هذه هي المعطيات التي بنى عليها “حزب الله” لترشيح فرنجية
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
بدأ «حزب الله» معركته الرئاسية بدعم ترشيح حليفه رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. يدرك أنها معركة صعبة تحتاج إلى تراكم اتصالات وحوارات وجهد وصولاً إلى التسوية وهو المؤمن بأن لا رئيس للجمهورية في لبنان من دون توافق. منذ إعلانه الذي لم يكن مستبعداً، أثيرت ردات فعل منها المعلن ومنها المضمر. إستنفرت أطراف مسيحية بكركي وتقدمت إمكانية التلاقي المسيحي في مواجهة الإعلان. كله لا يزال تحت سقف المتوقع. ما زال «حزب الله» في أول الطريق. هي تجربة التمسك بترشيح العماد ميشال عون تتكرر. هكذا توحي أجواء «حزب الله» وأوساطه.
أسئلة كثيرة واستفسارات إستتبعت إعلان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله دعم فرنجية والذي أعقب إعلاناً مماثلاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري، من بينها والأهم لماذا لم يسبقهما فرنجية لإعلان ترشيحه عوض إحراجه مسيحياً وخارجياً لظهوره على أنه مرشح الثنائي؟
تقصّد «حزب الله» فتح أوراقه والدعوة إلى حوار علني فوق الطاولة بدل أن يلعب كل طرف خلف الستار. كان فريق المعارضة يصوّت لصالح النائب ميشال معوض أمام الكاميرا بينما كان يعمل خلف الستار لصالح قائد الجيش جوزاف عون، مرر الثنائي وحلفاؤه الورقة البيضاء تلافياً لحرق مرشحهم وقد حان الوقت لإعلان دعمه والدعوة لحوار بشأن انتخابه.
على خلاف ما قيل لم تكن الخطوة إلا بالتنسيق مع فرنجية. سبق ورتب لها الإجتماع الذي عقد في عين التينة واستضاف بري خلاله رئيس «المرده» والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» الحاج حسين الخليل. كان سؤال فرنجية واضحاً ومباشراً على المجتمعين عن توقيت اعلان دعم ترشيحه وطبيعة المعركة بعده.
شعر «حزب الله» وكأن تجربة ميشال عون تتكرر مجدداً حين تريث في إعلان تأييد ترشيحه فبقي الأمر مدعاة تشكيك في أوساط عائلته والمقربين إلى أن أعلنها السيد نصر الله صراحة بتبني ترشيحه. هنا أيضاً كان أول أهداف الإعلان قطع الشك باليقين عند فرنجية وأنصاره وكي يتأكد من صلابة موقف «حزب الله». صحيح أنّ خطوة الإعلان لم يتم الإتفاق بشأنها في الإجتماع لكن خلفيته وغايته كانتا التأكيد على دعم ترشيحه فارتأى بري إخراج الموقف إلى العلن وأعقبه السيد نصر الله. إعلان ثابت لا عودة عنه ولا خطة باء بالمقابل.
يرفض «حزب الله» وفق أوساط مطلعة على أجوائه إرجاء دعم فرنجية ريثما يعلنها المرشح ذاته «ومن لا يعلم أن فرنجية مرشح للرئاسة وقد سبق وأعلن عن ترشيحه بنفسه في عدة مناسبات». وتقول: كان الثنائي يتريث في الإعلان كي لا يكون إسمه عرضة للحرق على غرار ما واجه ترشيح النائب ميشال معوض، ولأنّ غالبية 65 صوتاً لم تتأمن بعد. واليوم وبعد أن كان الثنائي متهماً بالتعطيل فالمطلوب أن يظهر من هو المعطل الحقيقي لإنتخاب الرئيس. منذ بداية الجلسات كانت أصوات المعارضة تصب في خانة إنتخاب معوض وأسماء أخرى مختلفة، وكان الثنائي يصوت بورقة بيضاء. تغيرت قواعد اللعبة فبات للثنائي مرشحه ويفترض أن يكون للفريق الآخر مرشحه أيضاً.
أما بخصوص رد الفعل الخارجي والسعودية على وجه الخصوص، فتقول الأوساط المطلعة على أجواء «حزب الله»، إن موقف المملكة لم يكن جديداً، هي ذاتها سبق ورفضت في الإجتماع الخماسي في باريس ترشيح فرنجية وقالت ان انتخابه يعني أن العلاقة ستستمر على حالها وهذه ردة فعل طبيعية.
بإعلان أمينه العام بدأ «حزب الله» المعركة الجدية لإنتخابات الرئاسة وعكس المشهد لصالحه، وبعد أن كان الفريق الآخر ينتخب لمعوض أمام الكاميرا بينما مرشحه الحقيقي هو جوزاف عون وينتظر فرصة للخروج من المرشح الوهمي إلى المرشح الحقيقي، أعلن «حزب الله» عن اسم المرشح الذي يدعمه ودعاهم إلى الحوار بشأنه، خاصة وقد كان واضحاً في باريس كيف سلم المجتمعون بصعوبة وصول جوزاف عون إلى الرئاسة لحاجته إلى غالبية 86 صوتاً لتأمين النصاب وإلى تعديل دستوري، ما يعني أنّ حظوظ المرشح الثاني معدومة ما يستدعي الخروج من المرشح الوهمي إلى المرشح الحقيقي عند المعارضة بعد أن أعلن الثنائي مرشحه.
المناخات المساعدة
منذ لحظة مجاهرته بموقفه كان أغلب الظن أن لـ»حزب الله» معطياته والمناخات التي بنى عليها ترشيح فرنجية والتي تلخصها المصادر بالقول: كل الإشارات تفيد أن فرنسا تقبل بوصول فرنجية مقابل تسوية، وأميركا وإن كان لم تُعرف حقيقة موقفها بعد لكنها لم تبلغ معارضتها لوصوله. أما السعودية المدركة أنّ رئاسة الحكومة ستكون لشخصية محسوبة عليها، فهي حكماً تريد تحقيق أمور أخرى لا يعرفها «حزب الله» بعد. فهل تريد التفاوض على الوضع في اليمن ومن هو الوسيط؟ ممكن أن يكون بري مثلاً؟ ويمكن لمثل هذا الكلام أن يفهم على أنه دعوة صريحة للسعودية للتفاوض ليكون ذلك بمثابة تطور جديد في العلاقة يعكس رغبة «حزب الله» في الخروج من نطاق الرئيس غير المرغوب فيه سعودياً.
بإعلانه يراهن رئيس المجلس على اتصال سعودي مع سوريا وقد بدأت التحضيرات لذلك منذ أن زار مدير إدارة المخابرات العامة السورية حسام لوقا السعودية لمدة أسبوع، وصولاً إلى موقف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن عودة محتملة لسوريا إلى جامعة الدول العربية، ما جعله متفائلاً بإمكانية الوصول إلى تسوية. حتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال أمام زائريه إن وصول فرنجية للرئاسة مسألة وقت. أي أن المفاوضات الإقليمية السورية السعودية والإيرانية الأميركية والإيرانية السعودية تصب في مصلحة ترشيحه.
لكن ما هي فرص انتخابه؟ تجيب المصادر قائلة: المؤكد وجود 50 صوتاً لصالحه ما يعني أنه الأول حالياً، وما سيفعله الثنائي هو البناء على المتوافر والإنطلاق بمعركة مزدوجة أساسها تأمين النصاب للجلسة. فمن سيؤمن النصاب؟ العين على رئيس الإشتراكي وليد جنبلاط، ومن ناحية النواب السنة فإذا قالت السعودية لا حاسمة ضد فرنجية ستجاريها غالبيتهم حكماً باستثناء النواب القريبين من الثنائي، لكن إن غضت الطرف عن انتخابه فسيكون النواب بمجملهم ولا سيما المحسوبين على المستقبل الى جانب خيار سليمان فرنجية.
بدأ «حزب الله» معركة فرنجية في نفس السياق الذي سبق وخاضه في معركة ميشال عون. تطلب الأمر فترة طويلة لاستمزاج الآراء. عندما إنطلقت جلسات الإنتخاب لم تكن تزيد الأصوات التي نالها عن الأربعين فصبر إلى أن حصلت التسوية، ومن قال إن مثل هذه التسوية غير واردة اليوم أيضاً؟ من وجهة نظره فإن التسوية ممكنة وهو دعا اليها عملياً. خطوة أولى كانت ضمن مسار طويل وشاق لكن أساسه أنه فتح باب المعركة الرئاسية على مصراعيه. قال كلمته منتظراً الجواب.