لا عزاء للجواسيس!
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
ثبت عملياً أن برنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس» الذي أنتجته شركة «NSO» الإسرائيلية أصبح قادراً على اختراق الهواتف الخلوية بشتى أنواعها والتنصت على الاتصالات والاطلاع وتصوير المواد الفلمية من فيديوهات وصور بالإضافة للمحادثات والإيميلات، وهو ما يعني أن عهد التجسس التقني انتقل من الإطار الخاص بالمؤسسات الأمنية المتخصصة بالتجسس والمراقبة في الدول إلى القطاع الخاص، وإن كان هذا الأمر لم يعلن إلى الآن مع أن واقع الحال يقول إن شركة «NSO» ستقوم ولربما قامت ببيع نظام التجسس هذا لشركات أو لدول مارقة، أو عصابات أو حتى منظمات إرهابية، مما يعني أن «مهنة التجسس» أصبحت بلا قيمة، وأن المنظومات الأمنية حول العالم لربما تقوم بالاستغناء عن أعداد كبيرة من العملاء والجواسيس بعد أن بات التجسس ومن خلال مثل هذا البرنامج متوافراً، وهو ما سيوفر عليها المال أولاً، ودقة المعلومات وتوثيقها بالصوت والصورة ثانياً، وهي نقلة نوعية للتكنولوجيا في عالم التعقب والجاسوسية كنا نراها قبل عقدين من الزمن في أفلام «جيمس بوند» كنوع من الخيال العلمي وها هي اليوم تصبح حقيقة.
هذا الواقع الجديد يخلق تحديات جمة امام المنظومات الامنية حول العالم ويجعل من «أمن المعلومات» أم القضايا في المرحلة القادمة، وأقصد هنا أمن الدول والافراد والمؤسسات المالية التى باتت تتعرض لخطر محدق وهو ما يستدعي العمل على أمرين وبجهد دولي:
الأول تعزيز التعاون العالمي في موضوع «الأمن السيبراني» وقد تكون هناك حاجة لانشاء منظمة دولية تكون تابعة للأمم المتحدة على غرار المنظمات المعنية بالصحة العالمية والسكان واللاجئين والتراث العالمي والغذاء وغيرها من المنظمات الدولية، فهذا التحدي بات قضية تمس الأفراد والدول ليس موسمياً بل في كل لحظة وفي أي مكان وزمان، وخطره على الأفراد أكبر بكثير من خطره على الدول لما لموضوع الخصوصية والحرية الشخصية من أثر بالغ في حياتنا بصورة عامة سواء في عالمنا العربي والإسلامي أو في العالم بشكل عام.
ثانياً: يتعين مع انشاء مثل هذه المنظمة الدولية إيجاد قانون دولي للأمن السيبراني وتجريم القرصنة والتجسس التقني والإلكتروني ووضع منظومة عقوبات للحد من ذلك، سواء أكان مرتكب الجريمة دولة أو هيئة أو شركة أو أشخاصاً.
أحمل اعتقاداً بان شركة «NSO» التي اخترعت نظام التجسس «بيغاسوس» هي شركة قوامها التقني والفني والخبرات من جهاز «الشرطة الفيدرالية الأميركية»، و«الأمن الداخلي الإسرائيلي» المسمى «شين بيت»، وتمت تغطية هذه التقنية المتطورة تحت اسم تجاري هو «بيغاسوس» لشركة تجارية اسمها «NSO» وذلك من أجل إبعاد المنظومتين في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال عن المساءلة القانونية، ولكي يبدو المشهد أن شركة «إسرائيلية مارقة» تتجسس تبيع تقنية خطرة، ورهاني أن الأيام ستثبت أن ما ذهبت إليه هو الحقيقة.