خريطة المرتزقة في الحرب الروسية – الأوكرانية

إعلانات تقول مطلوب للعمل فوراً جنود سابقون يجيدون أكثر من لغة على استعداد للتوجه سراً إلى كييف

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية –

سوسن مهنا

خلال اجتماع متلفز لمجلس الأمن الروسي، توجه الرئيس فلاديمير بوتين إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو قائلاً، “إذا رأيتم أن هناك أشخاصاً يرغبون طوعاً في دعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، عليكم إذاً مساعدتهم في الانتقال إلى مناطق القتال”.

وأضاف، “إذا رأيت أن كل هؤلاء الناس يريدون الحضور لمساعدة الناس بمحض إراداتهم وليس من أجل المال فيجب أن نمنحهم ما يريدون ونساعدهم في الوصول إلى منطقة الصراع”.

من جهته، قال شويغو إن “هناك 16 ألف متطوع في الشرق الأوسط مستعدون للقتال مع القوات المدعومة من روسيا شرق أوكرانيا”، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”. بدوره كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن أواخر فبراير (شباط) الماضي” أن بلاده ستفتح الباب للمتطوعين من الخارج”، وأوضح “سيكون هذا الدليل الرئيس على دعمكم لبلدنا”.

ومع تصاعد الحرب الروسية – الأوكرانية أظهرت مقاطع مصورة لمقاتلين أجانب، إضافة إلى تقارير استخباراتية كانت قد أشارت إلى تدفق إرهابيين إلى الأراضي الأوكرانية وتبادل اتهامات أميركية – روسية بتجنيد مرتزقة للقتال في البلاد، وسط خشية من تحول أوكرانيا إلى ساحة للحرب بالوكالة، وذلك بعدما أعلن مسؤول استخباراتي لشبكة “سي إن إن” تحضّر روسيا لإرسال 1000 مرتزق إضافي إلى أوكرانيا. وأضاف، “الولايات المتحدة تعتقد أن أداء المرتزقة الموجودين بالفعل في أوكرانيا كان سيئاً، حيث واجهوا مقاومة أشد من المتوقع من الأوكرانيين”. وكان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أعلن أن وزير الدفاع الروسي لفت إلى أن “معظم الأشخاص الذين يرغبون وطلبوا القتال هم مواطنون من دول في الشرق الأوسط وسوريون”. وذكر بيسكوف أن قرار إرسال مقاتلين متطوعين إلى أوكرانيا مقبول، مشيراً إلى “أن الولايات المتحدة تدعم إجراءات إرسال مرتزقة للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية”. مضيفاً للصحافيين، “إذا كان الغرب متحمساً جداً في شأن وصول المرتزقة، إذن لدينا أيضاً متطوعون يرغبون في المشاركة”.

مرتزقة أجانب مقابل المال

هذه الادعاءات التي أتت على لسان مسؤولين روس وأميركيين تحدثت عن تجنيد مرتزقة أجانب بينهم عرب وأفارقة من قبل طرفي الصراع لينخرطوا في الحرب مقابل المال، وكشفت الاستخبارات الخارجية الروسية أن قاعدة التنف الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة في سوريا شهدت إعداد مقاتلين تابعين لتنظيم “داعش” الإرهابي، مشيرة إلى “أنه من المخطط إرسال هؤلاء الإرهابيين إلى أوكرانيا للحرب هناك”.

وأعلن الكرملين رصد السلطات الروسية “ازدياد تدفق المرتزقة من دول عدة على أوكرانيا، بينهم متطرفون اكتسبوا خبراتهم في سوريا”. من جهته، لم يستبعد نائب وزير الخارجية السوري بشار الجعفري إمكان نقل مسلحي حركات إرهابية بمن في ذلك تنظيم “داعش” إلى أوكرانيا، وكان زيلينسكي أكد أن 16 ألف أجنبي تطوعوا للقتال من أجل أوكرانيا.

ونشر زعيم الشيشان رمضان قديروف، المتمرد السابق الذي تحول إلى حليف للكرملين، مقاطع فيديو لمقاتلين من الشيشان ينضمون إلى الهجوم على أوكرانيا، وقال “إن بعضهم قتلوا في معارك”.

وأعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا “أن نحو 20 ألف متطوع أجنبي سافروا إلى البلاد للانضمام إلى قوات كييف”. بدورها كشفت مواقع سورية إخبارية “أن روسيا عرضت على سوريين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة رواتب تتراوح بين 200 دولار و300 دولار للذهاب إلى أوكرانيا والعمل كحراس بعقود مدتها ستة أشهر”.

وعرضت منصة “نكستا” البيلاروسية مقطعاً مصوراً يظهر وصول المجموعة الأولى من متطوعين بريطانيين إلى أوكرانيا للمشاركة في قتال القوات الروسية. ووفقاً لوكوليبا “سافر عشرات آلاف المتطوعين إلى أوكرانيا للانضمام إلى قواتها بعد إعلان الرئيس زيلينسكي أن بلاده ستنشئ فيلقاً دولياً للمتطوعين من الخارج”، لكن وإلى جانب المتطوعين أكدت صحيفة “التايمز” البريطانية أن أوكرانيا تقوم بتجنيد مرتزقة ماهرين لتنفيذ عمليات داخل البلاد، تشمل مواجهة المرتزقة الذين يرسلهم الكرملين وجهاً لوجه، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يومياً.

سوريا

ونقلت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا عن شاب سوري قوله “بعد تسريحي من الجيش السوري لم أستطع العثور على أي عمل والأوضاع مزرية. سمعت عن فتح باب التسجيل للقتال في أوكرانيا فسجلت اسمي”. ويضيف الشاب، “سيتواصلون معي في حال تمت الموافقة. قالوا إنهم يسجلون فقط الأشخاص ذوي الخبرة القتالية الجيدة، والأفضلية لمن سبق أن قاتلوا تحت إمرة ضباط روس أو ضمن الفرقة 25 في الجيش السوري المقربة من روسيا”. وكشف ضابط من الصف الأول ضمن أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة للمنظمة بدء عمليات التسجيل للذهاب إلى أوكرانيا، وقال “هنالك عمليات تسجيل حالياً تتم في مناطق السيطرة التركية، وهي تتم بناء على رغبة الفصائل في قتال الروس”، نافياً أن يكون التسجيل بطلب من المخابرات التركية.

كما أكد مقاتل في أحد فصائل المعارضة للمنظمة أنه سجل اسمه للذهاب إلى أوكرانيا عبر “أحد الأمنيين في فرقة السلطان مراد المقربة من تركيا الذي قاتلت معه في أذربيجان”. وكان مقاتلون من فصائل المعارضة السورية أرسلوا كمرتزقة للقتال في منطقة ناغورنو قره باغ إلى جانب أذربيجان ضد أرمينيا خلال الحرب التي نشبت بين الطرفين عام 2020.

ووفق ناشطين وشبكات محلية “فإن عمليات التجنيد تتم عبر المندوبين المرتبطين بروسيا والعاملين على تجنيد المرتزقة سابقاً للقتال في ليبيا وفنزويلا”. وكانت صحيفة “الشرق الأوسط” قد نقلت “أن وسطاء في العاصمة السورية دمشق ومناطق أخرى بدأوا بنشاط توقيع عقود مع شباب سوريين للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، وضمت قائمة المرشحين حوالى 23 ألف شاب قاتلوا إلى جانب قوات النظام السوري ضمن ميليشيات تدعى (جمعية البستان) كانت تابعة لرامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري.

ونشط أمراء الحرب في توزيع مسودات عقود على شباب، إذ يضمن العقد 7000 دولار لكل مقاتل لمدة سبعة أشهر للعمل في حماية المنشآت بأوكرانيا”.

الفرقة (25)

في أغسطس (أب) 2019 نشرت قناة “روسيا اليوم” تقريراً جاء فيه “أن ضباطاً في مجموعة العميد الركن في الجيش السوري سهيل الحسن أكدوا لها تغيير اسم المجموعة إلى الفرقة (25) مهمات خاصة ومكافحة الإرهاب، مشيرة إلى “أن الصفحة الرسمية لقوات العميد الحسن المعروف بـ(النمر) عرضت عبر (فيسبوك) منشوراً أعلنت فيه صدور قرار باستحداث الفرقة (25) للمهمات الخاصة ومكافحة الإرهاب بقيادة النمر، استجابة لتوجيهات الرئيس السوري بشار الأسد”.

وأضاف التقرير “أن الرئيس بوتين كان أشاد بأداء الحسن وقواته أثناء محاربة الإرهابيين في سوريا، وذلك خلال لقائه عسكريين روس وسوريين بحضور الرئيس السوري عام 2017. وخاطب بوتين الحسن حينها قائلاً (إنك وقواتك تقاتلون بشكل حازم وشجاع وفعال، وآمل بأن يسمح لنا مثل هذا التعاون بتحقيق النجاح لاحقاً أيضاً”.

ويقود الحسن مجموعات ميليشيات “قوات النمر” وتضم أكثر من 10 مجموعات مقاتلة، منها “فوج الهادي وفوج طه وفوج حيدر والطرماح المحسوبة على المخابرات الجوية والغيث التي يقودها غياث دلة التابعة للفرقة الرابعة، إذ يعد معظم عناصر ميليشيات النمر من المدنيين المتطوعين بعقود وتمويل ودعم لوجستي روسي، وهي فرقة متخصصة في العمليات الهجومية”.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم “إن تقويماً أميركياً خلص إلى أن روسيا جندت مقاتلين سوريين على أمل أن تساعد خبراتهم القتالية بالمناطق الحضرية في السيطرة على العاصمة كييف”. ونقلت الصحيفة عن زميلة لشؤون الأمن القومي في معهد دراسة الحرب في واشنطن جينيفر كافاريلا قولها، “إنه مع تدفق المتطوعين من دول أخرى على أوكرانيا يمكن أن يصبح الصراع مركز ثقل جديداً للمقاتلين الأجانب”. وأضافت، “نشر روسيا لمقاتلين أجانب من سوريا في أوكرانيا يؤدي إلى تدويل حرب أوكرانيا، وبالتالي يمكن أن يربط الحرب في أوكرانيا بوضع إقليمي أوسع، لا سيما في الشرق الأوسط”.

العراق

وانتشرت أنباء عن محاولات لتجنيد عراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة في الحرب الأوكرانية. وبحسب الخبير في الشؤون السياسية العراقية في حديث صحافي، “فإن توظيف منصات مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد المرتزقة أو المقاتلين ليس جديداً”، مشيراً إلى “أن تنظيم داعش كان يتخذ تلك المنصات أداة للتجنيد”. ويضيف، “بالتأكيد هناك أطراف ترتبط بالمعسكرين سواء الروسي أو الأوكراني، وتسعى إلى استقطاب مقاتلين من أجل أن تكون معركة المرتزقة عبر توظيف أكبر عدد من هؤلاء ليكونوا ضمن أحد المعسكرين”.

ويرى العابد أن “كثيراً من الشباب العراقيين قد يسعون إلى الذهاب للقتال مع أوكرانيا للحصول على الجنسية أو محاولة استغلال الوضع في كييف، مما يترتب عليه هجرة جماعية للحصول على فرصة للانطلاق إلى أوروبا”.

 

وفي السياق نقلت وكالات محلية عراقية أخيراً عن القنصلية الروسية في البصرة (جنوب العراق) تلقيها طلبات من مواطنين عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي للمشاركة في حربه على أوكرانيا، الأمر الذي نفته السفارة الروسية في بغداد لاحقاً.

أفريقيا

وكانت إذاعة “موزاييك” التونسية عرضت استمارة باللغة الأوكرانية تعود إلى تاريخ الـ 25 من فبراير (شباط) الماضي، يتم ملؤها من قبل سجناء تونسيين وجنسيات أخرى، وتمثل طلباً موجهاً إلى مدير السجون ومراكز التوقيف والرئاسة الأوكرانية للمشاركة في الحرب ضد روسيا، فيما أكد مصدر في وزارة الخارجية التونسية “أن السلطات بصدد التحري عما ذكرته تقارير صحافية من مزاعم حول عمليات تجنيد لرعايا تونسيين موقوفين في السجون الأوكرانية للمشاركة في الحرب ضد القوات الروسية”. وأوضح مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بالوزارة محمد الطرابلسي لوكالة الأنباء الألمانية “أن السلطات التونسية تواصلت مع سفير أوكرانيا لدى تونس”، لكنه أكد لنا عدم صحة هذه التقارير.

وأوردت صحيفة “ذا غارديان” النيجيرية أن 115 شخصاً أعلنوا تجنيدهم للقتال في أوكرانيا ضد روسيا، وكذلك السنغال حيث تم الإعلان عن تجنيد 36 شخصاً بحسب الصحيفة.

ويرى ريان كامينغر في حديث إعلامي، وهو مدير شركة استشارية لإدارة الأخطار الأمنية في جنوب أفريقيا، “أن أوكرانيا قد تستفيد من الظروف الاقتصادية الصعبة في أفريقيا لجذب المقاتلين الأجانب”، وقال “قد يرى المواطنون الأفارقة فرصة اقتصادية من المشاركة في هذا الصراع”.

وكان موقع توظيف “سايلنت بروفيشينالس” وهو متخصص لأولئك الذين يعملون في مجال الصناعة العسكرية والأمنية الخاصة، نشر إعلاناً يقول “مطلوب للعمل فوراً جنود سابقون يجيدون أكثر من لغة على استعداد للتوجه سراً إلى أوكرانيا في مقابل عائد يصل إلى 2000 دولار يومياً، إضافة إلى مكافأة للمساعدة في إنقاذ عائلات تعيش في مناطق صراع دامية”.

وفي تصريح للمؤلف الكندي – الأميركي والخبير في الشركات العسكرية الخاصة روبرت يونغ بيلتون، فقد اعتبر أن هناك “حالاً من الجنون في السوق للمتعاقدين من القطاع الخاص للعمل في أوكرانيا اليوم، لكن الطلب على العمالة الأمنية، وكثير منهم جنود سابقون لديهم القدرة على القتال وخوض المعارك، يترك مجالاً لوقوع أخطاء كبيرة وحدوث حال من الفوضى، فحتى المتطوعون الغربيون الذين ينضمون للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية ويتوقعون أن يتقاضوا رواتب نظرائهم الأوكرانيين نفسها، يتم تقديم الأموال لهم من قبل مؤسسات أمنية خاصة مثل تلك المعلن عنها في (سايلنت بروفيشينالس)، ولا يحدد الإعلان الجهة التي سيعمل لديها هؤلاء”.

ووفقاً لبيلتون “يتم تعيين المتعاقدين مقابل ما يتراوح بين 30 ألف دولار وستة ملايين دولار للمساعدة في إخراج أفراد من أوكرانيا”. وقال “إن الرقم الأعلى مخصص لمجموعات كاملة من العائلات التي ترغب في المغادرة مع أصولها”.

يذكر أن تشجيع الحكومات على تدفق المقاتلين الأجانب للمشاركة في الحرب وحمل السلاح يناقض قرارات منظمة الأمم المتحدة في شأن المقاتلين الأجانب، مثل القرار الأممي رقم (2178).

وحذرت منظمات دولية عدة من وصول آلاف المتطوعين الغربيين للانضواء تحت راية الفيلق الدولي الذي كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي دعا إلى تشكيله لمساعدة بلاده في الحرب الدائرة على أراضيها. وأفادت تقارير “أن أكثر من 3000 أميركي يريدون القتال كجزء من فيلق الدفاع الإقليمي الدولي ضد القوات الروسية، ومن أجل الحرية” بحسب تقرير لمجلة “فوكوس” الألمانية.

زر الذهاب إلى الأعلى