قنبلة «الكذب» النووية!
بقلم: رجا طلب

النشرة الدولية –

على مدى الايام الماضية التى تابعت خلالها مجريات الحرب الروسية ضد أوكرانيا اكتشفت النوع الجديد والخطير من القنابل، إنها قنبلة «الكذب النووية»، فمع دخول القوات الروسية الأراضي الأوكرانية انطلقت بالتوازي مع عبور الدبابات الروسية طلائع الحرب الدعائية من قبل الرئاسة الأوكرانية وحلفائها في واشنطن ولندن وغيرهما من العواصم الغربية ضد الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا وضد روسيا بشكل عام، وبدأت قنابل الكذب بالانفجار وبلا توقف، فقد وصف الهجوم الروسي على أوكرانيا بانه اكبر عملية عسكرية في اوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، وهذا الوصف «مبتدأ» الأكاذيب وليس آخرها، لان أوروبا عام 1999 شهدت حرباً لم ينسها العالم بعد، إنها حرب حلف شمال الاطلسي ضد يوغسلافيا خلال الحرب على كوسوفو، وفي هذه الحرب استخدمت كل انواع الاسلحة بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والتوما هوك، وشاركت في تلك الحرب المدمرة الاميركية الشهيرة (يو إس إس جونزاليس).

ومنذ اليوم الأول حاولت ماكينة الإعلام المقربة من واشنطن إظهار الهجوم الروسي على أنه محاولة من بوتين لاحياء ما سمي بـ”الامبراطورية الروسية» وهو مصطلح مدروس بعناية ويحمل معنيين، المعنى الأول الحكم القيصري الروسي، والمعنى الثاني الدولة السوفييتية ولكل منهما الأثر النفسي غير المريح على ما يسمى «العالم الحر».

الرئيس بوتين كان واضحاً ومنذ عام 2014 حيث طالب بأن تبقى أوكرانيا على الحياد وألا تنخرط في أعمال عسكرية أو أمنية أو سياسية تعرض الأمن القومي الروسي للخطر، وأنا هنا لا أدافع عن روسيا بقدر ما استعرض الوقائع، دعوات بوتين على مدى ثماني سنوات لم تلق اي اهتمام من قبل «واشنطن والعالم الحر» وتحديداً خلال حقبة «اوباما – بايدن» وذلك في إطار عملية مدروسة بدقة لاستدراج بوتين إلى أوكرانيا من أجل إدخاله «قفص الإجرام وتحويله لمجرم حرب»، جرى ذلك وغيره أمام عالم يرى بعين واحدة، ويملك ذاكرة السمك، عالم يعتقد أنه حر فيما الواقع يقول إنه «عبد لواشنطن» التي ما أن تقرر شيئاً حتى يتبعها كقطيع، هذا القطيع تناسى أن واشنطن غزت العراق دون تفويض من مجلس الأمن عام 2003، وكانت الحجة لذلك الغزو أن بغداد تملك أسلحة دمار شامل وتهدد الأمن والسلم العالميين ودون أي أدلة تؤكد ذلك، رغم أن بغداد تبعد عن واشنطن مئات الآلاف من الكيلومترات، فواشنطن «فرعون هذا العصر» تبيح لنفسها ذلك لاعتبارات تتعلق بمصالح استعمارية بحتة ألا وهي السيطرة على النفط ومصادر الطاقة، وتقيم لاحقاً سلطة فاسدة بددت مئات المليارات من الدولارات وتركت العراق البلد الغني بحالة يرثى لها، بلا ماء وبه نهران وبلا كهرباء وهو ثالث أكبر منتج للنفط.

كشفت «غزوة اوكرانيا» المعايير المزدوجة حتى في التعامل مع روسيا نفسها، فالاتهامات الفظيعة لروسيا في ارتكاب مجازر في «غروزني 1994 – 1995» في الشيشان لم تلق أي عناية من أي جهة في العالم، وعندما اتهمت موسكو بنفس التهمة في الحرب في سوريا وتحديداً في حلب اكتفى العالم بالتنديد، وهو ما يدلل على أن أوكرانيا باتت «مكسر عصا» وفخاً يراد منه تحويل بوتين لمجرم حرب.

مسلسل الأكاذيب الذي اُستخدم في الحرب الأوكرانية متعدد ومتشعب ومن أخطر ما نتج عنها هو بزوغ «عصر النازية الجديدة» في التعامل مع الحرية وحقوق الإنسان، الرئيس الأوكراني زيلينسكي الذي بكى على احتلال بلاده من قبل روسيا كان في نيسان/ابريل من العام الماضي يبارك القصف الهمجي لغزة، وزلينسكي نفسه الذي كتب تغريدة شهيرة يتباكى فيها على أطفال الاحتلال واصفاً صواريخ المقاومة المنطلقة من غزة بالإرهابية، فهل يحق لهذا «المهرج» الذي ما زال يمثل أدواره فوق مسرح «العبث» الحديث عن الحرية والقيم الإنسانية؟

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى