الرئاسة في سلّة الإهمال دولياً وفي عنق الزجاجة محلياً
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

يسيطر الجمود على الملف الرئاسي في لبنان. لا يزال كل فريق يتموضع خلف معسكره. القصة لا تزال على حالها بلا زيادة أو نقصان. المعارضة تسير بترشيح ميشال معوض، والثنائي الشيعي لم يعلن خروجه عن دعم سليمان فرنجية. وبينهما بلد يرزح تحت وطأة التعطيل على كل المستويات. لفترة طويلة كان الرهان واضحاً على اجتماع باريس الخماسي. عقد الإجتماع وانتهى من دون آليات تنفيذية أو مجرد توصية أو بيان ختامي. وفد سفراء الدول التي اجتمعت، يواصل جولته على المعنيين لجس النبض رئاسياً. وأخبار وتحليلات مختلفة حول مصير حراكهم. هناك من يقول إنّ السفراء تبلغوا من رئيس مجلس النواب نبيه بري دعم ترشيح فرنجية وطلبه اليهم العودة بجواب صريح على هذا الترشيح. آخرون يقولون إنّ الإجتماع بذاته لم ينته بما يمكن إعتباره تصوراً للخروج من المراوحة الرئاسية. التعويل انتقل إلى فصل جديد مرهون باجتماع مرتقب للدول الخمس لكن على مستوى وزراء الخارجية لم يحدد موعده بعد.

 

أما خارجياً فيبدي البعض تفاؤلاً بما يمكن أن تحمله الأشهر القليلة المقبلة من تحريك للجمود بالملف الرئاسي ربطاً بتطورات إقليمية ودولية منتظرة، لكن الرهان على مثل هذه التطورات ضرب في الرمل لكونها تسير على نار هادئة جداً، والى أن تنضج فالرئاسة اللبنانية في سلة الإهمال الدولي وفي عنق الزجاجة اللبنانية.

 

وفي ظل هذه الضبابية ليس معروفاً بعد موعد إعلان رئيس «تيار المرده» ترشيحه رسميا وإعلان «حزب الله» دعمه. تقول مصادر الثنائي إنّ الإعلان مرهون بالظروف الملائمة وحالياً لا ظرف ملائماً لذلك. كان فرنجية يعتزم إعلان ترشيحه قبل نحو أسبوعين لكنه تريث بالإتفاق مع الثنائي لأن ظروف الترشح لم تنضج بعد خارجياً ولا داخلياً وقد فرمل اجتماع باريس الخماسي الخطوة بالنظر الى تضارب الأخبار بشأنه.

 

من الأساس لم يكن إجتماع باريس الخماسي ليعول عليه من جانب الثنائي. إجتماع من دون حضور كافة الدول المعنية يعني الخلل في المعالجة والمقصود هنا غياب إيران وإن كان سفراء الدول الخمس أدرجوا «حزب الله» على قائمة جولاتهم. لو كانت المقاربة الغربية جدية لما كانت استبعدت إيران حسبما تقول مصادر سياسية. يصعب على «حزب الله» وبخلاف رئيس مجلس النواب نبيه بري الإعلان عن ترشيح فرنجية. هو يعلن دعمه متى أعلن صاحب العلاقة ترشيحه، وإلا دخل في مشكلة مع المسيحيين ومن بينهم «التيار الوطني الحر» الذي يرى في خطوة كهذه ضرباً لمبدأ الشراكة الوطنية.

 

ينقل المقربون أنّ الثنائي الشيعي لا يتبنى ترشيح فرنجية على قاعدة هو أو لا أحد. هدفه مرشح رئاسي يطمئن اليه وهو ما ينطبق على الحليف فرنجية وإذا كان لا أفق من ترشيحه فيمكنه أن ينسحب في التوقيت المناسب، هذا في حال كان أعلن ترشيحه. حالياً ليس هناك مرشح مطروح على جدول الثنائي إلا فرنجية، أما ترشيح قائد الجيش فغير قابل للنقاش ليس لأسباب تتصل بشخص قائد الجيش جوزاف عون بل لرفض الثنائي تكرار تجربة الرئيس الآتي من قيادة الجيش مجدداً.

 

يؤكد الثنائي بناء على مصادره أن الإنتخابات الرئاسية في لبنان لم تنضج بعد لا داخلياً ولا خارجياً، وتقول إنّ الرهان على التوافقات المتصلة بالوضع في اليمن والعلاقة السعودية الإيرانية والسعودية السورية يحتاج الى وقت. وتتابع: طالما أنّ الدول الخمس تتعاطى على أنها صاحبة القرار وحدها فيعني أنّ الرهان على حلول قريبة مستبعد.

 

حين تحدث الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير عن الفوضى في لبنان وهدد بتعميمها على المنطقة أجمع، كان يركن في حديثه إلى معلومات متوافرة بأن المطلوب تعميم جو من الفوضى لفرض مرشح رئاسي من الخارج وهو مسعى مرفوض من دون تسوية يشترك فيها الجميع تؤمن شراكة حقيقية بين رئاستي الجمهورية والحكومة.

 

رغم كل «الكركبة» والمخاض العسير الذي يعيشه لبنان فإنّ لا شيء يؤشر إلى قرب الفرج لا رئاسياً ولا سياسياً. رئيس الجمهورية القادم صار مجرد اسم لأنّ العمل الجاري هو على تسوية كاملة تشمل تركيبة لتوليفة رئاسية – حكومية وضمنها تعيينات شاملة. لكن شروط مثل هذه التسوية لم تنضج بعد. بدأ الحديث بشأنها خلف الكواليس وهذا مؤكد، لكن الدخان الأبيض في لبنان لن يكون في القريب العاجل.

زر الذهاب إلى الأعلى