“تجارة سوداء” داخل مخيمات النازحين.. هكذا تُسرق الكهرباء وتُجنى الدولارات!

النشرة الدولية –

لبنان 24 – بولين أبو شقرا –

إنها المسرحية بحدّ ذاتها.. سوريون يبيعون اللبنانيين قسائم المازوت التي يتلقونها من الأمم المتحدة ليقوموا “بسرقة” الكهرباء داخل مخيماتهم وبالتالي الإستفادة من التدفئة على حساب الدولة.

حتماً، المشهد سوريالي جداً، إذ أنه وسط معاناة اللبنانيين مع أسوأ أزمة اقتصادية، تبرز تلك الظاهرة التي يقودها السوريون، مستغلين الشبكة الكهربائية التي تعاني أصلاً من جرّاء التعديات. أما المشكلة الأكبر فهو أن استغلال أموال المنظمات المانحة بات على “عينك يا تاجر”، فبدلاً من أن ينصرف النازحون لشراء المازوت المدفوع لهم لتأمين دفء الشتاء بعكس الكثير من اللبنانيين، باتوا يحصلون على الدولارات “الفريش” لقاء تلك القسائم التي وصلت أسعارها إلى 450 دولاراً، الأمر الذي يزيد الضغط على سوق الصرف وعلى الكهرباء وعلى اللبنانيين.

سوق سوداء سورية

المسار “الفضيحة” يكشفُ أن السوريين ابتدعوا سوقاً سوداء جديدة يستفيدون منها عبر تمرير قسائمهم الشخصية الخاصة بالمازوت والتي تمتد ما بين 4 إلى 5 أشهر خلال فصل الشتاء، إلى لبنانيين. أما المشكلة فليست هنا، فالسوريون يساومون “أبناء البلد” على تلك القسائم بأسعار تنافس أسعار محطات المحروقات، لا بل يمتد الأمر إلى سوق مضاربة كبير بين بعضهم البعض، لتتنافس المخيمات في ما بينها بالأسعار وعلى الدولار الفريش.

وعملياً، فإن المبالغ التي يستطيع أي شخص تحقيقها من بيع قسائم المازوت، تعتبر ربحاً صافياً له، نسبةً إلى أنّه قد حصل عليها بشكل مجانيّ تماماً. أما المشتري اللّبناني فيكون مجبراً على أن يقومَ هو بالذهاب إلى المحطات وتعبئة القسائم بنفسه.

سرقات موصوفة

كثيرةٌ هي التقارير التي تتحدث عن الكم الهائل من التّعديات التي تعاني منها مؤسسة كهرباء لبنان، إذ تشير إلى وجود عمليات هدر كبيرة على الشبكة الكهربائية مصدرها مخيمات النّازحين السوريين.

أرقام صادمة وكبيرة تفنّدها تقارير صادرة عن السّلطات المحليّة التي قرّرت ملاحقة أصحاب العقارات التي تقوم عليها المخيمات، إذ أنّه خلال الشّتاء وبعد أن يقوم السّوريون ببيع قسائم المازوت الخاصة بهم، فإن الأغلبية السّاحقة تلجأ للتدفئة على المدافئ الكهربائية لسبب واحد وواحد فقط ألا وهو “السّرقة العلنية للكهرباء”.

ففي العام 2020 مثلاً، وقبل أن تشتد الأزمة في لبنان، وصلت نسب السّرقات الموصوفة للشبكة الكهربائيّة إلى حدود 50% من إجمالي إستهلاك الكهرباء في محافظة بعلبك الهرمل ككل. وبشكل فعلي، فإن السوريين الذين يتواجدون بكثافة هناك والذين يشكلون نصف عدد سكان المحافظة وأكثر أيضاً، “يسرقون” نصف معدل كمية الكهرباء المتوافرة فيما يبقى النصف الآخر للمواطنين المحليين.

وتؤكد التقارير أن الملاحقات غالباً ما تكون لصحاب العقار الذي يستفيد من بيع كهرباء الدولة إلى المخيمات وتقاضيه بدل هذه الإشتراكات حتى من دون وجود عدّاد على أبواب تلك المخيّمات.

الكهرباء بدل المازوت

ووسط كل ذلك، فقد استطاع السّوريون الذين يقومون ببيع قسائمهم، اللّجوء لطرق “ابتكارية” لتأمين التدفئة خصوصاً أن الكهرباء مؤمنة مجاناً لهم بحكم “السّرقة”.

وفي السّياق، يروي صاحب محل بقالة لبناني لـ”لبنان24″ كيف نشطت عملية بيع “شرائط الكهرباء النحاسية”، وهي عبارة عن شريط نحاسي يتم وصل أحد أطرافه بمصدر الكهرباء فيما الطرف الآخر يكون مرتبطاً بقطعة معدنية تصبح حامية ليتدفأ السّوريون من خلالها. وهنا، فإنّ استهلاك الكهرباء يكون كبيراً جداً، لأن تلك الطريقة تحتاج إلى قدرات كهربائية عالية.

أحد المواطنين المحليين الذين امتعضوا من هذه التصرفات التي وصلت إلى حدّها، يقول أيضاً إنّ هناك معاناة يومية مع ما يقوم به السوريون على صعيد الكهرباء، إذ أن هذا الأمر يؤثّر بشكلٍ مباشر على حسن عمل الشركات الكهربائية ويزيد الضغط في وقت يعاني فيه لبنان أصلاً من نقص التغذية.

وفي ظل الهدر الكهربائي الذي يعاني منه لبنان، وتوازياً مع الفساد الحاصل بملف اللاجئين، خصوصاً بعد صدور تقارير أجنبية تؤكد أن حجم “النهب” فاق المئتي مليون دولار فإنّ بعض السوريين مؤخرًا والذي قرّر العودة إلى سوريا، قام ببيع بطاقاته إلى نازحين آخرين أتوا خلسةً إلى لبنان ليستفيدوا منها قبل فترة تجديدها أو انتهائها، لتُشكل هذه الأفعال موجة جديدة ببحر الهدر والفساد المستشري في أوساط النازحين.

Back to top button