أوكرانيات يصدمن العالم بمقاومتهن…أمام الدبابات وفي الملاجئ

النشرة الدولية –

النهار العربي – نورا عامر –

أظهرت نساء أوكرانيا شجاعة لا توصف في دفاعهن عن بلدهن، واستحوذن اعجاب العالم بصلابتهن في مقاومة الغزو، فتحولت يومياتهن قصصاً ملهمة في حب الوطن.

ولم تبدأ حكاية الاوكرانيات مع أدوار كانت حكراً للرجال مح الحرب الروسية الاخيرة. فبعدما منعت قواعد الحقبة السوفياتية المرأة من أداء أدوار قد تعرض صحتها الإنجابية للخطر، منح الجيش الأوكراني النساء الحق في القتال واعتلاء مناصب قيادية في الجيش عام 2016. وجاء التغيير في السياسة بعد ضغوط بذلتها محاربات قديمات، ومنهن أولينا بيلوزرسكا،  التي تطوعت في النقاط الساخنة خلال الحرب في شرق أوكرانيا بين عامي 2014 و2016.

وكان دور النساء محورياً في مواجهة القوات الروسية منذ عام 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها. واليوم، تمثل النساء حوالي 10 في المئة من القوات المسلحة الأوكرانية، ويعملن إلى جانب الرجال في المناصب القتالية.

ومع دخول الدبابة الروسية الاولى إلى أوكرانيا في 24 شباط (فبراير)، برزت نساء على جبهات عدة. في الشوارع تقفن أمام دبابات حاولت الوصول إلى مفاعل للطاقة النووية، وفي الملاجئ يساعدن أمهات حديثات الولادة. وانتشرت صور لكثيرات منهن يحملن السلاح، وإن يكن بعضهن أقر بأنها المرة الأولى التي سيستعملنه. وفي اليوم العالمي للمرأة، نستعيد قصص بعض الاوكرانيات اللواتي ادهشن العالم.

كيرا روديك – حملة شرسة لطرد بوتين

“أنا لا أجيد الرماية، لكن مهمتي إيصال رسالتنا للعالم. ولدي دافع لطرد بوتين!”،  قالت النائبة الأوكرانية كيرا روديك (36 سنة).

النائبة الأوكرانية كيرا روديك.

وفي البرلمان الأوكراني، تعمل روديك 20 ساعة يومياً في محاولة لتعبئة رأي عام عالمي مؤيد لفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، فضلاً عن رفع الروح المعنوية لشعبها.

وتحولت زعيمة حزب “فويس” ظاهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما تميزت منشوراتها بالبنادق والخطابات النارية. وأكدت أن النساء في مختلف أنحاء أوكرانيا يشاركن في القتال بأعداد قياسية، للمساعدة في مواجهة غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ورسالتها للنساء الأوكرانيات بسيطة، مفادها: “عندما فكر بوتين في احتلال دولتنا، لم يكن يعتقد أن النساء سيقاتلن، ولم يحص عددهن. فلنا أن ندمر حساباته… في اجتماع مجلس الأمن في ميونيخ، قيل لي إن بوتين سيهزمنا في يوم واحد. لكنه لم يفعل”.

ورفضت روديك فكرة أن الحرب قد تقتصر على أوروبا الشرقية، مشددة أن هذه الحرب أكبر من أوكرانيا، وهي تمثل قصة ديفيد وجالوت، ما بين الماضي والمستقبل، والديموقراطية والديكتاتورية.

وفي وقت شعرت بالشفقة على الجنود الروس الذين قيل لهم أن النساء الأوكرانيات “سيرمين أنفسهن على أقدامهم”، أكدت روديك أنها مستعدة لإعادتهن إلى روسيا جثثاً، معلنة أن الأوكرانيات سيرشقونهم  بزجاجات المولوتوف.

وشددت روديك أنها لن تغادر كييف، حتى لو تعرضت العاصمة للحصار.

وبعدما كانت منتقدة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انضمت الى فريقه أخيراً، وذكرت بكلمات الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشنكو: “جامعة ستانفورد لا تدرس إدارة الحرب، إنما تتعلمون دروسها على الارض”.

أناستاسيا لينا – المشاركة في القتال

وحملت ملكة جمال أوكرانيا لعام 2015 أناستاسيا لينا السلاح لمحاربة القوات الروسية، إلى جانب “طوابير طويلة” من المواطنين الذين ينتظرون الحصول على أسلحة في مراكز التجنيد في كييف.

ونشرت لينا صورة في حسابها عبر “إنستغرام”، معلنة أنها انضمت للمقاومة الوطينة. وأرفقت المنشور بهاشتاغ “ارفعوا يدكم عن أوكرانيا”.

وحملت الجندية الشابة بنتا زاكليشكا بدورها بندقية قتالية، وهي تتدرب باستمرار على كيفية الجري والاختباء من صفارات الإنذار المنتشرة في كل مكان.

فيكتوريا كريستينكو – تنظيم العمليات في الملاجئ

يمثل مصنع جعة “برافدا” رمزاً أوكرانياً. وفي داخله، تحول الملجأ في الطابق السفلي مركز الاستجابة الأوكرانية لأزمة اللاجئين.

ويجلس أوكرانيون على طاولات مرتفعة، ومعظمهم من النساء، ويعملون على أجهزتهم التي تخزن الأسماء والأرقام والمواقع.

وذكرت سيدة الأعمال الناجحة ونائبة مجلس مدينة لفيف فيكتوريا كريستينكو (40 سنة) أنها تصلي يومياً لمقتل بوتين، وتدرك أن هذا الدعاء ليس إنسانياً، لكن المرحلة التي تواجهها دولتها ليس طبيعية.

ويتدفق المتطوعون على مدار اليوم والأسبوع، وتبقى كريستينكو ثابتة. وفي وقت شارك مليون مواطن في العملية، قد يصل مليون أوكراني آخر خلال أيام.

وتتولى كل مجموعة مسؤولية دولة، ومنها بولندا ورومانيا والمجر وغيرها من الدول. وشددت كريستينكو على ضرورة تأمين أموال لشراء الوقود، من أجل نقل النساء والأطفال في حافلات إلى الحدود.

آنا زاكليشكا – بث حلقات من مكان سري

وفي أرجاء البلاد، يسمع الأوكرانيون صوت آنا زاكليشكا (37 سنة) عبر إذاعة “برومين أف أم”، بعدما خصصت المذيعة الأوكرانية برنامجها الإخباري للتحدث عن الحرب وسلامة الشعب الأوكراني وتوحيد قواته المسلحة.

وتقوم ببث حلقاتها من مكان سري، وتحاول الحفاظ على اتصالها بشبكة الإنترنت، متجاهلة فكرة أنها تحت الضغط. وأكدت أن هزيمة بوتين مسألة وقت.

وفي قصة بطولية معبرة، يتناقل الأوكرانيون رواية امرأة   أسقطت طائرة روسية مسيرة برشقها بجرة من الطماطم المخللة كانت الأقرب إليها.

ونشرت مستشارة الحكومة الأوكرانية ليوبوف تسيبولسكا في حسابها عبر “تويتر”: “في كييف، أسقطت امرأة طائرة مسيرة روسية من شرفة بجرة من المخلل. فكيف يستنظرون احتلال هذه الدولة؟. ولاقى منشورها 200 ألف علامة اعجاب.

وفي البداية، اعتبر كثيرون القصة  “خرافة عسكرية”، ومنهم صحافية في موقع “ليغا لايف”، إلى أن سمعت من صديقة: “هذه قصة حقيقية. إنها والدة صديقتي”.

وافقت أولينا على التحدث إلى الموقع، من دون إعطاء اسمها وصورتها بسبب خوفها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى