بوتين يستعين بـ”المرتزقة”… وزيلينسكي يُحذّر من “قتلة سوريين” وبايدن يُهدّد
النشرة الدولية –
على الرغم من أن إعلان رئيس “دولة عظمى” تحتلّ مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي استعانته بالمرتزقة في حرب بربريّة يشنّها ضدّ دولة جارة ذات سيادة، ضارباً عرض الحائط بالإتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، قد يبدو للوهلة الأولى خبراً يُثير دهشة كثيرين وذهولهم. لكن عندما يصدر هكذا موقف من “قيصر” الكرملين فلاديمير بوتين الذي يسعى جاهداً لإعادة إحياء أمجاد “الأمبراطوريّة الروسيّة”، فإنّ النبأ قد لا يُشكّل صدمة للمستمعين، إنّما يُثير مخاوفهم مما هو قادم في “الحرب القذرة” ضدّ أوكرانيا، حيث يتخوّف مراقبون من أن يفتح هذا الإعلان شهيّة “عناصر جهاديّة إرهابيّة” استخدمتهم وتستخدمهم أنظمة بائدة في الشرق الأوسط، للقدوم والقتال في أوكرانيا وترويع أهلها وارتكاب انتهاكات وجرائم ضدّ الإنسانية تحت “راية التحرير الروسيّة”.
لقد بات بوتين يلعب كلّ الأوراق المتوفّرة بين يديه لتحقيق مكاسب ميدانية على الساحة الأوكرانية، خصوصاً بعدما تكبّد جيشه خسائر فادحة، بشرية ومادية، جرّاء المقاومة الشرسة التي لم تضرب لها موسكو حساباً. لذلك، أعطى الرئيس الروسي “الضوء الأخضر” لمساعدة 16 ألف مرتزق من الشرق الأوسط وسوريا تحديداً في الوصول إلى أوكرانيا، فيما رأى المراقبون أن بوتين يطلب اليوم خصوصاً من السوريين الذين يدورون في فلك نظام الرئيس السوري بشار الأسد “ردّ الجميل” له بعدما أنقذ التدخّل العسكري الروسي في الحرب السورية نظامهم ومنع سقوطه المحتّم.
وفي هذا الصدد، كشف الكرملين أنه سيُسمح للمقاتلين من سوريا ودول الشرق الأوسط بالقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، موضحاً أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو لفت إلى أن “معظم الأشخاص الذين يرغبون وطلبوا (القتال) هم مواطنون من دول في الشرق الأوسط وسوريون”، فيما قال بوتين لشويغو خلال اجتماع متلفز لمجلس الأمن الروسي: “إذا رأيتم أن الناس يُريدون الذهاب إلى هناك طوعاً ومساعدة من يعيشون في دونباس، عليكم مقابلتهم ومساعدتهم في الوصول إلى منطقة القتال”، بينما سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى التنديد بالقرار، معتبراً أن موسكو تتعاقد مع “قتلة سوريين” من أجل “تدمير أوكرانيا”، وقال في مقطع فيديو على “تلغرام”: “إنّها حرب مع عدو عنيد جدّاً… قرّر استخدام مرتزقة ضدّ مواطنينا. قتلة من سوريا، من بلد دمّر فيه المحتلّون كلّ شيء، كما يفعلون بنا”.
لكن الرئيس الروسي زعم في الوقت عينه وجود “تحوّلات إيجابية” في المحادثات بين موسكو وكييف، في حين حذّر رئيس أركان القوات المسلّحة الفرنسية الجنرال تييري بورخار في رسالة موجّهة إلى الضباط من أن عدم تحقيق الإنتصار العسكري السريع في أوكرانيا الذي توقّعته موسكو في البداية، يجعل بوتين “غير قابل للتنبؤ أكثر فأكثر”، معتبراً أن “كلّ شيء ممكن وعلينا أن نكون مستعدّين”، فيما تخشى واشنطن ولندن من استخدام موسكو أسلحة كيماوية في أوكرانيا.
ميدانيّاً، ركّز الجيش الروسي أمس على كييف وشرق أوكرانيا، حيث وسّع هجومه ليشمل مدينة دنيبرو الكبيرة. وأوضح الجيش الأوكراني في بيان أن العاصمة إلى جانب ماريوبول المطلّة على بحر آزوف وكريفي ريغ وكريمنتشوغ ونيكوبول وزابوريجيا، هي المناطق الرئيسية التي ما زالت جهود القوات الروسية تتركّز فيها، معتبراً أن العدو غير القادر على تحقيق نجاح يواصل هجماته بالصواريخ والقنابل على مدن واقعة في عمق الأراضي الأوكرانية، وهي دنيبرو ولوتسك وإيفانو – فرانكيفسك.
وكانت دنيبرو المركز الصناعي الواقع على نهر دنيبر، هدفاً لغارات كثيفة أسفرت عن مقتل شخص على الأقلّ، إذ أعلنت خدمات الطوارئ الأوكرانية أنه في وقت مبكر الجمعة “تعرّضت المدينة لثلاث غارات جوّية استهدفت حضانة أطفال ومبنى سكنيّاً ومصنعاً للأحذية من طابقَيْن اندلع فيه حريق. وقُتِلَ شخص”. وبعد استهداف مستشفى للأطفال في ماريوبول الأربعاء، تعرّض مركز للمعوّقين قرب خاركوف في شمال شرق البلاد، لضربة بالأمس، لكنّها لم تُسفر عن أي خسائر بشرية.
كما قُتِلَ جنديان أوكرانيان وأُصيب 6 في قصف على مطار لوتسك العسكري شمال غرب البلاد. كما استهدفت القوات الروسية مطار إيفانو – فرانكيفسك العسكري في أقصى غرب البلاد، فضلاً عن تنفيذ موسكو غارات على مدن تشيرنيهيف وسومي وخاركوف، ما ألحق أضراراً كبيرة بمبان سكنية، فيما يستمرّ الوضع الإنساني في التدهور في المناطق المحاصرة أو المهدّدة بالهجوم الروسي.
وبينما اتهمت دول غربية روسيا بنشر “نظريات مؤامرة جامحة” بعد أن اتهم مندوب موسكو خلال جلسة لمجلس الأمن الولايات المتحدة وأوكرانيا بإجراء أبحاث لاستخدام الخفافيش في شنّ حرب بيولوجية، وفيما شدّدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو خلال الجلسة على أن الأمم المتحدة “لا علم لديها بأي برنامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا”، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن موسكو “ستدفع ثمناً باهظاً إذا استخدمت أسلحة كيماوية” في أوكرانيا، متعهّداً في الوقت عينه بتجنّب مواجهة مباشرة بين “حلف شمال الأطلسي” وروسيا، “تؤدّي إلى حرب عالمية ثالثة”.
وبالموازاة مع كلمة بايدن، أعلنت وزارة التجارة الأميركية حظر تصدير المنتجات الفاخرة إلى روسيا وبيلاروسيا. وبين المنتجات الفاخرة الأميركية التي تشملها العقوبات، المشروبات الكحولية ومنتجات التبغ والثياب والحلي والسيارات والقطع الأثرية. كما كشفت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي سيحظر بدوره تصدير المنتجات الفاخرة إلى روسيا بهدف توجيه “ضربة إلى النخبة الروسية”.
وفي السياق، أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس فرض بلادها عقوبات على 386 نائباً روسيّاً، مشيرةً في بيان إلى أن هؤلاء النواب الذين صوّتوا للإعتراف باستقلال منطقتَيْ دونيتسك ولوغانسك، سيخضعون لمنع السفر ولتجميد أصولهم في المملكة المتحدة، في حين قرّرت اليابان تجميد أصول 3 مصارف بيلاروسية.