مذكرات فريدمان في كتابه “مطرقة ثقيلة” تعرض رواية دبلوماسية أفلاطونية لمحاولات تغيير الشرق الأوسط
بقلم: بقلم جيكوب ماغيد

كتاب السفير الأمريكي ديفيد فريدمان يصف روايات غير دقيقة ومحاولات غير منسقة لتغيير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال فترة ترامب

كانت قد مرت أقل من ثلاثة أشهر على تولي ديفيد فريدمان منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، لكنه كان يفكر بصورة واسعة – حول استخدام منصبه لتغيير الشرق الأوسط.
شارك خطته مع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب خلال زيارة قصيرة إلى واشنطن في يوليو 2017: “أريد أن أعيد مواقع المرمى إلى حيث تنتمي فيما يتعلق بالنزاع والعمل مع كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر ربما لصنع السلام من الخارج للداخل – بدءا من حلفاء إسرائيل الطبيعيين. بينما يعاني الفلسطينيون من خلل وظيفي، هناك جيران عرب قد يكونون مستعدين للتطبيع مع إسرائيل”.

“حسنا، قم بذلك. بالتوفيق”، أجاب ترامب، وبهذا عاد فريدمان إلى إسرائيل وبدأ العمل، ولعب دورا مركزيا في قرارات الرئيس اللاحقة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان وتقديم خطة سلام إسرائيلية فلسطينية. ساعدت كل هذه الخطوات في دفع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب إلى الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل في الاتفاقات التي توسط فيها ترامب والمعروفة بإسم “اتفاقيات إبراهيم”.

هذه هي الرواية التي يبنيها فريدمان في كتاب مذكراته الجديد “مطرقة ثقيلة” للناشر “برودسايد” الذي عرض على الرفوف يوم الثلاثاء. لكنه يتعارض مع الروايات المباشرة الأخرى والتقارير عن تشكيل “اتفاقيات إبراهيم”، والتي تذكرها على أنها تغيير في المسار في اللحظة الأخيرة من قبل إدارة ترامب بعد أن دفعت خطة السلام المثيرة للجدل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو إلى إعلان أنه حصل على دعم الولايات المتحدة للبدء على الفور بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.

أثار إعلان نتنياهو ردود فعل غاضبة من جميع أنحاء العالم العربي. لحسن حظ إدارة ترامب، أعطت الخطوة أبو ظبي أيضا المساحة اللازمة لتقديم التطبيع مقابل وقف خطة الضم.

لكن في رواية فريدمان، فإن الاتفاقيات لم تكن حظا بل نتيجة طبيعية لسنوات قضاها كرجل ترامب في تل أبيب ثم القدس. يشرح بإيجاز كيف أدى كل إنجاز إلى الإنجاز التالي، وذلك بفضل نهجه الصارم، والذي اعتبر أن وزارة الخارجية التي كان يعمل تحت إشرافها هي قلب “الدولة العميقة”، والسلطة الفلسطينية على أنها غير كفؤة ومليئة بالتهديدات الفارغة، و العالم العربي كوحدة “تقيس غريزيا قوة خصومها”.

لإنجاز الأمور في ظل تلك الظروف، يحتاج المرء إلى استخدام مطرقة ثقيلة للأعراف القديمة، كما يقول المؤلف، موضحا عنوان الكتاب، والذي يشير أيضا إلى تحطيمه لجدار مصطنع لفتح موقع أثري في القدس الشرقية – استعارة لذيذة ينتزعها كل من المؤيدين والمعارضين.

لكن عندما تكون أداتك الوحيدة مطرقة ثقيلة، فإن كل مشكلة تبدو وكأنها جدار يجب هدمه. لقد تحطمت إدارة ترامب بالفعل من خلال الأعراف القديمة، في محاولة لإعادة بناء ملامح أكثر الصراعات فوضى في الشرق الأوسط عن طريق فرض عشوائي بدلا من الإجماع.

يأخذ كتاب فريدمان نفس النهج، حيث يسحق السرد الأكثر شيوعا لدبلوماسية الإدارة الأمريكية الفوضوية في الشرق الأوسط ويقوم بتحويله إلى رواية مسطحة ذات خط واحد ومريحة وغير مقنعة تماما.

على طول الطريق، قام فريدمان أيضا بنقد المعارضين الذين كان لديه حسابات لتسويتها معهم وأحيانا تلاعب من خلال حقائق غير مريحة لتقديم نظرة عن وقته كسفير تصوره في أفضل ضوء ممكن.

“أفضل محام قابلته على الإطلاق”

عدة مرات خلال المذكرات المكونة من 240 صفحة، شارك فريدمان، كيف تمت دعوته لتقديم إرشادات أخيرة إلى الرئيس من أجل دفع مبادرة السياسة المرغوبة الى خط النهاية. كان هذا هو الحال مع القرارات المتعلقة بالقدس في عام 2017 ومرتفعات الجولان في عام 2019، وكذلك القرار الذي تم فيه الكشف عن خطة السلام التي طال انتظارها في عام 2019.

كتاب “مطرقة ثقيلة”، بقلم ديفيد فريدمان

لتسليط الضوء على سبب ثقة ترامب في مبعوثه إلى إسرائيل، بدأ فريدمان الكتاب بقصة كيف التقى بدونالد في عام 2004. كان فريدمان في أوج حياته المهنية كمحامي إفلاس في نيويورك، ووضعه صديق مشترك على اتصال مع ترامب للمساعدة في “تخليص” ملياردير العقارات من أزمة الكازينو في أتلانتيك سيتي.

تمكن فريدمان من إنقاذ ترامب من خسارة عشرات ملايين الدولارات، وبينما لم يكن رجل الأعمال سعيدا بدفع مبلغ قدره 5 ملايين دولار على خدمة فريدمان، فقد دفع في النهاية، قائلا لفريدمان: “أنت أفضل محام قابلته على الإطلاق. احتفظ بالمال وشكرا! ”

فريدمان هو يهودي أرثوذكسي يضع نفسه في مكانة بارزة أمام انظار ترامب باعتباره رسول من الجنة ومشهور في أوساط المسيحيون الإنجيليون وغيرهم من المؤيدين.

“بالنظر إلى تلك الأيام، لا يسعني إلا التفكير في أن الله ربما كان يعزز سمعتي مع فرد كان يعلم أنه سيضعني يوما ما في موقع سلطة حيث يمكنني أداء مشيئة الله”، كتب عن تقدمه غير المحتمل إلى واحد من أعلى المناصب الدبلوماسية الأمريكية.

السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل دافيد فريدمان يقبل حائط المبكى في البلدة القديمة في القدس، 15 مايو 2017 (AFP Photo / Menahem Kahana)

كما يقارن نفسه بالملكة إستير من قصة عيد “بوريم”، والتي “تستخدم منصبها الملكي الجديد لحماية الشعب اليهودي”.

فريدمان، ابن حاخام محافظ بارز في نيويورك، يحمل معه إعجاب والده بالصهيونية، حتى أنه كان يوجه ضربات خفية إلى يهود الولايات المتحدة، حيث يصف رحلته الأولى “التحويلية” إلى إسرائيل في عام 1971: “رأيت أناس مليئين بالفخر داخل أمتهم اليهودية، ولديهم ثقة بالنفس وطموح جماعي غير معروف ليهود الشتات”.

“خطأ تكتيكي”

هذه الحماسة نفسها لإسرائيل هي التي دفعت فريدمان إلى مطالبة ترامب بدور في صياغة سياسته في الشرق الأوسط خلال الحملة الرئاسية لعام 2016. في مقابلة يوم الثلاثاء مع التايمز أوف إسرائيل، قال فريدمان أنه فعل ذلك بهدف أن يصبح سفيرا لترامب إذا فاز مرشح الحزب الجمهوري.

كانت عملية تأكيده صعبة، وفي محاولة للحصول على دعم من الحزبين، اضطر فريدمان إما إلى التخفيف أو التراجع عن بعض المواقف التي اتخذها في مقالات نشرها موقع إسرائيل الوطني الإخباري اليميني.

وهذا يعني الاعتذار عن وصفه ذات مرة أنصار اللوبي في الشرق الأوسط “جي ستريت” بأنهم “أسوأ من الكابو”، وهم سجناء يهود تعاونوا مع النازيين خلال الهولوكوست. متأملا في هذا الوصف، يشير فريدمان إليه في “مطرقة ثقيلة” على أنه “خطأ تكتيكي”.

دافيد فريدمان، مرشح الرئيس دونالد ترامب ليكون سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، يختتم شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، 16 فبراير 2017 (Win McNamee / Getty Images)

بمجرد توليه المنصب، يصف أنه بدأ في زعزعة الأمور ضد كادر من “النخبة” في وزارة الخارجية.

“كان عليّ أن أحارب هذه المؤسسة مقابل كل فوز كبير حصلنا عليه: نقل السفارة، إعادة ضبط السياسة، والمضي قدما نحو السلام”، كما يدعي.

ليتم قول ذلك: مع فريدمان كمبعوث، تغيرت الإدارة بالفعل إلى حد كبير – متجاهلة في كثير من الأحيان نصيحة وتقدير المزيد من الدبلوماسيين المخضرمين وخبراء السياسة – بما في ذلك من خلال تحقيق حلم إسرائيل باعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لها، مع استكمال نقل السفارة الأمريكية الى المدينة المقدسة من تل أبيب.

كما أغلقت الولايات المتحدة قنصليتها القديمة في القدس، والتي كانت على مدى عقود قناة تواصل دبلوماسية بالأمر الواقع لواشنطن مع الفلسطينيين.

السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان يتحدث في حفل الافتتاح الرسمي للسفارة الأمريكية في القدس، 14 مايو 2018 (Yonatan Sindel / Flash90)

وصف فريدمان وآخرون قرار إغلاق القنصلية بأنه كان ضروريا لنقل السفارة، لكنه كتب أنه استهدف إغلاق مكتب التواصل قبل سنوات بسبب مواقف دبلوماسيين هناك.

بعد أن قال أحد المسؤولين في البعثة لنظيره في الشاباك إن حائط المبكى موجود في الأراضي المحتلة، أثناء الاستعدادات لزيارة ترامب للموقع في مايو 2017، كتب فريدمان في الكتاب، “كتبت ملاحظة لنفسي لإغلاق القنصلية”، وفعلت ذلك عامين لاحقا.

التفوق على عباس

كان فريدمان على علاقة وثيقة مع نتنياهو، الذي وصفه بالشريك لإحباط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في معركة للحصول على دعم ترامب خلال زيارة الرئيس عام 2017.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسار، والسفير الأمريكي ديفيد فريدمان، من اليمين، يحضران مراسم في القدس، 21 مايو 2017 (Abir Sultan / Pool Photo via AP)

وفقا للمبعوث السابق، نقل عباس رسالة إلى ترامب عبر فاعل خير كبير – قال مسؤولان مطلعان على الأمر للتايمز أوف إسرائيل بأنه رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رون لودر – مفادها أن سلطة رام الله ستكون على استعداد للتقدم، وستقوم بتنازلات غير مسبوقة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.

عند وصوله إلى إسرائيل، سأل ترامب الرئيس رؤوفين ريفلين عن سبب رفض نتنياهو صنع السلام بينما كان عباس يائسا للقيام بذلك. “هذا التعليق الأخير حرك الجميع في مقاعدهم”، كتب فريدمان.

في محاولة للحد من الأضرار، أخطر فريدمان نتنياهو بالتطور واقترح على رئيس الوزراء إعداد مقطع فيديو قصير لتصريحات عباس التي يُزعم أنه حرض فيها على العنف ضد إسرائيل.

وافق الإسرائيليون على الفكرة وعرض نتنياهو الفيديو على ترامب في اجتماعهم الأول. أصيب الرئيس بالصدمة وقام بتوبيخ عباس بشأن بعد الفيديو، الذي لم يتم نشره حتى الآن، عندما التقيا في بيت لحم في وقت لاحق من ذلك الأسبوع.

الرئيس الامريكي دونالد ترامب والرئيس الفلسطيني محمود عباس يتصافحان خلال مؤتمر صحفي مشترك في القصر الرئاسي في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، 23 مايو 2017 (AFP / MANDEL NGAN)

“لقد خدعتني في العاصمة! لقد تحدثت هناك عن التزامك بالسلام، لكن الإسرائيليين أظهروا لي انخراطك في التحريض”، صرخ ترامب في وجه عباس الذي كان مصدوما، وفقا لتقارير لاحقة.

من جانبه، قيل إن عباس رد على انه تم خداع ترامب: “لديك وكالة المخابرات المركزية. اطلب منهم تحليل مقاطع الفيديو وستكتشف أنها أخرجت من سياقها أو تم تلفيقها بهدف التحريض ضد الفلسطينيين “.

كم هو دقيق؟

في الكتاب ، فريدمان يبدو مسرورا بالإشارة إلى عدم دقة الآخرين. فهو يشير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون ادعى أن إسرائيل استولت على المدينة في عام 1996، وليس عام 1967، ولا يبدو أنه يعلم أن الكونغرس قد اعتبر القدس عاصمة إسرائيل غير المقسمة في قانون عام 1995؛ بالإضافة الى انه يتهم الصحافة بنشر قصة كاذبة عن تمويله لمنفذي هجمات ونشر أخبار كاذبة عن خوفه من زيارة الضفة الغربية.

لكن الكتاب يعاني مما يبدو أنه أخطاء أو ادعاءات مشكوك فيها من جانب فريدمان، والتي يتسبب الكثير منها بتقويض مصداقية ادعاءاته الأخرى.

يكتب أنه خلال جلسة التثبيت الخاصة به، أنفقت “جي ستريت” ما يقرب من 100،000 دولار على تجميع ملف بحث لمعارضته، والذي تم تسليمه لكل عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ.

ولكن في حين أن المجموعة اليسارية المؤيدة لإسرائيل حاولت بالفعل وضع العقبات في عملية تثبيت فريدمان، إلا أنها أخبرت التايمز أوف إسرائيل أنها “لم تنفق سنتا واحدا” على البحث حول خلفية فريدمان، وان مجموعة أخرى جمعت هذا البحث.

كما انه يشير إلى مستوطنة آدم في الضفة الغربية بالقرب من القدس على أنها “ربما أكثر المجتمعات ليبرالية في جميع أنحاء يهودا والسامرة”، عند تحدثه عن هجوم فلسطيني هناك في عام 2018، والذي يحاول إلقاء اللوم فيه على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس.

في الواقع، تُظهر سجلات التصويت أن آدم هي مستوطنة داعمة للأحزاب اليمينية مثلها مثل المستوطنات الأخرى، إن لم يكن أكثر من ذلك.

السفير الامريكي الى اسرائيل دافيد فريدمان يقدم التعازي لعائلة يوتام عوفاديا، الذي قُتل في هجوم طعن في مستوطنة آدم في الضفة الغربية، 30 يوليو 2018 (Miri Tzahi/Yesha Council)

ويدعي أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أعلن أن المستوطنات شرعية، بينما قال بومبيو في الواقع إنها “لا تتعارض في حد ذاتها مع القانون الدولي”.

وقد أخطأ في وصف قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن قرية الخان الأحمر البدوية بأنها أوامر هدم، في حين ان المحكمة أعطت الضوء الأخضر للهدم فقط إذا اختارت الدولة أن تسلك هذا الطريق.

كما يذكر رؤية مقال في صحيفة “جيروزاليم بوست” قال فيه رئيس الاتحاد من أجل اليهودية الإصلاحية الحاخام ريك جاكوبس “يدعو اليهود الأمريكيين إلى التوقف عن دعم إسرائيل” وسط الغضب من تراجع نتنياهو عن اتفاقلحائط المبكى لعام 2016، والذي يرجع تاريخه بشكل غير صحيح إلى عام 2017، ويتهمه بالدعوة إلى “مقاطعة” انتقامية لإسرائيل.

لكن جاكوبس قال للتايمز أوف إسرائيل يوم الإثنين إنه لم يسبق أن أدلى بمثل هذه التعليقات ولم يصدر أي مقال عن تلك الفترة الزمنية في “جيروزاليم بوست” أو أي منفذ إخباري آخر يدعو فيه جاكوبس بالمقاطعة أو وقف الدعم.

اشتباك الحاخام ريك جاكوبس، وسط، وآخرون من اليهود التقدميين مع حراس الأمن أمام حائط المبكى في القدس، 16 نوفمبر 2017 (Noam Rivkin Fenton / via JTA)

في إلحاح على هذا الموضوع، قال فريدمان يوم الثلاثاء إن المقال الذي ذكره لم يستخدم في الواقع عبارة “التوقف عن دعم إسرائيل أو” المقاطعة”، بل ذكر جاكوبس أن اليهود الأمريكيين سيضطرون إلى “إعادة التفكير في كيفية دعمهم للحكومة الإسرائيلية” بعد قرار نتنياهو.

يبدو أن فريدمان كان يشير إلى قصة “أسوشيتد برس” التي قدمت اقتباسا من جاكوبس قائلا ان تغيير توجه نتنياهو “قد يدفع الكثيرين إلى إعادة التفكير في دعمهم لإسرائيل”. نص الاقتباس المنسوب إلى جاكوبس هو على النحو التالي: “هناك حد لعدد المرات التي يمكن فيها قبول نزع الشرعية والإهانة”. مع ذلك، أصر فريدمان يوم الثلاثاء على أن جاكوبس كان “يدافع بشكل فعال عن المقاطعة”.

ذكر فريدمان اجتماعا مغلقا ساخنا مع السناتور بيرني ساندرز أثناء عملية التثبيت، حيث يقول في الكتاب إن المشرع من ولاية فيرمونت طالب برد في غضون أسبوع حول ما إذا كانت المساعدة المالية لغزة أكثر أهمية من المساعدة لإسرائيل.

رفض مات داس، مستشار السياسة الخارجية لساندرز، الكشف عن التفاصيل الدقيقة للمحادثة الخاصة، لكنه نصح بأخذ رواية المبعوث السابق على أنها محدودة. فريدمان، كما يقول، كذب تحت القسم بتعهده بعدم الدعوة إلى ضم إسرائيل للضفة الغربية، إذا تم تثبيته.

في هذه الصورة يوم الأربعاء، 15 فبراير، 2017، السناتور ليندسي غراهام، جمهوري من ساوث كارولينا، إلى اليمين، يتحدث مع ديفيد فريدمان، وسط الصورة، المرشح ليكون سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، برفقة سناتور كونيتيكت السابق جوزيف ليبرمان في الكابيتول هيل في واشنطن، خلال جلسة تثبيت فريدمان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. (AP Photo / سوزان والش)

لدى سؤاله عن التعهد يوم الثلاثاء، قال فريدمان إنه قدمه في إشارة إلى الضم “على أساس مستقل أحادي الجانب”، وفي الواقع أشار إلى أنه يجب أن يكون جزءا من اتفاق بين “الطرفين” في ذلك الوقت.

وقال ان قراره دعم هذه الخطوة كسفير كان جزءا من دعمه لخطة ترامب للسلام، التي قدمت تنازلات هامشية للفلسطينيين، مثل أراضي الضفة الغربية التي بقيت بعد إعلان إسرائيل سيادتها على كل مستوطناتها وكذلك وادي الأردن بأكمله.

قلة قد يجادلون، مع ذلك، بأن الاقتراح، الذي رفضه الفلسطينيون بشكل قاطع، يمثل اتفاقا من أي نوع، باستثناء ربما بينه وبين نتنياهو.

الضم الآن

يقر فريدمان في “مطرقة ثقيلة” بأنه كان مترددا في البداية بشأن طرح خطة السلام بسبب مخاوف من أن التعامل مع الفلسطينيين في وقت مبكر سيتطلب منه تأجيل خططه المتعلقة بالاعتراف بالقدس.

لكن كما يقول، كانت الخطة مجرد خطوة واحدة من عدد من التحركات الدبلوماسية التي تهدف في نهاية المطاف ليس إلى السلام مع الفلسطينيين، ولكن ايضا إلى فتح الدولة اليهودية على العالم العربي.

“رأى جاريد رغبة حقيقية بين دول الخليج في المزيد من الانحياز لإسرائيل، لكنهم كانوا بحاجة إلى شيء من شأنه أن يمنحهم غطاء دبلوماسيا وسياسيا. لقد افترضنا أن خطة سلام “معقولة” قد توفر هذا الغطاء، حتى لو عارضها الفلسطينيون”، كتب.

السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان يلقي كلمة في إحاطة استضافها مركز القدس للشؤون العامة، 9 فبراير، 2020 (ماتي ستيرن / السفارة الأمريكية في القدس)

في حديثه للتايمز أوف إسرائيل يوم الثلاثاء، أشار إلى الاعترافات بالقدس والجولان، وكذلك قرار بومبيو لعام 2019 بإلغاء مذكرة وزارة الخارجية التي تعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، كجزء من جهد أكبر “لتقويض فيتو الفلسطينيين على قدرة صنع إسرائيل السلام مع جيرانها العرب”.

كتب فريدمان، المؤيد منذ فترة طويلة لحركة الاستيطان، أنه كان “مصرا على أنه لا يمكننا مطالبة إسرائيل بالتنازل عن أراض لدولة أخرى ذات سيادة. أدى ذلك إلى حل مشكلتين: أولا، أزالة الخطر الأمني ​​من الحكم الذاتي الفلسطيني، وثانيا، أزالة التعقيد الديني والأيديولوجي لتنازل إسرائيل عن الأرض. إذا احتفظت إسرائيل بالسيطرة العسكرية والأمنية، فإنها لم تتنازل من الناحية الفنية عن أي أرض، حتى لو مُنح الفلسطينيون ‘دولة‘”.

من الواضح أن فريدمان ترك بصماته على الخطة، التي تتصور قيام إسرائيل بضم جميع المجتمعات اليهودية التي تقع خارج الخط الأخضر طالما أنها توافق على عدم البناء في المناطق المتبقية من الضفة الغربية التي تخصصها الخطة لدولة فلسطينية مستقبلية شبه مستقلة.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدث خلال حدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن، الثلاثاء، 28 يناير، 2020، للإعلان عن خطة إدارة ترامب التي طال انتظارها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. (AP Photo / أليكس براندون)

بعد ذلك بوقت قصير، يروي الكتاب كيف تلقى فريدمان مكالمة من كوشنر: “هل تعلم أن بيبي يقوم بضم وادي الأردن اليوم؟”

وفقا لرواية فريدمان، فقد عبر هو وكوشنر الشارع إلى بلير هاوس، حيث كان نتنياهو يقيم، وشرعوا في عقد “لقاء صعب وغير سار”.

نتنياهو قال بشكل قاطع أن لدينا صفقة لسيادة فورية. أجاب جاريد أنه يعتقد أن عملية رسم الخرائط هي الخطوة الأولى، والتي ستستغرق بعض الوقت. أضاف أن الرئيس قال إنه سيعترف بالسيادة “بعد استكمال عملية رسم الخرائط”، ورد نتنياهو بأنه لا حاجة لرسم خرائط لغور الأردن. رد جاريد على ذلك قائلا، “لم نناقش ذلك قط”، كتب فريدمان.

رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو، من اليسار، والسفير الأمريكي آنذاك لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وسط الصورة، ووزير السياحة آنذاك ياريف ليفين خلال اجتماع لمناقشة توسيع السيادة الإسرائيلية إلى مناطق في الضفة الغربية، في مستوطنة آرييل، 24 فبراير 2020 (David Azagury / US Embassy Jerusalem)

في نهاية المطاف، اضطر نتنياهو إلى الانصياع، ووافق على لجنة لرسم الخرائط التي قد تستغرق شهورا لإحراز تقدم.

عندما سئل يوم الثلاثاء عن كيفية عدم تسوية مثل هذه التفاصيل الرئيسية المتعلقة بتنفيذ مثل هذه الخطوة المتفجرة مسبقا، توقف فريدمان لفترة طويلة قبل أن يقر بأن “عدم التناسق كان مؤسفا”.

إلى أبو ظبي

بالكاد يتم ذكر هذا الانفصال وعدم التناسق في “مطرقة ثقيلة”، على الرغم من أنه كان من الصعب عدم ملاحظة ذلك في الفترة التي تسبق إطلاق خطة السلام وبعدها.

بعد فترة وجيزة من حفل الكشف عن الخطة، عقد فريدمان إيجازا مع المراسلين سُئل خلاله عما إذا كانت هناك “فترة انتظار” قبل أن تتمكن إسرائيل من المضي قدما في عملية الضم.

بينما قال إن لجنة رسم الخرائط ستظل بحاجة إلى رسم الحدود الدقيقة للأرض التي يمكن لإسرائيل ضمها، أجاب فريدمان بشكل قاطع: “لا يتعين على إسرائيل الانتظار على الإطلاق”.

بعد ساعات، ذهب كوشنر إلى “غزيرو ميديا” وقال إن الولايات المتحدة لن تدعم الضم الإسرائيلي إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية في 2 مارس.

في هذه الصورة التي تم التقاطها في 14 مايو، 2018، السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان يستمع إلى خطاب كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر خلال افتتاح السفارة الأمريكية في القدس. (مناحم كاهانا / وكالة الصحافة الفرنسية)

فريدمان يقلل من أهمية الانقسام في “مطرقة ثقيلة”.

“كنت أتوقع أنه كان أمامنا شهر على الأقل لخوض عملية رسم خرائط الأراضي والعملية القانونية ومعرفة ما قد يتطور قبل إعلان السيادة. أمل جاريد كان أن يستغرق الأمر وقتا أطول حتى يتمكن من زيادة وقته إلى أقصى حد لمقايضة تأجيل السيادة باتفاق سلام”.

ومع ذلك، في الكتاب “سلام ترامب”، الذي صدر في ديسمبر ويغطي نفس الفترة، كتب الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد أن نتنياهو اختار إعلان الضم لأن فريدمان أكد لرئيس الوزراء أنه سيحصل على دعم الولايات المتحدة، على الرغم من أن السفير لم يتحقق من شعور رئيسه تجاه هذه المسألة.

ونفى فريدمان بشدة هذه الرواية، مشيرا إلى أن خطة ترامب للسلام نفسها تعطي الضوء الأخضر للضم الإسرائيلي وأن الرئيس السابق كان على دراية جيدة بتداعياتها ودعمها.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (من اليمين) ومستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون (وسط) والسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان يقومون بجولة في غور الأردن، 23 يونيو 2019 (Kobi Gideon / GPO)

قال المبعوث السابق يوم الثلاثاء إن رافيد لم يجر مقابلة معه من أجل الكتاب، والذي يبدو أنه يعتمد على ذكريات لاعبين آخرين، مثل كوشنر والممثل الخاص السابق للمفاوضات الدولية آفي بيركوفيتش.

ان فكرة “أنني كنت أدير أجندتي الخاصة مع نتنياهو حول السيادة وعدم إخبار الرئيس، على عكس رغبات جاريد – هي خاطئة بنسبة 100٪، وآمل أن ينعكس ذلك في كتابي”، قال فريدمان يوم الثلاثاء. “الآن، لا أعرف ما الذي يفكر فيه آفي. لم أتحدث إلى آفي كل يوم. لم يكن آفي ذا صلة بهذا، لكنني تحدثت إلى جاريد كل يوم حول هذه القضايا”.

تحول توقيت الضم إلى نقطة خلافية، على الرغم من أنه في 12 يونيو/حزيران 2020، كتب سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة مقالا في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية حذر فيه الإسرائيليين من أن المضي قدما في عملية الضم سوف يهدر فرصة نادرة كانت سانحة للقدس لتطبيع العلاقات مع أبو ظبي.

السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة في حدث مع رئيس مجلس النواب الأمريكي آنذاك بول ريان، في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، 25 يناير 2018. (AP Photo / Jon Gambrell)

أطلق كوشنر والعتيبة مفاوضات في الأسابيع التي تلت ذلك، مما أدى إلى توقيع إسرائيل والإمارات والبحرين على اتفاقيات إبراهيم بعد ثلاثة أشهر في حديقة البيت الأبيض، مع انضمام المغرب إلى الاتفاقات بعد ذلك بوقت قصير.

ومع ذلك، رفض فريدمان التلميح إلى أن اتفاقيات ابراهيم وُلدت في الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب، بفضل الافتتاح الذي أنشأه العتيبة.

إن مقال الرأي الذي كتبه العتيبة “كان عرضا علنيا للمناقشات التي دارت منذ سنوات” بين مسؤولي ترامب وحلفائهم في الخليج حول إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال يوم الثلاثاء.

أشار فريدمان إلى أول رحلة لترامب إلى الخارج، ذهب خلالها إلى المملكة العربية السعودية وبدأ في زرع بذور مثل هذا الاحتمال.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (يسار الوسط) والملك السعودي سلمان (يمين الوسط) وزعماء آخرون في صورة جماعية خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في مركز الملك عبد العزيز للمؤتمرات في الرياض، 21 مايو 2017 (AFP) / MANDEL NGAN)

ومع ذلك، أقر السفير السابق بأنه وزملاؤه في الإدارة لم يعرفوا كيف ستبدو هذه العلاقات المحسنة، وفي العامين الأولين من فترة ترامب، قبلوا استنتاج وزير الخارجية السابق جون كيري الذي قال إن العالم العربي لن يوافق على تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل قبل منح الفلسطينيين دولة خاصة بهم.

وقال فريدمان إنه مع تحسن العلاقات الأمريكية مع كل من إسرائيل ودول الخليج، بدأت الإدارة رفض افتراض كيري وبدأت في تصور شيء أكبر.

مع ذلك، كانت الخطوة التي اتخذها العتيبة هي التي وفرت الوضوح الذي تحتاجه إدارة ترامب بشأن كيفية التصرف بعد ذلك. هل كان سفير الإمارات سيتخذ هذه الخطوة لولا التحركات الأمريكية التي نسقها فريدمان؟ جواب “مطرقة ثقيلة” على هذا السؤال هو “لا” مؤكدة بواسطة شخص على استعداد للمخاطرة بسمعته في الدفاع عن تلك الرواية، على عكس الروايات الأخرى الأقل وردية التي تعتمد في كثير من الأحيان على المصادر المجهولة.

ولكن بالنظر إلى الطريقة التي يعرض بها السفير السابق وصفه للأحداث، يبقى القراء دون معرفة من عليهم ان يصدقون.

نقلا عن تايمز أف إسرائيل

Back to top button