أرقام حالات الانتحار في لبنان “مخيفة”.. هل بات الأمر “ترندا”؟!
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نايلة عازار – بولين أبو شقرا –
“لم أعد قادراً على التحمّل، تعبت، سامحني، واجعل الكل يسامحوني، ولا تدع أحداً يتحدث عني بالسوء، دعاء وجواد وجوري أمانة برقبتك، أهم شيء جوري هي الغصّة، لكن لم أعد قادراً على التحمّل، تعبت وقرفت”.. الكلمات هذه هي مضمون رسالة صوتية تركها موسى الشامي، قبل دقائق معدودة من قراره إنهاء حياته بطريقة مأسوية. فالرّجل الشاب الذي تركَ عائلته وغادر الحياة، هو واحدٌ من كثيرين قرروا الإنتحار في ظاهرة باتت تبرز بقوة منذ سنوات.
الأرقام خطيرة
وبحسب أرقام الدولية للمعلومات، فإنّ حوادث الانتحار، تراجعت خلال العام 2022 مقارنة بالعام 2021، وقد وصل متوسّط حوادث الانتحار سنويّاً خلال الأعوام 2013- 2022 إلى 143 حادثة، والعدد الأكبر سجّل في العام 2019 إذ بلغ 172 حادثة، أمّا العدد الأدنى فهو 111 حادثة سجّلت في العام 2013. إلا أن المفارقة المخيفة كانت عام 2023، إذ أنّ التقارير عن الإنتحار كانت مخيفة، وتشير إلى أنه كل 6 ساعات هناك لبناني يُفكر بـ”إنهاء حياته”، وهنا الأمر الخطير.
وسط كلّ هذه الأرقام، “لا توجد إحصاءات أو دراسات رسمية في لبنان حول نسبة زيادة المشاكل النفسية أو نسب الانتحار في البلاد”، لا سيما وأن آخر إحصاءات رسمية في هذا الخصوص تعود إلى نحو 15 عاماً، فـ25% من اللبنانيين يعانون من مرض نفسي معيّن، ومن المتوقع تماماً أن تكون هذه النسبة قد ارتفعت بشكل إضافي لاسيما بعد الأزمات المتلاحقة.
وأمام كل هذا الواقع “المريب”، فإنّ مختلف الخبراء في مجال علم النفس يتوقعون أنّ موجة الإنتحار الذي يشهدها لبنان قد تكون آخذة في التصاعد، ويعتبرون أن الأشهر الأولى من العام 2023 ليست مُبشّرة. كذلك، يقول الخبراء أنّ الأزمة المعيشية تتصدر أسباب اتجاه الأشخاص لاتخاذ خيار الإنتحار، إذ أنَّ أزمة الدولار، والقبض باللّيرة، وإغلاق باب الهجرة من خلال طلب عملياتٍ تعجيزية، سيدفع بدون شكّ أي شخص يائس من هذه الحياة في لبنان إلى الذهاب نحو خيار الإنتحار، وفق الخبراء.
من جهتها، تقول المعالجة النفسية ريما بجاني لـ”لبنان24” إنّ “هناك نوعين من الأشخاص الذين يتجهون الى الانتحار، الشخص الأول هو من يعاني من هلوسات نفسية، وهذا ليس محور حديثنا، والشخص الثاني هو من يعاني من مشاكل نفسية، نتيجة أوضاع يمر بها”، وأضافت: “من هنا، فإنّ المحفز الرئيس للانتحار اليوم هو الوضع الاقتصادي والسياسي، وعدم إيجاد حلول للمشاكل المعيشية، ما يشير الى وجود غموض حول المستقبل، وهذا ما يسبب عدم انتظام نفسي، بالإضافة إلى عدم جهوزية الإنسان على تخطي المشاكل، والاتجاه الى المعالجة النفسية إضافة الى عدم الانتباه للعوارض التي تصيب الأشخاص”.
واعتبرت بجّاني أنه في بعض الأحيان قد يكون الانتحار عملاً معدياً، وهو بات موضوع “تراند” بمعنى أنّ العديد من الأشخاص الذين يواجهون المشاكل النفسية نفسها نتيجة الأوضاع التي تصيب الجميع، كل حسب وضعه، يتجهون الى “تقليد” الآخرين والاتجاه الى الانتحار، على اعتبار أنه السبيل الوحيد لإنهائها، في حين أن آخرين يحضرون جيداً للانتحار ويجهزون الأوضاع للاقدام على هذه الخطوة.
وعن الحلول التي يمكن اتباعها منعاً للوصول الى الانتحار، دعت بجاني الى العمل على المواجهة والتصدي للتفكير السلبي، والعمل على مواجهة المصاعب التي نتعرض لها وإيجاد الحلول، من خلال تغيير طريقة التفكير والاتجاه الى التركيز على النقاط الايجابية التي يعيشها المواطن، مشدّدة على ضرورة عدم إهمال أولاً الصحة النفسية للشخص، والعمل على على ذاته في أي أمر يتعرض له، خصوصاً وأن في الحياة مشاكل كثيرة، وعلى كل شخص أن يعرف كيف يمكن تخطيها.
وتمنت بجاني إنشاء حملة على المستوى الوطني للتمكن من مساعدة الشعب بالحد الأدنى لمواجهة الأزمة على المستويات كافة، ومساعدة الفرد على تنمية قدراته النفسية ودفعه الى عدم الاستسلام.