محي الدين أبن عربي .. حياته ومؤلفاته وتصوراته لوحدة الوجود
النشرة الدولية –
الكاتبة/ دنيا علي الحسني / العراق
يعرف محيي الدين أبن عربي الشيخ الأكبر وسلطان العارفين إمام المتقين رئيس المكاشفين البحر الزاخر بحر الحقائق، الكبريت الأحمر النور الأبهر كلها، وغيرها تعود الألقاب لمحمد بن علي أبن محمد أبن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي المشهور، لكونه أحد أكبر المتصوفين والفلاسفة في التاريخ الإسلامي. أسماه محبوه الشيخ الأكبر كما يرى فيه المتصوفة، حكيم إلهي وعالم رباني وولي من أولياء الله. بينما ينظر إليه مخالفوه أنه مبتدع أتى بما لا يثبته المنقول ولا تقره العقول حتى أبن عربي نفسه كان متوجس أن يفهم بشكل خاطيء، ولذلك نجده في مقدمة كتاب الفتوحات المكية يحذر من يطلع على هذا الكتاب من هم ليسوا من أهل الذوق والكشف الصوفي. كما يرى فيه علم إلهي نوراني لا يمكن أن يحصل بالنظر والبحث العقلي وبالتي لا طاقة للعقل على إدراكه أو الإحاطة بأسراره. ولد أبن عربي في الأندلس عام “١١٦٥” ميلادية لعائلة تنتسب الى قبيلة “طي” العربية التي أشتهر منها كرماء العرب حاتم الطائي كان أبوه من أئمة المالكية والفقه والحديث والزهد والتصوف، وجده كان قاضيا وعالما فنشأ بتالي أبن عربي في الجو الديني الصوفي.
وبعد انتقال عائلته إلى أشبيلية بدأ أبن عربي، بتلقي العلوم الدينية وأظهر الإندفاع والذكاء وإخلاص كبير في التبحر في العلوم الإلهية، حيث كان يلتقي بالشيوخ الصوفية ويأخذ عنهم وفي أشبيلية كانت أول تجاربه الروحية التي مر بها، بعد أن تم تكوينه الصوفي على يد شيوخ أشبيلية، وقرر التجوال كأيذان بسرد طريق التصوف فجال في مختلف مدن الأندلس والمغرب العربي فالتقى بمشايخها وعارفيها من منفاس إلى مراكش وتونس إلى سبته وغرناطة وصولا إلى قرطبة، حيث التقى هناك بالعالم والفقيه أبن رشد، الذي كانت شهرته قد عمت أرجاء البلاد، ويروي أبن عربي لنا قصة وتفاصيل هذا اللقاء في كتاب الفتوحات الإلهية قائلا، دخلت يوماً في قرطبة على قاضيها أبي الوليد أبن رشد، وكان يرغب في لقائي لما سمع وبلغة لما فتحه الله عليَّ في خلوتي وأنا صبي، وعندما دخلت عليه قام من مكانه إليَّ فعانقني وقال لي : نعم وقلت له : “نعم” ، فزاد فرحه فقلت له: “لا” وانقبض وسألني كيف وجدتم الأمر في الكشف والفيض، الإلهي هل هو ما أعطاه لنا النظر قلت له : (نعم ولا) وبين النعم ولا، تطير الأرواح من موادها والأعماق من أجسادها، فصفر لونه وقعد يحوقل وعرف ما أشرت به إليه، وتمر السنين ويصادف وجود أبن عربي في مراكش، حوالي سنة ١١٩٨)، عندما توفي فيها أبن عربي ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه قرطبة وفي نفس السنة أيضا سيرى أبن عربي رؤيا ستقوده إلى رحلة حول المشرق الإسلامي لن يعود بعدها أبدًا، وهذه الرحلة بدأها بالحج إلى المكة المكرمة سنة ١١٢٠١)، وكان عمره “٣٨ ” تعرف على إبنة أحد العلماء الكبار من أصل فارسي وفيها كتب ديوانه الشعري الشهير ترجمان الأشواق كان حياة أبن عربي عبارة عن سفر وترحال دائم وكانت شهرته تسبقه إلى آي مكان يحل فيه وكان يلتقي في كل مدينة يصلها كبار علمائها كبار متصوفيها فنرى محيي الدين أبن عربي ترك عدد هائل من المؤلفات مابين كتاب ورسالة، على الرغم من سفره وترحاله الدائم من أهمها كتاب الفتوحات المكية وهو من أعظم كتبه وأشهرها على الإطلاق، وبقي يؤلفه حوالي لأربعين سنة ابتدأها في مكة إنتهى منها في دمشق. وفي الفتوحات وضع أبن عربي يومياته وخلاصة تجاربه الروحية في مختلف مراحل حياته وثاني أهم كتبه وهو فصوص الحكم، وهو أعمق مما كتب في التصوف فيه يعرض أبن عربي لتصوره وفكرته حول وحدة الوجود، وله في مجال التصوف العديد من الأعمال التجليات الإلهية: مفاتيح الغيب ، الأحاديث القدسية ، التدبيرات الالهية في إصلاح المملكة الإنسانية وغيرها حتى في المجال الفلسفي كتب في عدة مجالات في مباحث الانطولوجي علم الوجود وكوسمولوجي، علم الكون مثل كتاب شجرة الكون وكتاب إنشاء الدوائر كتاب التدبيرات الالهية في اصلاح المملكة الإنسانية .
العمل الفني بريشة الفنان إياد الموسوي/ العراق