الهجوم السيبراني الروسي: خطرٌ يهدّد شعب أوكرانيا أكثر بكثير من القذائف والتفجيرات
النشرة الدولية –
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان” –
في الوقت الذي يضجّ العالم بأخبار الحرب الروسية على أوكرانيا، التي اندلعت بزخم وشدّة، مستهدفة البنى التحتيّة الأوكرانيّة في مناطق عديدة برّاً وجوّاً، وبين صور انتشرت في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لمواطنين أوكرانيين، خائفين وهاربين من قصف العدو الروسي، تغزو روسيا جارتها أوكرانيا، بحربٍ أخطر وأفتك، أعظم من القذائف والمدافع، هي الحرب السيبرانيّة أو ما يُعرف بـ Cyber Attack.
هذا الهجوم المتزامن مع الحرب العسكريّة، ليس وليد اللحظة، بل مُخطّط له من قبل، وجاهز للحظة الحسم، لحظة إعلان الحرب. فما هي الحرب السيبرانيّة، كيف تتم وما شدّة خطورتها على أوكرانيا؟
الجواب على هذه الأسئلة عند المستشار في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي، د. رولان أبي نجم، فبرأيه هذا الهجوم السيبراني تمّ إطلاقه من فترة حتى قبل إعلان الحرب بين البلدين، بهدف اختراق المواقع الحكوميّة والبنوك، لكن الروس انتظروا الوقت المناسب لإلحاق الضرر الإلكتروني التي وقعت ضحيّته أوكرانيا اليوم. فالهجوم السيبراني من روسيا على أوكرانيا مقسوم إلى قسمين: الأوّل هو عبر تعطيل المواقع الإلكترونيّة سواء كانت حكوميّة أو غير حكوميّة وحتى مواقع تابعة لبنوك أوكرانيّة. إلّا أنّ خطورة هذا الهجوم محدودة، لأنّ هدفه فقط التعطيل. أمّا القسم الثاني والأخطر في الهجوم السيبراني الروسي، هو الـ wiping، ما يعني أنّ روسيا قامت بمسح كلّ البيانات المرتبطة بمراكز معلومات ومواقع أوكرانيا، وهذا الأمر في غاية الخطورة، خاصة إذا كانت أوكرانيا لا تمتلك نظام backup لاسترداد البيانات التي خسرتها.
ولفت أبي نجم، أنه بالتزامن مع الهجوم الروسي السيبراني على أوكرانيا، شهدت روسيا تعطّلًا في عدة مواقع تابعة لها كالكرملين، ومواقع حكوميّة أيضاً، حتى الرئيس الأميركي جو بايدن، صرّح أنّ من ضمن المقترحات للتضييق على روسيا، هو إطلاق هجوم سيبراني أميركي على روسيا.
وعن أهداف الهجمات السيبرانيّة يقول أبي نجم: “هدف الهجوم السيبراني ليس فقط تعطيل مواقع، بل ممكن أن تكون خطيرة لدرجة أن تسبّب قتلى وضحايا أكثر من الحرب العسكريّة، فمثلاً كلّ المستشفيات، ترتكز في معداتها الدقيقة وبيانات المرضى على أجهزة الكومبيوتر وعلى الإنترنت طبعاً، فتخيّلوا لو قامت روسيا بضرب الكهرباء وتعطيل الإنترنت في المستشفيات، وعزل الإنترنت عن كامل أوكرانيا، فلن تعود قادرة على معالجة مرضاها. هذا مثل بسيط عن مدى خطورة الهجوم السيبراني”.
وبحسب أبي نجم، الهجوم السيبراني هو أحد محاور الحرب الروسيّة على أوكرانيا، من خلال عزلها بالكامل من ناحية الإنترنت والاتصالات والبنى التحتيّة ومراكز البيانات، وتساعد في حصول روسيا على مبتغاها من الحرب إلى جانب القتال العسكري الجوي والأرضي. وطبعاً يساعد القتال العسكري عبر جمع معلومات مفيدة تصبّ في مصلحة الجهة المقاتلة أي روسيا، كمعرفة خطط أوكرانيا وتحرّكاتها العسكريّة…
وبالنسبة للتدابير القانونيّة التي ممكن أن تتخذها دولة تعرّضت لهجوم سيبراني من قبل دولة أخرى، صرّح أبي نجم أن لا قانون عالمي ممكن أن يُطبّق على كلّ الدول، فكل دولة لديها قوانينها الخاصة لا يمكن أن تفرضها على دولة أخرى، والنقطة الثانية أن لا محكمة ممكن أن تحكم على فريق ما أنّه مسؤول عن cyber attack أي هجمة سيبرانية، كلّ ما في الأمر اتهامات تصدر لكن لا يمكن تثبيت تهمة حتى ولو وجدت المعطيات لإدانة دولة ما. وفي حالة الحرب الروسية-الأوكرانية، الهجوم السيبراني هو أحد أسلحة روسيا الخفيّة لتعبيد طريقها نحو الفوز.