يد “حزب الله” و”أنوف” المسؤولين اللبنانيّين
بقلم: فارس خشان
النشرة الدولية –
“رغماً عن أنْفَي” رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات بسّام المولوي، أقام “حزب الله”، في الضاحية الجنوبية لبيروت، مهرجانين معاديين لمملكة البحرين، من دون أن يُعير أحدث تعهّدات لبنان الواردة في ردّه على الورقة الخليجية – العربية – الدولية أيّ اهتمام.
هذا التحدّي “السافر” يُحدث، في المبدأ، زلزالاً سياسياً، إذ إنّ إبراز عجز السلطة إمّا أن يقودها الى مواجهة سياسية – قضائية – أمنية، وإمّا أن يؤدي إلى استقالتها، ولكن، في الواقع، قفز الجميع، وبسرعة البرق على أنغام “نواح” المولوي في بيان “الإنشاء الاستنكاري”، فوق ما حصل، ليتركّز الاهتمام على الصراع الداخلي المفتوح من أجل انتزاع ما تبقى من “قالب الجبنة”.
لا مفاجأة في ذلك، لأنْ لا وجود لسلطة حقيقية في لبنان. جميع هؤلاء الذين يشغلون المقارّ الرسمية في لبنان ليسوا، في حقيقتهم، أكثر من “مهرّجين”، عندما يتعلّق الأمر بـ”حزب الله”.
المشكلة مع هذا النوع من “المهرّجين” لا تكمن في عجزهم عن التصدّي لما يراكمه “حزب الله” من أضرار جسيمة بحق لبنان وشعبه، بل في مزاعمهم أنّهم يملكون القدرة على التصدّي لذلك، تبريراً لاستمرارهم في مناصب تحوّلت من دستورية الى… كرتونية.
إنّ أهم إنجاز كان يمكن أن يحقّقه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو تثمير الدخول الفاعل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط العلاقات اللبنانية – الخليجية عموماً، والعلاقات اللبنانية – السعودية خصوصاً.
ولكنّ عجز ميقاتي أمام “حزب الله” أضاع الفرصة التي كان من شأنها أن تقدّم خدمة ذهبية لمحاولات إنقاذ لبنان من الكارثة التي يتخبّط فيها.
ورئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان قد رفع، فجأة، صوته ضد تدخّل “حزب الله” في الشؤون الخليجية، عاد، بمجرّد أن حصل و”تيّاره” على وعود ببعض المكاسب “البلدية” في الصراع على بقايا “قالب الجبنة”، إلى حالة ذاك الذي لا يرى ولا يسمع ولا ينطق.
وعن مجلس الوزراء الذي نصّبه الدستور “سلطة تنفيذية” حدّث فلا حرج، فهو، بمجرّد أن فكّ “حزب الله” الحظر عنه، ممنوع عليه البحث في المواضيع السياسية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية والإستراتيجية.
والضرب بالمجلس النيابي الذي هو “سيّد نفسه”… حرام!
و”حزب الله” في ما يرتكبه بحق لبنان، خدمة لـ”محور الممانعة” لا يرتجل. كلّ خطوة يقدم عليها يدرسها، بعناية. هو يريد أن يُفهم العالم أنّ لبنان ميدانه، وأنّ الرهان على أيّ طرف آخر فيه هو “تضييع للوقت”.
وعليه، فإنّ “حزب الله” بعد تقديم ما يكفي من أدلة على عجز السلطات السياسية الدستورية، يدخل بـ”مهدّته” على القضاء، من بوابة ملف انفجار مرفأ بيروت، حيث يلاقيه “التيار الوطني الحر” من بوابة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وها هو يستعد، في ضوء الدروس التي استخلصها من التصدّي لغزوة عين الرمانة في الطيونة، لاقتحام المؤسسة العسكرية التي بدأ بمحاولات نزع صفة الوطنية عنها لإلحاقها بركب من يحلو له أن يُدرجهم في قائمة “العملاء”، في وقت يسبقه فيه “التيّار العوني” إلى ضرب مؤسسة قوى الأمن الداخلي.
لا يكترث “حزب الله” بكلفة هذا النهج على البلاد والعباد، فهو ينتمي الى “محور التجويع” بدءاً بسوريا مروراً بالعراق واليمن وصولاً الى إيران نفسها، وهو لا يرى أملاً كونياً إلّا في كوريا الشمالية وفنزويلا.
المفاجأة لا تكمن، إذاً، في ما يُقدم عليه “حزب الله”، فأهدافه مرسومة وطريقه معروف، بل في أن يخرج المسؤولون اللبنانيون ويزعموا أمام مواطنيهم كما أمام المجتمعين العربي والدولي أنّهم واعون وقادرون وأن في متناول أياديهم “الحل والربط”، فيزيدوا “الطين بلّة” والجحيم نيراناً.