صاحب البدلة الحمراء
بقلم: إيمان حيدر دشتي
النشرة الدولية –
قبل فترة كانت لدي معاملة في إحدى إدارات وزارة الشؤون، وإذ بالقاعة خالية تقريبا من المراجعين، توجهت للموظف المختص وراء الشباك وإذا به مطأطئا رأسه على جهاز الهاتف النقال، والابتسامة لا تفارق وجهه، وهو يتبادل الرد على الرسائل وانعكست حمرة البدلة الرياضية التي يرتديها على وجهه، فتقدمت وقلت السلام عليكم أخوي لو سمحت لدي معاملة كذا…، تجهم وجهه ورد متسائلا: إن كنت أخذت موعدا عبر «الأونلاين»، أجبته: ألغي هذا القرار وأوراق المعاملة رفعت عبر الموقع.. رد قائلا: من قال القرار ملغى؟! ائتيني بالقرار فأنا لن أقوم بإتمام المعاملة ما لم تأت بالقرار أو أن يكون لديك موعد، وإذا مو عاجبك اشتكي عند المدير! عرفت أنني قطعت عليه حديثه مع الطرف الآخر ونكدت عليه، وقبل أن يتطور الموضوع والنقاش، إذ بباب المسؤول مفتوح استأذنت للدخول وأعطيته بيانات المعاملة فقام بعمله وعمل الموظف وأتم المعاملة في أقل من 5 دقائق مشكورا.
لكن حاجتي لمراجعة الإدارات الحكومية على اختلاف وزاراتها لا تنتهي، وفي كل مرة يجب علي أن أراجع إدارة حكومية أحمل هم أن تقع المعاملة عند أمثال صاحب البدلة الرياضية الحمراء.
صادف بعدها أن قمت بمراجعة عمادة القبول والتسجيل في جامعة الكويت ولحسن الحظ وجدتني أتعامل مع كوكبة من سيدات وفتيات كويتيات لا يتوانين في القيام بعملهن والتواجد والإجابة التفصيلية، بل حتى وإن كان الأمر ليس من اختصاصهن يبادرن بالاتصال بالإدارات الأخرى لتقديم العون والمساعدة، وكم أسعدني مشهد الباب المفتوح لرئيس قسم في إحدى الكليات العلمية في الشدادية وأساتذة الكلية وسكرتارية القسم والتوجيه والإرشاد وهم يستقبلون الجميع والرد بكل رحابة صدر وتقديم المعلومة والتوجيه لرفع العوائق أمام الجميع.
لم ينته الأسبوع إلا استوجب مراجعة مستشفى الرازي الحكومي، ليستقبلنا في قسم الحوادث موظف سريع وملتزم، ومن ثم دخلنا على دكتور شاب استقبلنا مبتسما على الرغم من ازدحام الغرف وكثرة الحالات، وقام أولا بفحص سريري دقيق، وبشرح مفصل بلهجة كويتية متقنة للعاملة المنزلية، لطمأنتها مع طلب الفحوصات والأدوية الضرورية، وكذلك كانت موظفة المحاسبة وموظفة الأشعة المقطعية يتصفن برحابة الصدر والالتزام.
فجميع هؤلاء أزاحوا الهم عني وغيروا الانطباع السائد عن فئة من الموظفين في الإدارات الحكومية، فلمست الالتزام بساعات العمل والتواجد لأداء الواجبات الوظيفية، بأمثال هؤلاء نطمئن، وعليهم نراهن بإصلاح مظاهر الفساد الإداري، الله يكثر من أمثالهم فلدينا معاملات أخرى في الأسابيع المقبلة ومازلت أخشى أن تقع بيد موظف مثل صاحب البدلة الحمراء.