طاقة بشرية مهدرة
بقلم: أسرار جوهر حيات
النشرة الدولية –
نتميّز بأننا مجتمع شاب، نسبة الشباب فيه تفوق %70، بل إننا نملك طاقة بشرية كبيرة يمكن أن تكون مصدر قوة لأي دولة، حيث يتخرج سنوياً في الثانوية العامة نحو 25 ألف طالب وطالبة ناجحين، إلا أننا نهدرها سنوياً!
فبالرغم من هذا العدد الكبير من ابنائنا الطلبة المتخرجين في الثانوية العامة، فإننا مازلنا بحاجة إلى العمالة غير الكويتية، مهما حاولنا تكويت العديد من القطاعات المهنية.
فمازلنا بحاجة إلى كوادر طبية غير كويتية، ومازلنا بحاجة إلى مدرسين في التخصصات العلمية، ومازلنا بحاجة إلى العمالة الحرفية، وغيرها من المهن، بينما أبناؤنا يتجهون إلى تخصصات، فاض بها السوق، بل قد أصبحت تخصصات بالية قديمة لم يعد هذا العصر عصرها.
فأين المشكلة؟
تكمن المشكلة في ان مؤسساتنا تعمل منفردة، كل على حدة، بينما من باب أولى أن تعمل هذه المؤسسات في نظام فعلي، مرتبط بعضه ببعض، فأغلب مؤسساتنا تظن أن الربط الآلي، الذي تتغنى به، هو فقط مجرّد ظهور مستند ما من مؤسسة أخرى في نظامها الآلي، على سبيل المثال يتغنى ديوان الخدمة بالربط الآلي مع جامعة الكويت، ويعني به ظهور شهادة الخريج في نظام الديوان، من دون الحاجة إلى رفع الشهادة أثناء التسجيل، بينما نحتاج ربطاً في التخطيط، والعمل المنظم، والتنسيق.
ما نفتقر إليه في ملف التعليم والتوظيف، وهما ملفان شديدا الارتباط، هو التخطيط والتنسيق بين الجهات الحكومية، فالملفان بحاجة إلى تخطيط على مستوى الدولة، فعلى الرغم من اننا منذ سنوات نسمع عن «مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل»، فإننا لم نجد خطة واحدة هادفة في هذا الاتجاه!
بينما نحن مقبلون على الصيف، وتخرج دفعة كبيرة من ابنائنا الطلبة في الثانوية العامة، ما نحتاجه، وعاجلاً، أن يتم التخطيط للتخصصات التي نحتاجها لما بعد ٤ الى خمس سنوات مقبلة، وهي الفترة المتوقعة لتخرج هؤلاء الطلبة في الجامعة، وتوجيههم إليها، بالتحفيز أو عبر تغيير خطط القبول، ومعدلات القبول وغيرها.
بينما على مؤسسات التعليم العالي، وعلى رأسها جامعة الكويت، أن تعيد ترتيب أقسامها العلمية والتخصصات التي تطرحها، وتعيد هيكلتها، فالتخصصات التي تطرحها الجامعة منذ نحو ٦٠ عاماً ما عادت مطلوبة للزمن الحالي، وبحاجة إلى أن تتغير وتتطور وتواكب متطلبات السوق الحديث، فما المشكلة أن يتم إغلاقها، أو إيقاف استقبال الطلبة بها، حتى لا يتضرر أبناؤنا بعدم وجود وظيفة لاحقاً!
نعاني من أزمة فعلية في توفير الكوادر الوطنية اللازمة لإدارة مرافقنا وقطاعاتنا المختلفة، على الرغم من اننا نملك الأعداد فإنها طاقة مهدرة، فعلى سبيل المثال، نملك معلمين كويتيين قد يسدون أكثر من %90 من حاجة الوزارة من المعلمين، عددياً، لكن معظم المعلمين الكويتيين يتكدسون في التخصصات الأدبية، لذلك مازلنا بحاجة إلى معلمين من الخارج، بينما لو خططنا بالشكل الصحيح، تخطيطاً على مستوى الدولة، وليس تخطيطاً منفرداً لكل مؤسسة، قد نستطيع أن نوجه أبناءنا الخريجين في الثانوية إلى تخصصات نحتاجها، وقد نصل خلال دفعتين أو ثلاث دفعات من الطلبة إلى التكويت الصحيح والمدروس.