كتاب ونقاد يستذكرون تجربة الكاتبة الأردنية ليلى الأطرش تركت بصمة راسخة

إجماع على أن الكاتبة الراحلة كان لها الأثر الكبير في كل المناطق الإبداعية التي عملت بها فهي تتكامل في ممارساتها الكتابية

النشرة الدولية –

ناقش كتاب ونقاد وإعلاميون تجربة الكاتبة والإعلامية الأردنية الراحلة ليلى الأطرش في الندوة الاستذكارية التي أقامتها وزارة الثقافة مؤخرا في المركز الثقافي الملكي بعمّان، وأقيمت على جلستين.

وفي الجلسة الأولى التي أدارها أمين عام وزارة الثقافة الروائي هزاع البراري، أشار الأخير إلى أهمية الاحتفاء بالكاتبة الراحلة التي ترفرف روحها حول الساحة الأدبية، بما قدمته من إرث إبداعي فكري تنويري لا يمحى.

وقدمت الفنانة نداء شرارة وصلة غنائية من أعمال فيروز لأغنيتي “أعطني الناي” و”سوا ربينا” مهدية إياهما لروح الراحلة التي كانت تحب هاتين الأغنيتين تحديداً.

وفي ورقتها التي حملت عنوان “دور ليلى الأطرش في مشاريع وزارة الثقافة”، قالت وزيرة الثقافة هيفاء النجار “إننا نحتفل اليوم بسيرة سيدة لم تكن عادية على الإطلاق”، مضيفة “ليلى كانت جزءا من مشروع ثقافي يناضل من أجل الناس”.

وفي مداخلته بعنوان “ليلى الأطرش.. تعدد السرد ووحدة الوعي”، قال الكاتب مفلح العدوان “السيرة الثرية للمبدعة ليلى الأطرش، تجعل من هذه الكاتبة اللافتة حاضرة دائما”.

وتطرق العدوان في ورقته إلى جوانب إبداعية برزت فيها الكاتبة، في الرواية والقصة والمسرح وفي القلم الدولي، مشيرا إلى أن “ليلى الأطرش واءمت حياتها ووعيها وكتابتها لتعزيز الوفاء للوطن ولقضاياه، فحملت رسالتها وقضيتها وعبّرت عنها بكل الأجناس الإبداعية التي كتبتها عن وعي راسخ لديها، متجذر في عمق الأردن وفلسطين، وممتد نحو المحيط العربي، وصولا إلى ذاك الفضاء الإنساني، الذي استطاعت بما قدمته من إبداع في الكلمة ورسوخ في الموقف وتميز في الحضور، أن تجد كل التقدير والقبول على امتداد مساحات كثيرة في العالم”.

فيما تطرق الناقد فخري صالح في ورقته المعنونة بـ”تعدد العوالم وزوايا النظر وتباين الأمكنة والأزمنة”، إلى تبني الأطرش في كل رواية تكتبها، عالماً متخيلا من الشخصيات والأحداث والأمكنة والأزمنة والجغرافيات المختلفة، التي تشكل كونَها الروائي المتعدد، وعالمَ شخصياتها التي تنتمي إلى خبرات إنسانية، وجنسيات، وقناعات فكرية وأيديولوجية، وطبقات وشرائح اجتماعية، وكذلك أنواع جنسية (جندرية)، متعددة ومتباينة. وما أقصد قوله، هنا، هو أنها لا تُعنى بحشر كتابتها الروائية في إطار ضيق من الموضوعات والتجارب ورؤى العالم، وجعل عملها الأول يتناسل ويتوالد في الأعمال التالية لها“.

وأشار صالح إلى أن الكاتبة بدأت مسيرتها الروائية في “وتشرق غربًا” (1987) ساعية لتفكيك الشروط السياسية والاجتماعية للتحرر الفلسطيني، وخصوصاً تحرر المرأة ومشاركتها في مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية بعد احتلال 1967، باحثةً عن حلول للمحرمات الاجتماعية والدينية، والحواجز الصلدة المقيمة بين الطوائف والمذاهب”.

وقدم وزير الثقافة الفلسطيني الروائي عاطف أبوسيف شهادة مسجلة عن الروائية الراحلة التي حازت على جائزة الدولة التقديرية في فلسطين عام 2017 تقديرا لدورها الفاعل في إثراء الفعل الثقافي الفلسطيني والأردني والعربي، كونها واحدة من مؤسسي الفعل الثقافي.

كما قدم الروائي فيصل دراج شهادة أدبية عن الكاتبة، قرأها نيابة عنه الكاتب مفلح العدوان، وقال فيها “ليلى الأطرش أديبة لامعة بصيغة الجمع، تأقلم قلمها مع أنواع أدبية متنوعة، وتأملت بكتابتها الروح الإنسانية في أحوالها المتغيرة”.

وتابع دراج في شهادته، قائلا “الحديث عن المتعدد في كتابة ليلى يستدعي شجاعة البصيرة التي تراءت في رواياتها، فهي تتكامل في ممارساتها الكتابية، وعوالمها الروائية المتخيلة والواقعية في آن معا”.

وفي الجلسة الثانية التي أدارها الروائي هاشم غرايبة، أكد على أهمية وعمق القضية المركزية التي كانت تنطلق منها الكاتبة الراحلة ليلى الأطرش في رواياتها وهي القضية الفلسطينية.

وفي ورقتها التي قدمتها، حكت ابنة الكاتبة الراحلة الإعلامية دانة الصياغ بحضور أشقائها عن علامات إنسانية في سيرتها، مؤكدة أن والدتها كانت بوصلتها حين تأخذها الكلمات، وقالت “كنت مبهورة بقدرتها على تسخير اللغة واللعب بمفرداتها، فلن أستطيع أن أكتب ليلى كما كانت ليلى تكتب نفسها”.

وكشفت الصياغ أن والدتها شرعت في الشهور التي سبقت رحيلها بكتابة مذكراتها، وأن العائلة ستقوم بنشرها في وقت قريب، مشيرة إلى سؤال أرّق والدتها كثيراً، وهو: هل اختطفت الإعلامية مساحة الكاتبة من حياتها؟ أجلتها وحرمتها منها سنين طويلة.

أما الأكاديمية رزان إبراهيم فأشارت في ورقتها إلى أنها تتحدث للمرة الأولى عن ليلى الأطرش في غيابها، وأنها اعتادت أن تناقش صديقتها في شتى مناحي الحياة، وقالت “تمتاز نصوص ليلى الأطرش السردية بخصوصيتها على الصعيد الإنساني، والتي تؤكد أنها كانت على تماس مباشر مع الحياة، وهو التماس الذي مكنها من فهم الطبيعة الإنسانية والتعبير عنها”.

وقدم الروائي الجزائري واسيني الأعرج شهادة مسجلة روى فيها ذكرياته مع الكاتبة الراحلة وقال “تتميز ليلى الأطرش بوصفيات متعددة، فهي الكاتبة والإعلامية والناشطة في الحقل الثقافي، وواحدة من أبرز وأهم المدافعات عن المرأة، حيث كانت تشعر بأن النساء لم يأخذن حقهن في العالم العربي، فهي مناضلة حقيقية من أجلهن، ولذلك كان لها دور كبير في إطلاق مكتبة الأسرة عام 2007، مؤمنة بإشاعة الجمال وإعطاء فرصة للمرأة لكي تتطور”.

وختم الروائي يحيى القيسي بشهادته المسجلة الجلسة الثانية بالتأشير على الأثر الكبير الذي خلفته ليلى الاطرش في كل المناطق الإبداعية التي عملت بها، في حقل الرواية وحقل الإعلام وحقل مؤسسة القلم الدولي للتعريف بالقضايا العربية.

وقال “أيضا على الصعيد العائلي، فليلى وزوجها المترجم الحقيقي الراحل فايز الصياغ كانا موئلا للكرم والثقافة والفكر، فبيتهما كان محجاً للكتاب والمثقفين، وكل ما أنجزاه من إرث أدبي سيظل مؤثرا في الحياة الثقافية والأدبية العربية”.

زر الذهاب إلى الأعلى