فساد الأفخاذ العارية
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
دخلت الدولة برمتها مؤخراً في دوامة من الشكوك والاتهامات والمطالبات غير المسبوقة بسبب زيادة وتيرة الفساد، وعجز الحكومة، بكل أجهزتها التنفيذية والمحاسبية والرقابية، عن لجم تصاعد الخراب، أو مواجهة «الاستياء الشعبي» العارم الذي ملأ القلوب بسبب صدور أحكام لم تجد قبولاً، والكم الهائل من رسائل الاحتجاج التي أغرقت وسائل التواصل، وما تبع ذلك من تخريب تعرّضت له شواهد قبور، في سابقة غريبة لم يعرفها مجتمعنا إلا من مختل معروف!
***
لا شك أن لدى الحكومة وسائلها في السيطرة على أية حركة مخلة بالأمن، ولكن هذا ليس هاجس الغالبية التي تطمح إلى من يتصدى «فوراً» للفساد ويوقفه، خصوصاً ضمن الشريحة الأعلى من المجتمع، فقد تعب «العقلاء» من الدفاع المستمر عن الأمور العقلانية، مثل رفض رفع الرواتب، ورفض إسقاط القروض، وتأييد تخفيض الدعوم، ومعارضة الإبقاء على أسعار خدمات الماء والكهرباء على وضعها، مع دعواتهم بضرورة التفكير في فرض ضرائب على الأعلى دخلاً، وغير ذلك من أمور «عقلانية»، ثم يُفاجأون بأن مجموعة من المتنفذين يهبشون المليارات من أموال الدولة ويخرجون من دون عقاب، بالرغم من أن بعضهم اعترف في التحقيقات بجرائمه وعرض إعادة الأموال التي سبق أن استولى عليها بغير حق!
***
في خضم كل ذلك، نجد جهات «معروفة» تتسابق لملء الطرقات بإعلانات دينية وسياسية، يمنعها القانون أصلاً، هدفها الأول الإساءة إلى دول قطعت علاقاتها بالإخوان، من خلال إبراز بطولات زائفة عن رفض البعض اللعب مع لاعبين إسرائيليين، أو لتنفيع جهات محسوبة عليها بما تجمع لديها من أموال التبرعات، والدليل وضع 12 لوحة إعلانية مثلاً في شارع يقل طوله عن الكيلومتر تحمل الرسالة نفسها!
كما انشغلت جهة دينية أخرى في وضع إعلانات على ممشى المناطق السكنية، تحذّر فيها الرجال من كشف «أفخاذهم» لأنها عورة، وأشعرتني هذه الإعلانات بالحزن على كم الذنوب التي اقترفها الآباء والأجداد، من بناة هذا الوطن، الذين اضطروا إلى كشف أفخاذهم، وهم يبحثون عن لقمة العيش في صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، أو سفراً بحثاً عن تجارة!
***
مؤسف رؤية هذا الانزلاق المستمر نحو الدولة الثيوقراطية التسلطية من دون أن يرتفع صوت يسكت من هم وراء هذا التسيب! ومؤسف أن جهود هذه الجهات تنصرف نحو توافه الأمور، تاركين كل هذا الفساد من دون قول حتى كلمة لوقفه!
***
في تأكيد آخر على «انزلاقنا» نحو الدولة الدينية، أصدر وزير البلدية قراراً فتح فيه باب التقدم لوظيف «محام» أمام «خريجي الشريعة»، بعد أن كان إشغال هذه الوظيفة مغلقاً عليهم (لأسباب معروفة) في السنوات العشر الماضية!!