مدير «الفرنسي للأبحاث» في شبه الجزيرة العربية: أول خريطة «لكاظمة» على يد الجغرافي دانفيل
النشرة الدولية –
الجريدة – حمزة عليان –
رسم مدير المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية، د. مكرم عباس، ملامح الوجه الثقافي لفرنسا في الكويت والخليج العربي. وفي حوار خاص لـ “الجريدة” في مكتبه بديوان قصر خزعل بمنطقة دسمان، أطل على الكويت بحزمة مشاريع ستقام خلال الاحتفال بمرور 60 سنة على الصداقة الكويتية – الفرنسية، وتحدث عن أوجه التعاون الثقافية مع مركز البحوث والدراسات الكويتية، وجامعة الكويت، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وإلى تفاصيل الحوار:
- متى أسس المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية؟
– أسس عام 1982 في صنعاء باليمن، في إطار سلسلة من مراكز البحوث الفرنسية المنتشرة في العالم، ويناهز عددها الـ 30، والعديد منها موجود في أنحاء العالم العربي بتونس والمغرب والسودان ومصر ولبنان وسورية والعراق وفلسطين والأردن.
وبعد “الثورة الشعبية” أيام الربيع العربي واندلاع الحرب أغلق المركز في اليمن، فبقيت محتوياته، خصوصا المكتبة الضخمة التي تحتوي على كتب ومخطوطات نادرة، وتوقفت النشاطات هناك، وفي أثناء ذلك جرت محاولة للانتقال إلى جدة بالسعودية، لكنها لم تنجح، وكان ذلك عام 2015.
- ومتى بدأ العمل في الكويت؟
– بفضل العلاقات الوطيدة والمميزة بين الكويت وفرنسا، تم الاتفاق على أن يكون لنا مقر هنا، وبالفعل وفّروا لنا هذا المكان، وهو ديوان قصر خزعل لنعمل من خلاله، وينتقل من السعودية إلى الكويت، وكان المركز بإشراف المدير السابق ميشال موتان، ثم عباس زواش حتى أواخر عام 2021.
نطاق جغرافي أوسع
- ماذا عن طبيعة الأنشطة التي يقوم بها المركز؟
– يبلغ عمر المركز بالكويت نحو 7 سنوات، وقد طرأ عليه تغيير مهم عام 2020، نتج عنه توسع بالنطاق الجغرافي والوظائف التي يؤديها، وبات يشمل 7 بلدان هي الكويت والسعودية واليمن والإمارات وسلطنة عمان وقطر والبحرين، وبعدما كان التركيز على الآثار والجوانب المتعلقة به، أضيف إليه نطاق العلوم الإنسانية والتنظيم العمراني واللغات والآداب.
- وماذا عن إدارة المركز الفرنسي للأبحاث؟
– كل مراكز البحوث في الخارج تتبع وزارة الخارجية والسفارة الموجودة في البلدان التي تعمل فيها هذه المراكز، وهو ما ينطبق على الكويت، والتبعية هنا تتصل بالإدارة وبشؤون الإقامة وما إلى ذلك، لكنّ المركز الفرنسي يعمل تحت إشراف المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس، ونحن في النهاية نعتبر همزة الوصل بين البلدان الـ 7 وبين النشاطات الفكرية والثقافية التي تقام في فرنسا بمجال العلوم الإنسانية والاجتماعية.
خريطة الانتشار في الخليج
- ماذا عن خريطة الانتشار على مستوى بلدان الخليج، وما مستويات الأنشطة فيها؟
– في أبوظبي مندوب دائم يعمل بالتنسيق مع جامعة السوربون، وفي سلطنة عمان باحث في علم الآثار لديه مكتب بجامعة السلطان قابوس، وهناك في هذين البلدين وفي بلدان شبه الجزيرة العربية الأخرى نشاطات كثيرة في علم الآثار والحفاظ على التراث أساسا.
- لكن ماذا عن الكويت؟
– لدينا تعاون بنّاء مع المجلس الوطني للثقافة، ولنا شراكة معه، ومن بين الأعمال المساهمة باكتشاف آثار لمبانٍ دينية مسيحية (دير في القصور، وكنيستان في جزيرة فيلكا) بنيت قبل الإسلام، وظلت قائمة حتى العصر العباسي. وفي العموم، هناك تعاون قائم في مجالات الثقافة والفنون، وتركيزنا ينصبّ على العلوم والأبحاث، وفي طليعة هذا التعاون ما هو موجود مع مركز البحوث والدراسات الكويتية.
ومنذ توليت إدارة المركز عملتُ على تعميق هذه الشراكة، وعلى إرساء العديد من المشاريع، ومنها:
1- إنشاء محور في مجال الأبحاث مرتبط بالأرشيف الفرنسي، وتبادل الوثائق مع مركز البحوث والدراسات، الذي يرأسه د. عبدالله الغنيم.
2 – لدينا طلبة فرنسيون يعملون هنا في إطار الاحتفاء بمرور 60 سنة على الصداقة بين الكويت وفرنسا.
3- ستتم إقامة معرض في المكتبة الوطنية نقدم فيه صوراً ووثائق فرنسية تاريخية عن العلاقة بين البلدين.
4- إصدار مشترك لكتاب تاريخ مراحل الكويت مع المجلس الوطني للثقافة، وفيه وثائق نادرة لرحّالة فرنسي من القرن الثامن عشر، أشار فيه إلى موقع “كاظمة” عام 1728.
5- محاضرات في العلوم السياسية لباحثين استراتيجيين عن مشاركة فرنسا في تحرير الكويت من خلال عملية عسكرية تعرف باسم “داغي” (DAGUET) عام 1990.
6- تنظيم محاضرة آخر مارس الجاري، يلقيها مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، الباحث المختص باسكال بونيفاس.
7- محاضرتان تتناولان العلاقة بين فرنسا والكويت والخليج العربي يقدّمهما في مايو المقبل الأستاذ بمعهد العلوم السياسية في باريس، جون بيار فيليو، والأستاذ بجامعة ران 2 لوك شانتر.
- كيف تتم الاستفادة من الوثائق الفرنسية والأرشيف الوطني؟
– الأرشيف الوطني الفرنسي والدبلوماسي موجود في مبنى خاص بمدينة NANTES الفرنسية، ويتبع وزارة الخارجية، وهذه المدينة تطل على المحيط الأطلسي، وكانت نافذة للرحلات التي تنطلق منها إلى العالم الخارجي، ولمن يرغب في الاستفادة من تلك الوثائق يمكنه ذلك عبر إجراءات وضوابط، ويمكن للمركز الفرنسي في الكويت مساعدة الباحثين في ذلك وتسهيل مهمتهم.
محاضرات الثلاثاء Les mardis du CEFREPA
يقدم المركز في الكويت أنشطة دائمة، فهناك “محاضرات الثلاثاء”، وهو حدث ثقافي علمي يستضيف فيه شخصية تلقي محاضرة الثلاثاء في السادسة مساءً بقاعة ديوان خزعل بدسمان، وتكون الدعوة عامة، ومن المدعوين الذين ترددوا على المركز د. طالب الرفاعي، ود. عبدالله الهاجري ود. عبدالهادي العجمي، ود. محمد الوهيب من جامعة الكويت، ود. سيد محفوظ المختص بعلم الآثار الفرعونية.
كتاب وثائقي
كتاب “مراحل تاريخ الكويت” للمؤلفين د. جولي بونيريك ود. فيليب بتريا، تعريب محمد المرزوقي سعيد الأستاذ بجامعة الكويت، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
فرع في مدينة العلا
أعلن الدكتور مكرم عباس أنه سيتم افتتاح مكتب فرع للمركز الفرنسي في السعودية بمدينة “العلا” بداية السنة القادمة، تحت إشراف “المركز” في الكويت، علماً بأن العلماء الفرنسيين ساهموا في اكتشاف جبل منحوت بالصخر عام 2021 وجد في منطقة “الجوف” يعود لعصر ما قبل الإسلام.
أهم اكتشاف في السعودية
يعتبر موقع “الجمل” في منطقة الجوف، شمال السعودية الأقدم في العالم لنحت الحيوانات المجسمة بالحجم الطبيعي ويعود لفترة العصر الحجري (5200-5600)، ويضم 21 نحتاً مجسماً، وهذا الاكتشاف تم بمشاركة باحثين من المركز الفرنسي للأبحاث، وهيئة التراث السعودية، وجامعات أخرى.
ليالي رمضان
سيطلق المركز الفرنسي للأبحاث، في الليالي الرمضانية القادمة، في حديقة المقر، “الديوان الفلسفي” مرة كل أسبوع طوال رمضان المبارك، يتم فيها إلقاء محاضرة تتصل بالشأن الفلسفي، وتلقي الضوء على علماء مسلمين أمثال، الفارابي، وابن سينا، وابن رشد وغيرهم.
«كاظمة» كما رسمها دانفيل
من خلال جمع ومقارنة ما يرد في المصادر العربية القديمة – كتاب “تقويم البلدان” للجغرافي الشامي أبوالفداء (1273 -1331) مع النصوص والأوصاف والخرائط الواردة في مؤلفات المستكشفين والملاحين الأوروبيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر رسم الجغرافي الفرنسي جان بابتيست بورغينيون دانفيل (1697 – 1782) في أوائل القرن الثامن عشر، أول خريطة تضع “كاظمة البحور” في مكانها الصحيح ويترجمها بـ “خليج البحور” كان هذا الجغرافي في خدمة الملك، وعرف برسمه للخرائط انطلاقا من أوصاف علماء الجغرافيا القدامى، وبرسمه خرائط جديدة ليضعها على ذمة الرحالة في عصره.
على خريطة جون بابتيست بورغينيون دانفيل لشبه الجزيرة العربية يظهر بوضوح خليج الكويت، وقد أتاح له اطلاعه على المصادر البرتغالية تحديد موقع جزيرة فيلكا، ويطلق عليها بالتسمية البرتغالية “إلها دي أغوادا”، وتعني جزيرة المياه، وتدل خريطته على مدى تقدم المعرفة بجغرافيا الكويت، وقد تسارع هذا التقدم بعد تعدد الحملات البحرية الأوروبية في الخليج وترجمة أعمال الجغرافيين العرب.