بهاء الحريري يكشف موقفه من “حزب الله” وعلاقته بتركيا والخليج
النشرة الدولية –
الحرة – حاورته الإعلامية جويل الحاج موسى –
أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون منذ إعلان نجل الرئيس الراحل، رفيق الحريري، رجل الأعمال، بهاء الحريري، دخوله المعترك السياسي، أجاب عنها في لقاء حصري لبرنامج “المشهد اللبناني” على قناة “الحرة”.
الحريري تحدث عن مشروعه السياسي وتحضيراته للمرحلة المقبلة، إضافة إلى علاقته مع شقيقه رئيس الحكومة الأسبق سعد، وموقفه من “حزب الله” وعلاقته بتركيا. وأكد الحريري نيته للعودة إلى البلاد، لكن المقومات الأمنية لا تسمح بذلك، وأن الموضوع تحت الدراسة و”وعد الحر دين”.
وفي المقابلة التي أجريت عشية الذكرى السابعة عشرة لاغتيال والده، شدد الحريري على ضرورة استدراك خطورة الوضع في لبنان، وإن لم يكن لديه شك كما قال أن “اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، مدركون ذلك”.
سعد “أخي وأحبه وهذا أمر مفروغ منه وللعائلة حرمتها”، بهذه الكلمات وصف بهاء علاقته بشقيقه قبل أن يستطرد قائلا “في ذات الوقت الخلاف شاسع بيننا في التفكير والرؤية وفي كيفية السير إلى الأمام وبكل شيء، وهذا أمر طبيعي بين الأشقاء”.
واعتبر أن الموضوع لم يعد بينه وبين سعد “لأنه ترك الحياة السياسية”، مشيرا إلى أن”العربة تمشي إلى الأمام وليس إلى الوراء”.
ولطالما تحدث الحريري عن “احتلال” إيراني للبنان وعن قراره خوض معركة “استرداد الوطن وسيادته من محتلي هذه السيادة”، فما هي إمكاناته لذلك؟ وعن ذلك علق بالقول: “نحن نعتبرها معركة صعبة، والطريقة الوحيدة للتغيير هي من خلال الانتخابات، عندما يمسك اللبناني الورقة الانتخابية ويصوت لمن يريد”.
وشدد “نحن لا نؤمن بالسلاح بل بالاعتدال، لم ولن تتلطخ أيدينا بالدماء، وهذه مسيرتنا الوحيدة”، مشددا قوله: ” لا أعرف أن أحمل رصاصة ولا مسدسا، أريد بناء وتثبيت المؤسسات، كون لدى الدولة مقومين، الأول اقتصادي والثاني أمني”.
وتابع أنه “في زمن رفيق الحريري كان لبنان تحت وصاية شرعية سورية وافق عليها المجتمع الدولي والاقليمي، أما اليوم فليس هناك وصاية إنما فريق إرهابي كما يعتبره ثلاثة أرباع العالم ولا يملك أي وصاية شرعية، هذا الفريق أخذ شعبا بكامله إلى المهوار، وعندما كنا تحت الوصاية استطعنا أن نربح، فلماذا لا نستطيع الآن”.
وفيما إن كان يتخوف من أن يقود هذا العنوان إلى حرب أهلية، وما هي الضمانة لتفادي مثل هذا الاحتمال، اعتبر الحريري أن الفساد والوضع الذي وصل إليه اللبنانيون هما من سيؤديان إلى الانهيار، قائلا: “وصل اللبنانيون مسيحيون ومسلمون إلى وضع لم يعد بالإمكان تحمله، ليس باستطاعتهم تأمين رغيف خبز، ولا الكهرباء والطبابة، حتى ضمن الطائفة الشيعية الكريمة هناك ما يزيد عن الخمسين بالمئة لا يوافقون على الفريق الذي حمل سلاحاً وأوصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم”.
وأضاف “نحن نؤمن بجيشنا، فهو قوي ولديه مقومات، لكن حتى بمقوماته الداخلية جزء كبير من عناصره يعانون من مشكلة معيشية ضخمة بسبب الانهيار”.
وتطرق رجل الأعمال إلى السلاح غير الشرعي في لبنان الذي لطالما صوّب عليه، حيث اعتبر أن “المنظومة السياسية تغطي هذا السلاح بشكل كامل” واستطرد “الفساد أكل البلد، أين ذهبت الأموال؟! أكثر من ثلاثين بليون صرفت على الكهرباء، أي إنسان أو محلل اقتصادي ضليع في هذا الموضوع، يقول أن حل مسألة الكهرباء لا تحتاج لأكثر من ثلاثة أرباع بليون”.
وعن السياسة التي سيتبعها للتعامل مع شروط حزب الله وضغوطه قال “بالنسبة إلينا الانتخابات هي الأساس”، واصفا “التحالف الرباعي الذي حصل بعد اغتيال رفيق الحريري بأنه “كفر سياسي” مشددا “نحن لا نتعاون مع حزب الله، لا تعاون مع حزب الله”.
فيما يتعلق بحركة أمل قال “لا يمكننا إلغاء فريق بفريق آخر، الوالد كان ينظر إلى لبنان كموزايك كل قطعة منه جميلة، والجمال الحقيقي عند الابتعاد عن هذه الصورة والنظر اليها كقطعة واحدة”.
وذكّر بهاء بما كان يقوله والده “ممنوع إلغاء أحد، ولا أحد يمكنه إلغاء الآخر، نحن أهل الاعتدال ونتمنى من كل اللبنانيين نبذ المشروع الذي أوصل لبنان إلى الكارثة”.
بهاء أكد على أنه لا يوجد تواصل مع حركة أمل، “نحن نتواصل مع الاعتدال الشيعي، ولا أريد الدخول في الأسماء، لكنها كثيرة، ونعتمد على إيماننا بأن هذه الطائفة الكريمة لديها مقومات هائلة ولا تؤمن بالمسيرة التي أدت إلى هذه الكارثة، بل تؤمن بالاعتدال”.
تابع “أكرر ما قلته سابقا لهذه الطائفة، بأن مشاركتها في مأتم والدي دين في رقبتي، وكما يعلم الجميع نحن كأهل السنة لدينا مرجعية هي الخليج، والمسيحيون لديهم الفاتيكان وأوروبا والغرب، وعندما شارك هذا الفريق المعتدل من الطائفة الشيعية بالمأتم لم يؤخذ بالاعتبار أنه الفريق الأضعف”.
وردا على سؤال عما يُحكى عن أجندة له مع الأتراك أجاب “فليسمحوا لنا، لقد أثبتنا أين هو توجهنا في الأشهر الـ 18 الأخيرة، تحدثنا مع الحرّة، الشرق الأوسط، العربية، والصحف الكويتية ولا أذكر أنني تحدثت لصحيفة تركية، ولم أزر تركيا طوال حياتي وليس لدي عمل هناك ولا أي تواصل مباشر أوغير مباشر مع هذه الدولة”.
وعن توقيت إعلان عودته لاستكمال مسيرة والده شرح أن “السياسة ليست مجالي في الحياة، ولم يكن لدي أي نية لخوض المعترك السياسي، القرار اتخذ بعد انفجار الرابع من أغسطس، كإنسان لبناني، لا يمكنني مشاهدة الفاجعة التي أودت بحياة ما يزيد عن المئتي شهيد واعتبار كأن شيئاً لم يكن”.
وردا على من يرددون أن مشروع رفيق الحريري انتهى قال “هذا كلام غير دقيق، والدي أنهى الحرب الأهلية، أسس لاقتصاد حر، بنى المؤسسات، منذ تسعينات القرن الماضي إلى عام 2005 كان الازدهار، ولولا صلابة مشروعه لما كان بامكان لبنان الصمود منذ رحليه إلى عام 2022”.
وأضاف الحريري قوله: “سبق أن عاهد والدي اللبنانيين باخراجهم من الحرب الأهلية وفعل ذلك، وقد كان الوضع أصعب مما هو عليه الآن، كون معالم الانهيار كانت تطغى على معالم العمار، لذلك الأمل موجود، لكن علينا العمل مع بعضنا البعض، للخروج من الأزمة والوصول إلى بر الأمان”.
وشدد “نحن حركة تغييرية كاملة نؤمن بما نقوم به، وأنا أتعهد أمام اللبنانيين أن أفعل المستحيل وأسير بالقيم التي أتحدث عنها، فخلاص لبنان هو في استرجاع الدولة وهيمنتها على كامل الأراضي اللبنانية”.
لكن ماذا عن الأدوات التي بين يديه لكي يستكمل مسيرة والده؟ أجاب “قبل سنة ونصف السنة انطلقنا بمخطط متكامل، أولا منصة (أس بي آي) التي هي اليوم ركيزة إعلامية، تبث ما يزيد عن الثلاثين برنامج، وإلى الآن عرضت ما يزيد عن الأربعة آلاف حلقة في كل المجالات، المشاهدون بين مئة ألف وثلاثة عشر مليون حسب البرنامج، وفوق هذا لا تروج لشخص، عابرة للطوائف ونحن فخورون بها”.
إذا كانت الركيزة الأولى كما قال بهاء “الإعلام الحر”، فإن الركيزة الثانية “مؤسسة نوح التي تديرها زوجتي حسناء، منها انطلقنا لأعمال عابرة للطوائف بكل المناطق اللبنانية وبقدر المستطاع، وسيزيد ذلك مع الأيام أي لن يتوقف”.
أما الركيزة الثالث فهي “سوا للبنان التي تقوم على ست نقاط: مشروع اقتصادي، مشروع دستوري، بمعنى تطبيق اتفاق الطائف، القضاء المستقل، الأمن، الشأن الصحي، استئصال الفساد”.
وعن المشروع السياسي الذي يحمله كما قال هو تطبيق اتفاق الطائف وفيه فصل الدين عن السلطة التنفيذية والتشريعية، وجود مجلس شيوخ يعطي الصلاحيات للأقليات، تطبيق اللامركزية الادارية، تحقيق استقلالية القضاء ومكافحة الفساد عبر قضاء مستقل، “مكافحة الفساد تكون عبر قضاء مستقل، وهناك قوانين عدة بالدستور اللبناني تصب في هذا الاطار، لكأنها نائمة في الأدراج”.
في الموضوع الاقتصادي تحدث الحريري عن أربع ركائز هي: القطاع المصرفي، القطاع السياحي، الطبابة والتعليم، هذا بالاضافة كما قال إلى موضوع اللبنانيين في الخارج الذين يشكلون جزءاً أساسياً للبنان كاقتصاد حر ولفت إلى أنه “يصل ما يزيد عن التسعة بليون دولار من اللبنانيين الذين يعيشون بالخليج وأوروبا وأميركا”.
وشدد “علينا أن نعلم ماذا نريد من لبنان ودوره في المنطقة، كما يجب إعادته إلى جسمه العربي، واعادة التوافق بينه وبين المجتمع الدولي، فالمشكلة ليست فقط مع إخواننا الخليجيين والعرب، بل أيضا مع المجتمع الدولي”.
وفيما إذا كان لديه تواصل مع تيار المستقبل أو مع شخصيات من هذا التيار أجاب “لدي تواصل مع سوا للبنان التي هي مشروع عابر للطوائف. وأنا لن أرضى ألا يكون للطائفة السنيّة الكريمة دوراً أساسياً في المعادلة اللبنانية، وأزيد على ذلك أنها أكبر طائفة في لبنان وعلينا احترامها لأن من دونها لا وجود لهذا البلد، واعتبر أن هذه الطائفة ليس لها حصة الأسد بل هي الأسد في المعادلة اللبنانية، وفي ذات الوقت لا أرضى إلا أن يكون مشروعنا وطني لكل اللبنانيين، وقد أثبتنا ذلك بعملنا”.
وتمنى بهاء الحريري التواصل مع كل المكونات التي ظلّت تحترم مبادئ 14 آذار “لكن من خرج عن القيم وساوم في هذه المنظومة وغض النظر عن السلاح والفساد فنحمّله مسؤولية الكارثة التي وصل إليها لبنان” مستشهداً بما أشار إليه البنك الدولي من أن ما يمر به لبنان يتخطى كارثة 1929 أي الانهيار العالمي، وتخلف الدولة عن دفع السندات اللبنانية لأول مرة في تاريخ لبنان حيث لم يحصل ذلك حتى في ظل الحرب الأهلية، وتبخر عشرات المليارات من ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين بالخارج والداخل، “هنا نحن لا نواجه مشكلة بل مصيبة”.
ولدى بهاء إيمان كامل أن اللبنانيين قالوا كلمتهم عام 2019، “نحن نؤمن بوجود مقومات لدى الكثير من الثوار، كما أننا منفتحون ومستعدون للتعاون معهم لفتح صفحة جديدة وبناء لبنان الجديد، لا بل على تواصل معهم كونهم يريدون التغيير وتقدم لبنان، فكل من يؤمن بمسيرتنا نريد التواصل معه، حضنه ومساندته في هذا المشوار الطويل”.
وعن الفرقاء اللبنانيين الذين سيتحالف أو يتحاور معهم في الانتخابات القادمة قال “المجالس لها أماناتها، وكل من يؤمن بمبادئنا ويريد السير بلبنان نحو الأمام نعتبر التواصل معه خير للبلد وللاعتدال”.
وفيما إن كان على تواصل مع حزب الكتائب الذي يرفع الشعارات التي رفعت بـ17 أكتوبر أو يمكن أن يتحالف معه في الانتخابات القادمة؟ قال “أكرر المجالس لها أماناتها. وكان والدي يقول أنا آخذ سري معي، كما أكرر نحن مع من يؤمن بمسيرتنا”.
وعن التواصل مع حزب القوات اللبنانية واحتمال أن يكون هناك تحالف معين بينهما في الانتخابات القادمة أجاب “بالنسبة لنا عملنا هو سوا للبنان، وسنكمل بمبادئنا ما بعد الانتخابات، وإذا أراد أفرقاء معينون التعاون بأمور معينة تخص البلد ضمن المخطط التوجيهي الذي نتبعه بعد الانتخابات، سندرس الموضوع بدقة”.
واعتبر الحريري أنه في “عهد ميشال عون شهدنا انهياراً لبنانياً تاماً ورأينا عزلة دولية وعربية تامة للبنان، أصبحنا نصوّت في الجامعة العربية ضد إخواننا العرب وهذ ما لم يحصل بتاريخ لبنان، لذلك نعتبر أن العهد مسؤول عن هذه الأخطاء وعليه تحمّل المسؤولية”.
وعن الطائفة السنية وما يحكى عن إحباط في صفوفها، قال إن “تصدّع أو تفكك الطائفة السنية خط أحمر ولن نرضى إلا أن تأخذ حقها بالكامل ضمن المعادلة اللبنانية ولا مساومة بحقوقها، في الوقت نفسه مشروعنا عابر للطوائف، مشروعنا الاعتدال”.
وفيما يتعلق بالتحذيرات من ازدهار التطرف السني، وإن كان يتخوف من تنامي هذه المظاهر أجاب “لبنان بأكثريته ليس بمتطرف، ثورة 2019 لم تقل داعش أو إرهاب بل قالت نريد دولة، اللبنانيون الذين قصدوا الساحات بهذا العدد الكبير رسالتهم واضحة وهي الاعتدال، فإذا أخذوا حقهم بالكامل، لماذا سيذهبون إلى التطرف”.
ورداً على سؤال حول علاقته بالمملكة العربية السعودية أجاب “أذكر كيف كان والدي يجلس على الأرض بجوار الملك بعد الانتهاء من أداء العمرة في مكة المكرمة، نحن نعتبر العلاقة مع المملكة ركيزة أساسية في المعادلة الخليجية، المملكة أعطتنا الطائف، والودائع الأساسية في البنك المركزي اللبناني، وحثت مؤسساتها والقطاع الخاص على الاستثمار في لبنان عبر عقود، طبعا الكويت كانت إلى جانبنا وكذلك الإمارات وقطر، لكن للمملكة خصوصية”.
وأضاف قوله: “الحمد لله وين ما منروح مكرّمين ومنرجع مكرّمين”، ولم أسمع يوماً إساءة لي من إخواننا الخليجيين وحسب ما أعرف علاقتنا جيدة، لم يُسَأ إلينا سابقاً ولا أسيء إلينا اليوم ولن يساء إلينا في المستقبل”.
وكرر أن “المجالس لها حرمتها، ما بحياتنا رحنا إلا مكرمين وما بحياتنا رجعنا إلا مكرمين”.
وعن سبب عدم مجيئه إلى لبنان قال “النية موجودة، لو كان باستطاعتي أن أقصد لبنان مع زوجتي وأولادي لقمت بذلك الأمس وليس اليوم، لكن لم أقم بذلك لسبب أمني بحت، ولو كان هناك ضمانة أمنية أسافر اليوم، لكن هذا الموضوع يجري درسه بدقة آملاً خيراً ووعد الحر دين، فلدي النية أن أكون مقيم ببلدي الكريم”.
وفيما إذا كان مهددا أمنيا أجاب أن “كل الدلائل الأمنية تشير إلى ذلك، والدي وآخرون اسشتهدوا وقبل سنة استشهد لقمان سليم لذلك نريد أن نكون حريصين لا بل أكثر من حريصين، وفي الوقت المناسب أكون في لبنان”.