الأردن مستهدف سيبرانياً.. والإجراءات قاصرة
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
مؤتمر سردي لا يُحاكي رغبة المواطن بالمعرفة الشمولية شارك فيه الناطق بإسم الدولة فيصل الشبول، ومدير مركز الأمن السيبراني المهندس أحمد ملحم، مررا فيه العديد من الكلمات باللغة الإنجليزية كنوع من الإستعراض غير المقبول، ليثبتا أنهما مثقفان ومن علية القوم، لكن ما سمعناه في المؤتمر لم يوفر الحماية النفسية للمواطن والشركات، كوننا لم نشعر بوجود حماية شمولية ووقاية واقعية للمؤسسات والأفراد، لنستمع إلى إحصاءات لعدد الهجمات التي حصلت على مؤسسات الدولة، وما أرعبنا هو نوعية المؤسسات التي تم الهجوم عليها من وزارات حكومية وجهات أمنية وسفاراتنا في الخارج وشركات خاصة والديوان الملكي، وهنا نقف مكتوفي الأيدي كمركز الأمن السيبراني بإنتظار الهجمات حتى نبحث عن الطرق الدفاعية الملائمة.
المؤتمر جاء بتوقيت دولي مناسب كون الولايات المتحدة وأوروبا وجهوا أصابع الإتهام صوب روسيا بالهجوم على أوكرانيا سيبرانياً، وقبلها اتهمت واشنطن موسكو بذات التهمة، لذا يتولد شعور بان عدد من أصباع الإتهام ستذهب في ذات الإتجاه صوب موسكو، رغم تأكيد ملحم بأن بعض الهجمات غير معروفة المصدر، وهذا أمر يجعلنا نشك في شتى الإتجاهات ويزيد من الخوف المتولد عند المواطن الذي يسكن على مقربة من أخطر واجهة تجسسية في العالم، والتي صنعت برنامج “بيغاسوس” وأعني هنا الكيان الصهيوني الغاصب، ورغم ذلك لم يتم التطرق لها بالإسم، فهل كان هذا الأمر إعلان براءة للساحة الصهيونية من الهجوم على المؤسسات الأردنية، مع العلم أن الوحدة “8200” تحاول ومنذ زمن العبث بالأمن المجتمعي الأردني وتُجيد الهجوم السيبراني بإحترافية عالية.
وتتزايد خطوة ما تم الإعلان عنه في المؤتمر بأن ما تم كشفه من هجمات تجاوز الثمانمئة حالة بعد تقديم أصحابها بشكاوى مما يعني ان هناك العديد من المؤسسات التي اعتمدت على نفسها في مواجهة الهجمات، وهذا مؤشر خطير على ان عدد الحالات التي لم يتم اكتشافها أعلى بكثير ، وهذا أمر معروف في عالم التهريب والتجسس، فدوما الحالات المكتشفة ما هي إلا جزء بسيط من الحالات المجهولة مما يوجب توفير الحماية وان يملك المركز القدرة على المتابعة والمعرفة قبل التبليغ، والسبب في القصور كما ذكره ملحم بأن عمر المركز فقط عام وهو في طور بناء الذات، وأنه يركز على قواعد الإشتباك بالدفاع مع ما يصله من هجمات، ومن المتعارف عليه أن الأمن السيبراني كالإرهاب يحتاج إلى جهد عالمي للتصدي له، لكن هناك دول تتبنى وترعى المهاجمين لذا سيظل العالم يعاني من الهجمات السبرانية وهو ما يجعل الدول بحاجة إلى رمح هجومي لتوفير حماية على سوية عالية قادرة على تدمير “داتا” المهاجمين، عدا ذلك سيبقى الحديث عن الدفاع السيبراني في بدايته حتى بعد سنوات من العمل الفردي القائم على إستيراد البرامج بدلاً من بنائها، وحتى يأتي ذلك اليوم سنبقى نُدافع بإنتظار الدعم الخارجي والذي قد يكون فايروس يتجسس على أسرارانا ونحن عتقد أنه يحمينا، فمتى نصبح قادرين على بناء برامجنا الوطنية الخاصة بالحماية حتى نشعر بالأمان الحقيقي.