الإمارات: “علاقاتنا مع واشنطن تمر بإختبار” .. غير مستعدة لتكون قوة تعمل بالوكالة.. وتسعى لتطوير صناعة دفاعية مكتفية ذاتيا

قال دبلوماسي إماراتي بارز يوم الخميس، إن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة تمر باختبار، في اعتراف نادر بضغوط تشهدها الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتي سُلّطت عليها الأضواء بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.

وعبرت الإمارات عن عدم ارتياحها في السنوات الماضية بشأن ما تعتبره تراجعا في التزام واشنطن بأمن شركائها في المنطقة بينما وطدت أبوظبي علاقاتها بموسكو وبكين.

وزادت الخلافات بشأن الحرب في اليمن وسياسة واشنطن تجاه إيران وشروط أمريكا لتنفيذ صفقات مبيعات السلاح من تلك المخاوف ثم تفاقم الأمر بعدم دعم الإمارات لقرار صاغته الولايات المتحدة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بامتناعها عن التصويت، وهو ما أظهر أن واشنطن لا يجب أن تعتبر دعم الإمارات أمرا مسلما به.

وقال يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوم الخميس، خلال مؤتمر حول صناعة الدفاع والتكنولوجيا والأمن في أبوظبي “مثل أي علاقة. فيها أيام قوية، العلاقة فيها صحية جدا. وأيام العلاقة فيها موضع تساؤل. اليوم، نمرّ بمرحلة اختبار جهد، لكنني واثق من أننا سنخرج منها وسنكون في موقع أفضل”.

وتحاول الإمارات ودول خليج عربية أخرى البقاء على الحياد بين الحلفاء الغربيين وروسيا شريكتهم في تكتل منتجي النفط أوبك+.

كما أن لصناديق الاستثمار الإماراتية التابعة للدولة حصصا في شركات روسية وعلاقات استراتيجية بصندوق الثروة السيادي الروسي.

كما أن لدى الإمارات وروسيا مصالح جيوسياسية مشتركة في سوريا وليبيا.

وبعد الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن ضد روسيا، صوتت الإمارات هذا الأسبوع دعما لقرار مماثل في الجمعية العامة للأمم المتحدة لكنه كان تصويتا غير ملزم ومن غير المرجح أن يخفف من وطأة موقف الإمارات الأصلي من الأمر.

وتقول سينثيا بيانكو الزميلة الزائرة في المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية “الأمر مضر لأنه مؤشر علني للغاية على التوتر” وقارنت بين الامتناع عن التصويت والقنوات الأخرى غير العلنية التي عبرت بها أبوظبي من قبل عن استيائها.

ورغم أن الأمارات ودول خليج عربية أخرى تعتمد في العادة على المظلة العسكرية الأمريكية للحماية، إلا أن تلك الدول لديها مخاوف من أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قلصت من التزامها حيال المنطقة خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وتركيزها المتزايد على مواجهة الصين.

وقالت بيانكو إن رسالتهم لواشنطن هي “إذا أردتم تغيير قواعد اللعبة وتريدون تقليل الالتزام نحونا، فنحن نستعيد الحق في أن نكون أقل التزاما نحوكم”.

ربط بعض الدبلوماسيين بين تردد الإمارات في إدانة موسكو وتصويت بعدها بأيام قليلة دعمت فيه روسيا حظرا من الأمم المتحدة على السلاح لحركة الحوثي اليمنية التي شنت هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات والسعودية.

ونفت الإمارات وروسيا التوصل لأي اتفاقات بشأن التصويت. لكن مسألة الحوثيين لا تزال نقطة تثير التوتر مع واشنطن.

وسعت الإمارات، بعد أن قتلت هجمات صاروخية للحوثيين ثلاثة مدنيين في أبوظبي في يناير/كانون الثاني، إلى دفع واشنطن لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ومساعدة الإمارات على تعزيز دفاعاتها ضد مثل تلك الهجمات.

وقال دبلوماسي غربي “يعتبرون رد الولايات المتحدة متواضعا، كانوا مصرين حقا على تصنيفهم (الحوثيين) جماعة إرهابية”.

كما تشعر الإمارات بالإحباط بسبب بطء وتيرة تنفيذ صفقة لشراء مقاتلات أمريكية من طراز إف-35 والشروط المرتبطة بها. وقالت في ديسمبر/ كانون الأول إنها ستعلق المباحثات حول الصفقة التي تمثل جزءا من صفقة أكبر قيمتها 23 مليار دولار وتتضمن طائرات مسيرة وذخائر متطورة أخرى.

ومن النقاط العالقة مخاوف من علاقة أبوظبي مع الصين بما في ذلك استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس من إنتاج شركة هواوي الصينية في الإمارات وكيفية نشر الطائرات المقاتلة إف-35 ومدى التكنولوجيا التي يمكن للإمارات استخدامها في الطائرات.

وقال العتيبة “أعتقد أنه ليس لنا فقط سجل قوي جدا ونظيف جدا في عدم الحصول على أشد التكنولوجيا الأمريكية والغربية الأخرى حساسية بل إن لنا سجلا متينا بصورة لا تُصدق في حماية تلك التكنولوجيا”، مضيفا أنه لم يحدث أن وقعت أي تكنولوجيا “في الأيدي الخطأ”.

ولدى الإمارات مقاتلات أمريكية من طراز إف-16.

وقال العتيبة، إن الإمارات تريد تطوير صناعة دفاعية مكتفية ذاتيا.

وأضاف “نريد أن تأتي دول وشركات إلى هنا وتقيم الصناعة، نريد أن ينقل الناس تكنولوجياتهم إلى هنا. ونريد أن يطور الناس تكنولوجياتهم هنا”.

تراقب الإمارات أيضا عن كثب جهود إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية والتي قد تثمر في الأيام القليلة المقبلة عما يؤدي لرفع العقوبات عن طهران وإعطاء اقتصادها دفعة ويرسخ من موقفها الإقليمي.

وإضافة لصلات إيران بالحوثيين، زادت جماعات مسلحة تدعمها طهران نفوذها في دول مثل العراق ولبنان. ومن أجل موازنة القوة الإيرانية إلى حد ما، تؤسس الإمارات لعلاقات قوية مع دول مثل الصين وروسيا وتسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية.

ويقول أندرياس كريج الأستاذ المساعد في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج في لندن “هذا الميل صوب الشرق يعني بالضرورة ابتعادا من الإمارات عن الغرب”، مضيفا أن الإمارات ستسعى إلى تحقيق مصالحها الوطنية.

يقول أيهم كامل من مجموعة يوراسيا للأبحاث إن تصريحات السفير عتيبة تظهر حدود العلاقة مع واشنطن التي وصفها بأنها شراكة وليست تحالفا رسميا بموجب معاهدة.

وتابع قائلا “القيادة في أبوظبي ليست مستعدة لتكون قوة تعمل بالوكالة. هم ليسوا ذراعا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط… ليس هناك معاهدة”.

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى