العراق يكشف النقاب عن ترميم ثلاث قطع أثرية تعود إلى أكثر من ألفي عام بمملكة الحضر
النشرة الدولية –
بعد أن عانت مدينة الحضر التاريخية العائدة إلى أكثر من ألفي عام من بطش الدواعش يعكف العراقيون على ترميم ما دمر منها، وهم اليوم يحتفلون بكشف النقاب عن ثلاث قطع أثرية تمّ ترميمها وإعادة وضعها على أعمدة أحد المعابد.
كشف العراق الخميس النقاب عن ثلاث قطع أثرية تمّ ترميمها في مدينة الحضر التاريخية العائدة إلى أكثر من ألفي عام، والتي صوّر تنظيم داعش قبل نحو سبع سنوات فيديوهات تدميرها على يد عناصره إبان سيطرته على شمال البلاد.
وفي مراسم جرت داخل الموقع الأثري الهام الواقع على مسافة حوالي مئة كيلومتر جنوب غرب مدينة الموصل، تمّ عرض القطع الثلاث التي هي عبارة عن وجهين بشريين وتمثال، أعيد وضعها على أعمدة أحد معابد المدينة الشهيرة حيث كانت، قبل تدميرها إلى قطع صغيرة.
وجلس الحضور وسط القناطر الحجرية المزخرفة لمعابد مملكة الحضر الكثيرة التي ترتفع أمتارا في السماء.
كانت الحضر تسمى بمدينة الشمس، وتوجد بها قاعات متناظرة يمينا وشمالا، وجميعها تطل إلى الشرق، لأنها تطل على شروق الشمس.
وقال أحمد قاسم أستاذ علم الأثار في جامعة الموصل، “هذا التراث هو ملك للإنسانية جمعاء، وليس للعراق فقط أو للشرق الأوسط وحده، وإنما للعالم أجمع، ولكن للأسف هناك أناس من ذوي النفوس الضعيفة من داخل البلاد وخارجها تعاونوا على دفن هذه الحضارة”.
وأضاف، “كان القدماء يسيرون بين الأعمدة الحجرية للمدينة، أما اليوم فهي مهجورة. لقد مرت الآلاف من السنين منذ أن كانت مدينة الحضر مأهولة، ولكن قبل بضع سنوات دخلها عناصر تنظيم داعش، ودمروا أو نهبوا التماثيل وهربوها خارج العراق”.
ورفعت لافتة على أحد الجدران كتب عليها “أهلا ومرحبا بكم في الاحتفالية الخاصة بمناسبة إنهاء المرحلة الأولى لأعمال الصيانة والتأهيل للآثار التي تضررت أثناء احتلال عصابات داعش الظلامية”.
في الجهة الأخرى من مكان الاحتفالية، لا تزال الرافعات منتشرة في المكان، وحولها الأعمدة المهيبة لهذه المدينة التي كانت، وفق اليونسكو “عاصمة أول مملكة عربية وتحمل جذور المدن العربية الإسلامية”.
والحضر المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، كانت بين أولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف خلال هجومه على العراق.
وقال مدير مفتشية آثار نينوى خيرالدين أحمد ناصر إن القطع التي رممت “تعرضت إلى تكسير وتهشيم وإسقاط من أماكنها. تم العثور عليها مبعثرة في أرجاء الموقع”.
الحضر المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، كانت بين أولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف خلال هجومه على العراق
وأضاف “استطعنا جمع العديد من أجزاء هذه القطع وإعادتها إلى مكانها الصحيح”، موضحا أن “طريقة التكسير العشوائية وفقدان العديد من القطع” عقّدا مسألة الترميم.
وقام بعملية الترميم كوادر مفتشية آثار وتراث نينوى بالتعاون مع “المنظمة الدولية لدراسات المتوسط” الإيطالية وبتمويل من مؤسسة “ألِف” الدولية، كما أوضح ناصر.
وسيستكمل ترميم قطع أخرى من الموقع، وفق ناصر الذي أضاف “وُضعت خطة بخصوص (استكمال الترميم)”، وستتم “إعادة عدد من الجدران وترميمها”.
وكانت المدينة تقع بين امبراطوريتين عظيمتين: الامبراطورية الرومانية في الشمال والامبراطورية الفارسية في الجنوب. وقد نجت المدينة من عديد الغزوات، ولكن خلال القرن الثالث ميلادي دمرت وهجرها أهلها.
ونشر تنظيم داعش في مارس 2015 فيديوهات تظهر تدميره لآثار المدينة.
وقال مدير عام دائرة التحريات والتنقيبات في وزارة الثقافة علي عبيد شلغم، إن التنظيم المتطرف “دمّر كل شيء مهم في هذه المدينة، لكننا تمكننا من القيام بأعمال الصيانة”. وتحمل آثار المدينة التي تأسست 200 عام قبل الميلاد وازدهرت في القرن الثالث بعد الميلاد، طابع “الهندسة الإغريقية والرومانية بعناصر تزيين ذات جذور شرقية”، وفق اليونسكو.
وأدرجت كذلك على قائمة “التراث المهدد بالخطر” في العام 2015.
ودمّر الدواعش قبل أن يتمّ دحرهم في العام 2017 مواقع أثرية مهمة في الموصل ونينوى، لاسيما مدينة نمرود الأثرية التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وكانت تعدّ درة الحضارة الآشورية.