روسيا ترسم خرائط جديدة لعالم، متحرر من التبعية الامريكية
بقلم: الدكتور سمير محمد ايوب

النشرة الدولية –

بعيدا عما يحققه الجيش الروسي من انجازات ميدانية، وعن القدرة الروسية على حسم المعارك على الاراضي الاوكرانية متى شاءت – فهذا امر طبيعي يدركه العالم – ، الروس مصممون على تحييد أوكرانيا ونزع سلاحها، سواء دبلوماسيًا أو عسكريًا، مهما كانت الكلف والاثمان.

سبق وأن حذرت القيادة الروسية، اوكرانيا وداعميها، من عواقب ادارة الظهر لمطالبها، وخاصة حيادية اوكرانيا، ولم تخف توجهها لإستخدام بعيد المدى للقوة العسكرية. إستخدام اعدوا العدة له، ودرسوا تفاصيل احتمالاته، ووضعوا السناريوهات والخطط لمواجهة الاخطر فيه.

استغل التجييش الاعلامي الامريكي العمليات العسكرية الروسية، لتصعيد حرب نفسية ودعائية، رسخت انقسام العالم بين مؤيد لروسيا ومعارض لها. لكن ما يجمع عليه معظم الناس، هو انه قد تم التغرير بالقيادة الاوكرانية، ودفعت لهذه الحرب من قبل المعسكر الامريكي، وتركوا وحيدين في الميدان.

للتغطية على تقاعس اطياف المعسكر الذي تقوده امريكا، عن ارسال جنود للقتال بجانب اوكرانيا، قاموا وهم قلقون مما يستشعرونه من خطر، بتصعيد ميداني، شنوا في ظلاله بلا هوادة، حروبا ضد روسيا في كل الميادين باستثناء ميدان القتال. وما زالوا يهددون ويتوعدون بالمزيد.

ومع تقدم سير العمليات القتالية الزاحفة، رفع الروس سقف مطالبهم، واعلنوا عن اهداف اضافية، لا تقتصر على الحياد الاوكراني وتوابعه، بل تمدد سقف المطالب الى سحب السلاح النووي الامريكي من اوروبا، وعلى رفض اقامة قواعد عسكرية لحلف الناتو، في اي من دول الاتحاد السوفياتي سابقا. وعززت روسيا مطالبها هذه، بوضع قوات الردع النووي في حالة تأهب قصوى. وأعطت فرصة للمفاوضات والحل الدبلوماسي بالتزامن مع الحشد اللازم من القوة المادية القتالية، بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات.

اذا لم  تقبلها اوكرانيا، بالشروط والمطالب الروسية عبر الدبلوماسية، سيفرضها الروس عبر العمليات العسكرية، التي تتطور  “وفقا للمخطط” الذي وضعته موسكو. واذا ما استمر الحال على ما هو عليه من تصعيد ميداني، فإن تدحرج الامور ستتفاقم ، وقد تخرج عن السيطرة. وفي المحصلة، فإن الاوضاع مرشحة للتطور، وتغير المعادلات، التي يصعب التنبؤ فيما ستؤول اليه.

المؤكد ان الأسوأ لم يأت بعد. فما تزال اصداء اوكتوبر 1962 تدق في أسماع العالم أجمع، حين حاولت القيادة السوفيتية زرع صواريخها النووية في كوبا على عتبات البيت الابيض، حينها وضعت امريكا العالم ولمدة 13 يوما على حواف جهنم، حتى تم التوافق بين الجبارين آنذاك، الاتحاد السوفيتي وامريكا، على تفكيك الصواريخ الروسية وسحبها من كوبا، وعلى تفكيك الصواريخ الامريكية وسحبها من تركيا. فهل تتكرر الحكاية والسيناريو؟!! وتصبح اوكرانيا محايدة منزوعة السلاح النووي؟!!

المسافة التي تفصل ما يُشاع عن العمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا عما ستؤول اليه المشاهد الحقيقية، شاسعة للغاية. في حال توفرت الرغبة لفهم ما ستؤول اليه محصلة هذه العمليات، سرعان ما سيجد الراغب نفسه أمام تحولات وتعديلات استراتيجية في المشاهد لصالح روسيا وحلفائها، اول ما يخطر بالبال تحييد لاوكرانيا بالقوة، وافول نهائي لحكاية القطب الواحد، والا فمن يتمعن في المشاهد العالمية بدءا من الصين، لن يجد صعوبة في اكتشاف ان اوكرانيا بعد ان طفح كيل روسيا،ستتمزق وستؤكل، همسا يتصاعد يوميا صخبه.

Back to top button