نواب “طواحين الهواء” هاجموا بقسوة وصفقوا بقوة..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
نقول دوماً إذا لم تكن تملك الحلول للقضايا التي تؤرق المجتمعات فعليك التريث قبل مهاجمة الآخرين، فلعل الوضع الراهن هو أفضل الحلول المرحلية لإدارة شؤون العمل، فهناك أسرار لا يعرفها الجميع وهناك حلول تم تجربتها وهناك قدرات للعاملين على تنفيذ الاستراتيجيات ولعلهم دونها وقد يكون المنتقدون سببها، وبالتالي فإن إصدار الأحكام بشكل جماعي ودون معرفة الخبايا والحلول هو مجرد استعراض لرفع قيمة المستعرض أمام الآخرين، ومحاولة لكسب شعبوية زائفة لن ترفع قيمة الناقد على حساب العاملين، كون الغالبية الصامتة يدركون ان انتقاد الاخرين دون معرفة لا يضع الناقد في موقع أفضل.
ما ساقني لهذا الحديث هو ما سمعته في الأيام القليلة الماضية من غالبية نواب الوطن وهم يناقشون الموازنة العامة، وما صدح به عدد من قادة الاحزاب والمعارضين وهم يقومون بانتقاد شمولي للحكومة، وهنا لا أدافع عن الحكومة وأذرعها الذين عليهم نقل الاردن لمرحلة أفضل بالتشارك مع بقية السلطات والمنظمات، بل أوضح ضعف النقد القائم على الاستعراض، فعديد النواب يهاجمون الحكومة بعشوائية ودون تحديد نقاط الضعف وآلية تحويلها لنقاط بناء وارتكاز، فجاء النقد دون دليل وبلا نهج علمي وبطرق متعددة فهذا يصرخ وذاك يُهرج وثالثهم يتحول لخطيب والرابع يمارس الضغط المشبوه بطلبات لا يمكن تلبيتها، وينال العديد منهم على حاجتهم من التصفيق المسرحي من بعض العوام، فيما أصحاب الفكر يستمعون ويبحثون عن الحلول بين كلمات المتحدثين فلا يجدون لها أثر، ليكون حديثهم مجرد سراب يحسبه العطشى من أبناء الشعب ماء.
وهنا فان حديث المعارضة القائم على التأجيج والنواب المبني على الاستعراض والأحزاب الباحثة عن مقعد في أي مكان، قد يساهم كل ذلك في صناعة أجواء سلبية ضبابية عند الشعب بتحفيزهم ضد الحكومة والدولة، وفي ذات الوقت يُدخل الرعب في نفوس أصحاب القرار، فتصبح المسافة بين الشعب وحكومته بعيدة جداً، وهنا يظهر العجز عند ضعاف النفوس والوهن في عملية البناء الشمولي المبني على التبادل المعرفي وقيام كل بدوره النهضوي، ليكون النقد لأجل النقد بضاعة فاسدة أكثر من الفساد الذي يتحدثون عنه.
وفي شتى الظروف فان هذه الأحوال توجب على الحكومة الاستماع للاحزاب والنواب والمعارضة، بشرط أن يمتلك هؤلاء خططاً قابلة للتطبيق وليس مجرد كلام تنظير، كما حصل مع عديد الشخصيات الذين أكثروا من الحديث وحين تولوا المسؤولية فشلوا في العمل، لذا على أصحاب القرار وقبل منح أي من هؤلاء منصب، الجلوس معهم ومعرفة ما يملكون من أفكار وقدرات، حتى يتأكد الجميع من قابلية طروحاتهم للتطبيق وأنها تتناسب مع الوضع الراهن، وعندها سيكون القادم أفضل عدا ذلك يبقى الكلام مجرد لغو حديث لا قيمة له فيما تكون الخطط المنطقية طريق للإبداع والارتقاء.
أصابنا الملل وأصبحنا نخشى على الوطن من أحفاد “الدونكيشوت” الذين يبيعون الأحلام الزائفة وهم يحاربون طواحين الهواء التي لا يشاهدها أحد غيرهم، لنشعر ان الكاتب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس أبدع في وصف الحال الأردني ببعض حمقى يظنون أنفسهم في مهمة مقدسة، ليهاجموا الحكومة بقسوة وعنف ثم يرفعون أياديهم بالموافقة، لنشعر أنهم ممثلون سيئون يقومون بدور لا يتناسب مع شخصيتهم، في المقابل نادى بعض العقلاء بتشاركية القول والفعل مع الحكومة للاستدلال على طريق الصوب والنجاة بالوطن.
آخر الكلام:
وكالعادة لا أقصد أحد بشخصه إلا من قال: أنا، فهو اخبر بنفسه من الجميع.