التردد في كتابة هذا المقال!
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
نعيش منذ فترة ليست بالقصيرة في دوامة من الأزمات السياسية الحادة، التي أثرت سلباً علينا جميعاً!
نتيجة لذلك، توقفت تماماً آلية التشريع.
وتباطأت أو شبه توقفت آليات ترسية وتنفيذ المشاريع.
وتزايدت ممارسات الغش والتزوير وتجذرت أكثر.
وانتشر الفساد، وأصبح للمرة الأولى مقبولاً، ومتوقعاً من طالب الخدمة.
واختفت الرقابة البرلمانية، وضعفت معها باقي الجهات الرقابية.
وزاد التدهور الأخلاقي، نتيجة كل هذه الممارسات السيئة.
واحتدم الصراع أكثر في القمة، وأصبح أكثر وضوحاً، خاصة بعد استقالة الوزيرين، واللغط الذي صاحب استجواب وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد، وكل ذلك كشف عن أزمة أعمق، أساسها الصراع من البعض داخل تيارات في الأسرة الحاكمة.
وبالتالي ازدادت القناعة بحاجتنا إلى مراجعة شاملة لوضعنا السياسي، فبغير ذلك لا يمكن توقع أي إصلاح اقتصادي أو إداري، ولن تكون لدينا القدرة أو الرغبة في محاربة الفساد، والاهتمام بالقضايا الحيوية والعاجلة، كالتعليم، الذي يتدهور، والاقتصاد، الذي أصبح يترنح.
**
استمرار الوضع كما هو عليه غير معقول.
كما أن الاستمرار في سياسة «إرهاق» الطرف الآخر، والسعي لتفشيل استجواباته، الواحد تلو الآخر، أمر غير عملي ومكلف جداً، وعبء على المال العام، وعلى النظام العام نتيجة تعيينات فاشلين وغير مؤهلين في بعض المراكز العليا لكسب ولاء هذا النائب أو تلك الجهة الدينية الحزبية!
لا أعتقد شخصياً أن تعديل الدوائر الانتخابية سينتج عنه حل للمشاكل السياسية التي نعاني منها، فكل تعديل سيحمل سلبياته بداخله. كما أن بإمكان قوى الفساد التأقلم مع أي وضع والاستفادة منه!
فالمعضلات التي تواجهنا أكبر من مستوى مخرجات الشارع. كما أن الشارع، أو الناخب، أصبح في غالبيته خرباً، ومتطرفاً، وغير قابل للإصلاح، في الظروف الحالية المتاحة! فالقبلية والطائفية والحزبية الدينية هي التي تقوده، وليس مصلحة الوطن، بعد أن خبر جيداً أن تمسكه بضيق انتماءاته هو الذي جلب وسيجلب له المنفعة المادية والوظيفية والعلاجية، وليس الالتزام بالوطنية والخلق والشرف، وبالتالي لن يكون مستغرباً قيام جهات قبلية أو طائفية أو غيرها، حتى داخل الأجهزة الأمنية، بالفزعة لطائفتها أو قبيلتها، ضد التجمع الآخر، ضمن الجهاز نفسه، وسيكون ذلك أول مؤشرات تفكك المجتمع وتآكله!
***
لقد استعان الآباء المؤسسون بخبرات عالمية لوضع مواد الدستور بصيغته الحالية، التي لم تتغير منذ 60 عاماً! وليس من العيب أبداً اللجوء إلى الأسلوب نفسه بهدف تنقيح الدستور باتجاه مزيد من الحريات، ولكن يجب أن يسبق ذلك القيام بالخطوات الأساسية التالية:
أولاً: اللجوء إلى الأسلوب نفسه الذي اتبعه الشيخ عبدالله السالم، ومنع بعض أعضاء الأسرة من التدخل في أمور الحكم، ووضع «بلوك» عليهم.
ثانياً: وضع حد للنفوذ الديني المستشري، بعد أن تغلغل بدرجة خطيرة، وأصبحت سيطرته تمتد من الروضة حتى مجلس الوزراء، والجهاز التشريعي.
ثالثاً: عدم استثناء أي كان، حتى لو كان من أبناء الأسرة، من المحاسبة السياسية والمالية، فالوطن في خطر، وأمام أمنه تهون بقية الأمور.
رابعاً: جعل الكويت شبه ملكية دستورية، من خلال التقليل من تدخل الأسرة الحاكمة في شؤون السلطة التنفيذية، خاصة الوزارات غير السيادية.
خامساً: وضع خطة واضحة للنهوض بالدولة وعصرنتها، أسوة بما حصل في الدول المجاورة، فقد تخلفنا كثيراً عن الركب. مع ضرورة تطوير جهاز الدولة التنفيذي، المتخلف والمتحجر.
سادساً: تشكيل لجان محايدة لإعادة النظر في كل الجنسيات التي تحمل «المادة الأولى»، أو بالتأسيس، والتي لم يمر على منحها أكثر من ثلاثين سنة مثلاً، وإعادتها لوضعها القانوني السابق!
سابعاً: وقف أية تعيينات في وظائف الدرجات العليا بغير اجتياز اختبارات ديوان الخدمة المدنية.
ثامناً: حظر كل الحسابات الوهمية، في وسائل التواصل، ومحاسبة من يقفون خلفها، وكل من يعيد نشرها أو يروج لها.
تاسعاً: منع الانتخابات الفرعية، القبلية والطائفية، وتغليظ تجريم القيام بها.
عاشراً: تكتسب الحكومة ثقة البرلمان من خلال الموافقة على برنامج عمل، وبخلاف ذلك لا تحصل على الثقة.
حادي عشر: التوسع في نظام التقاعد، من خلال الإحالة الجبرية للتقاعد، لموظفي الحكومة بنسبة لا تقل عن %50 توزع على مدى خمس سنوات. وقد أثبتت جائحة كورونا أن من الممكن جداً تسيير عمل الحكومة بأعداد أقل بكثير من العدد الحالي، وتطوير العمل الحكومي والعمل «أونلاين»!
ثاني عشر: وضع خطة محكمة لخصخصة كل الشركات والأنشطة الحيوية، التي تمتلكها الدولة، مع وضع حد أدنى لعدد مساهميها، لمنع احتكار ملكياتها، مع خلق أجهزة رقابية داخل مجالس إداراتها، تمثل صغار المساهمين والمستفيدين من خدماتها، ولها حق الاعتراض على قرارات المجلس التي تتعارض والمصلحة العامة.
ثالث عشر: فرض نظام ضرائب يهدف إلى إعادة توزيع الثروة، واستثناء شرائح معينة منه.
هذه مجموعة أفكار تدور بالذهن منذ سنوات، وقابلة للنقاش.