موسكو تحاول عرقلة اتفاق مفاوضات النووي الإيراني

النشرة الدولية –

يحاول مسؤولون غربيون وأميركيون التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي هذا الأسبوع بعد جولات طويلة من المفاوضات تعرقلت أكثر من مرة.

لكن مطالب جديدة من روسيا تهدد بعرقلة المحادثات الرامية إلى استعادة الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم عام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

وقالت موسكو إنها تريد ضمانات مكتوبة بأن العقوبات المتعلقة بأوكرانيا لن تمنعها من التجارة على نطاق واسع مع طهران.

وجاءت المطالب التي قدمها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف  السبت ورفضها مسؤولون أميركيون الأحد في الوقت الذي قال فيه مسؤولون غربيون وإيرانيون إنهم على وشك التوصل إلى اتفاق لاستعادة الاتفاق النووي الذي رفع معظم العقوبات الدولية عن إيران مقابل قيود مشددة لكن مؤقتة على برامج طهران النووية.

وغادر كبار المفاوضين من القوى الأوروبية فيينا للعودة إلى بلدانهم الجمعة في انتظار أن تحاول إيران والولايات المتحدة حل الخلافات النهائية بينهما.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لشبكة CBS الأميركية، الأحد، “أحرزنا تقدما حقيقيا في الأسابيع الأخيرة وأعتقد أننا قريبون، ولكن هناك بعض القضايا المتبقية الصعبة للغاية”.

وحذر مسؤولون غربيون إنه سيكون من “المستحيل” استعادة الاتفاق النووي الإيراني في حال تأخرت المفاوضات أكثر، حيث تقف إيران على بعد أشهر قليلة من القدرة على جمع ما يكفي من الوقود النووي لصنع قنبلة واحدة على الأقل.

وأظهر تقرير سري صادر عن الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة تم توزيعه الخميس أن إيران أنتجت الآن 33.2 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب، أي حوالي ثلاثة أرباع ما تحتاجه للحصول على ما يكفي من الوقود لصنع سلاح نووي.

 

ويقول خبراء إن إيران ستستغرق بضعة أسابيع فقط لجمع ما يكفي من الوقود النووي.

وتلعب روسيا دورا مهما في الاتفاق النووي، يشمل تلقي اليورانيوم المخصب من إيران واستبداله بالكعكة الصفراء، وعمل روسيا على تحويل منشأة فوردو النووية الإيرانية إلى مركز أبحاث.

ومع ذلك، بدا أن لافروف يطالب بضمانات أكثر شمولا بكثير يمكن أن تؤدي إلى ثغرات كبيرة في العقوبات المالية والاقتصادية والعقوبات المشددة على الطاقة التي فرضها الغرب في الأيام الأخيرة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال لافروف “طلبنا ضمانا مكتوبا… أن العملية الحالية التي أطلقتها الولايات المتحدة لا تضر بأي شكل من الأشكال بحقنا في التجارة الحرة والكاملة والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتعاون العسكري التقني مع إيران”.

وبعد فترة وجيزة من تصريحات لافروف، غرد كبير المفاوضين الروس في المحادثات النووية، ميخائيل أوليانوف، بأنه أثار أسئلة تحتاج إلى معالجة مع مسؤول أوروبي كبير “لضمان تعاون نووي مدني سلس مع إيران”.

وقال بلينكن لشبكة “سي بي إس” إن العقوبات الغربية على روسيا “لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني”، مضيفا “هذه الأشياء مختلفة تماما ولا ترتبط بأي شكل من الأشكال ببعضها البعض، لذلك أعتقد أن هذا غير ذي صلة”.

وقال الوفد الإيراني في فيينا نهاية هذا الأسبوع إنه ينتظر توضيحا من موسكو.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي لم تذكر اسمه قوله إنه إذا كانت الضمانات تتعلق فقط بالعمل الذي ستقوم به روسيا في إيران بموجب اتفاق نووي مستعاد “فمن الممكن التعامل مع هذا”، مضيفا “لكن إذا كان لافروف يستخدم هذا كمسرحية لمحاولة اقتطاع ثغرة كبيرة من العقوبات الشاملة على أوكرانيا، فهذه قصة مختلفة”.

وفي كلتا الحالتين، يبدو أن المطالب الروسية ستبدأ المحادثات الأسبوع المقبل، حسبما قال دبلوماسيان غربيان للصحيفة.

وقال دبلوماسيون غربيون إن روسيا لعبت دورا بناء بشكل عام في المحادثات، وفي بعض الأحيان سحبت إيران من مطالب غير معقولة وضغطت على طهران – علنا في بعض الأحيان – لعدم تأجيل المحادثات لفترة طويلة جدا.

ومع ذلك، قال مسؤولون غربيون كبار إنه خلال الأيام القليلة الماضية، ومع وجود الصراع الأوكراني في الخلفية، كان المسؤولون الروس في المحادثات أكثر ترددا، وقالوا لنظرائهم إنهم بحاجة إلى التحقق من الأفكار الجديدة مع موسكو.

ونقلت رويترز عن، هنري روما، محلل الشؤون الإيرانية في مجموعة أوراسيا الاستشارية إن إحياء الاتفاق النووي بدون روسيا “صعب لكنه ربما يكون ممكنا على الأقل على المدى القريب”.

وقال روما لرويترز “إذا استمرت روسيا في عرقلة المحادثات أعتقد أن الأطراف الأخرى وإيران لن يكون أمامها خيار سوى التفكير بشكل خلاق في سبل إنجاز الاتفاق دون تدخل موسكو.”

وقال لرويترز إن المفاوضين الإيرانيين التقوا، الأحد، بالدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا الذي ينسق المحادثات بين طهران والقوى العالمية.

ومن شأن عودة النفط الإيراني أن تساعد في تعويض النفط الروسي المتعرض للعقوبات، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى عزل موسكو في أعقاب الغزو على أوكرانيا وتخفيف تأثير العقوبات على الغرب الذي يعاني بالفعل من ارتفاع التضخم.

وأشار المفاوض الأميركي روبرت مالي إلى أن تأمين الاتفاق النووي أمر غير مرجح ما لم تفرج طهران عن أربعة مواطنين أميركيين من بينهم أب وابنه هما باقر وسياماك نمازي.

وقال مسؤول إيراني كبير في طهران إنه إذا تمت تلبية مطالب طهران فإن قضية السجناء يمكن حلها مع أو بدون إحياء الاتفاق النووي.

وتنفي إيران، التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة، الاتهامات الأميركية بأنها تحتجز السجناء لكسب نفوذ ديبلوماسي.

وفي السنوات الأخيرة، اعتقل الحرس الثوري عشرات من مزدوجي الجنسية والأجانب، معظمهم بتهم تتعلق بالتجسس والأمن.

وسعت طهران إلى إطلاق سراح أكثر من عشرة إيرانيين في الولايات المتحدة، من بينهم سبعة إيرانيين أميركيين مزدوجي الجنسية، وإيرانيان يحملان إقامة دائمة في الولايات المتحدة، وأربعة مواطنين إيرانيين ليس لديهم وضع قانوني.

زر الذهاب إلى الأعلى