ما هي دلالات “الصمت” الاميركي تجاه الهجوم الإيراني على أربيل؟
النشرة الدولية –
فيما ينشغل العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، تعرضت عاصمة إقليم كردستان العراق، أربيل، من بعد منتصف ليل السبت الأحد لهجمات صاروخية باليستية غير مسبوقة، نفذها الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر مراقبون ما حدث “تغييرا لافتا” في أسلوب وطريقة تنفيذ مثل هذه الهجمات، التي عادة ما كانت تتم من داخل الأراضي العراقية نفسها، على القواعد والمصالح الغربية والعراقية في أربيل وبغداد وغيرهما من المناطق، عبر الطائرات المسيرة في الغالب من قبل ميليشيات موالية لإيران.
لكن موقف واشنطن بدا غير واضح كما رأى متابعون، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس: “ليس لدينا ما يشير إلى أن الهجوم كان موجها ضد الولايات المتحدة، ويجب على إيران الكف فورا عن هجماتها وأن تحترم سيادة العراق، وأن توقف تدخلها في شؤونه الداخلية”.
وجاء هذا التصريح بالرغم من أن السلطات الأمنية الكردية العراقية، كانت قد أكدت أن الهجوم استهدف محيط القنصلية الأميركية الجديدة بضواحي أربيل، والتي ما تزال قيد الإنشاء.
ورأى محللون للمشهد العراقي، أن تنفيذ مثل هذا الهجوم الضخم “يندرج في سياق محاولات طهران استغلال الأوضاع الدولية المضطربة على وقع الحرب في أوكرانيا، للمضي في تنفيذ أجنداتها العراقية والإقليمية”.
وتعليقا على دلالات الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل، ورد الفعل الأميركي، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هناك بالطبع أكثر من سبب لتفسير دوافع هذا الهجوم الكبير بأكثر من 10 صواريخ باليستية، حيث يأتي الهجوم بالتزامن مع مقتل قادة كبار في الحرس الثوري على يد إسرائيل في سوريا مؤخرا”.
وتابع: “ترى طهران أنها بهذا الهجوم تقوم بالرد، عبر استهداف محيط القنصلية الأميركية قيد الإنشاء قرب أربيل، من باب الانتقام، دون أدنى مراعاة لسيادة العراق وأمنه، كعادة طهران في تحويلها العراق ساحة لتصفية حساباتها مع واشنطن”.
وأضاف البيدر: “الموقف الأميركي ملتبس ويبعث الشك في أن واشنطن غير جادة في التصدي لإيران في العراق، أو أنها تتهرب من مواجهة النفوذ الإيراني بالعراق، وإلا فكيف يمكن تفسير تصريحات الخارجية الأميركية هذه؟”
واستطرد: “وحتى ربما ثمة محاولات من طهران لاستغلال انشغال الولايات المتحدة بالحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الخطيرة، عبر فتح جبهة جديدة مع واشنطن في العراق لإرباكها أكثر ولخلط الأوراق الإقليمية، واللعب على التناقضات الدولية المحتدة على الصفيح الأوكراني الساخن، لتمرير أهدافها وتعزيز نفوذها”.
أما الكاتب والباحث العراقي، ماهر الحمداني، فقال لموقع “سكاي نيوز عربية”: “رغم قول واشنطن إن الهجوم الإيراني على أربيل لا يستهدفها، لكن الطرف الأول المستهدف منه حقيقة هو أميركا، عبر إظهار أن إيران قادرة على تهديد وضرب مصالحها في العراق وبقوة، والثاني إسرائيل بعد هجومها الأخير الذي أودى بحياة ضابطين كبيرين في الحرس الثوري، وهذا الهجوم الإيراني هو لحفظ ماء وجه طهران”.
وأضاف الباحث السياسي العراقي: “الرسالة الأهم من هذا الهجوم الإيراني موجهة للعراقيين، ومفادها أنهم لا يجب أن يمضوا في تشكيل حكومة جديدة واختيار رئيس وزراء من دون أخذ مصالح إيران ونفوذها بعين الاعتبار، وتجاهل دورها في بلاد الرافدين”.
وهكذا نأت واشنطن بنفسها عن الموضوع، كما يقول الحمداني، مستطردا: “بدلالة موقف الخارجية الأميركية، ولتصور الأمر كما ولو أنها رسائل متبادلة بين إيران وإسرائيل، وليبقى الخاسر الوحيد في ظل هذه الفوضى، هي السيادة العراقية التي لم يحسب لها أي حساب”.