون شعائره ليجعلوا الشعوب تنسى آلامها وأوجاعها التي سترافقهم مدى الحياة، ويسيروا على درب الضلال الفكري للحظات قصيرة تسلب انسانيتهم لفترات طويلة.
آخر الكلام :
لم نعد نعرف ماذا نحارب ومن يحاربنا، هل هو الوباء أم البلاء وربما الغوغاء والغباء، وقد يكون الغلاء، لنكتشف أن من يحاربنا ونحاربه قلة الحياء وتزايد الخُبثاء في مجتمعات دون أخلاق تُجيد صناعة الحقد وتحتفي بعيد الكراهية، حقاً انه عصر الاستقواء بالبلهاء.