عبدالله النيباري الإنسان
بقلم: أ.د. غانم النجار
النشرة الدولية –
الكتابة عن عبدالله النيباري، رحمه الله، هي كتابة عن حقبة بدأت معالم المؤسسية تستعيد فيها أنفاسها، بعد أن كادت تنقطع وتندثر. في مجلس ١٩٧١ دخل عبدالله النيباري ورفاقه د. أحمد الخطيب، وسامي المنيس، رحمهما الله، وأحمد النفيسي، أطال الله في عمره، وكان دخولهم إيذاناً بالبدء في عملية بناء وإصلاح فعلية، بعد حالات التردي والتراجع التي سبقتها.
كان عبدالله النيباري ركناً ركيناً في تلك المعادلة، فقد قضى أغلب حياته ساعياً لتكون الكويت أجمل، وأكثر استقراراً، وعدالة، ومساواة. كان برلمانياً محترفاً، يركز على القضايا، لا على الأشخاص، رغم ما تعرض له من إساءات.
فقد كانت لهم رؤية واضحة، وعملوا على تنفيذها بالتعاون مع نواب وطنيين يحملون هموم الوطن ذاتها، كما تعاونوا مع الحكومة، يساندهم دعم شعبي كبير، فتحققت الكثير من الإنجازات، حتى كاد مجلس ١٩٧١ يصبح أفضل مجلس أكمل مدته.
كان المرفق النفطي حينئذٍ يدار من شركات أغلبها أجنبية، وعندما تقدمت الحكومة بمشاريعها النفطية، والتي كان أقصاها طموحاً المشاركة بنسبة ٤٠ في المئة، برز عبدالله النيباري وتصدى لذلك المشروع، مفنداً بنوده، ومفككاً له، في زمن قل فيه أصحاب الاختصاص، متشاوراً مع وزير النفط السعودي السابق عبدالله الطريقي، الذي كان مقيماً في الكويت وقتئذٍ، إلى أن انتهت تلك المواجهة بتأميم الصناعة النفطية بالكويت، وأيلولة الشركات الثلاث للدولة، إلا أن النيباري لم يتوقف، بل استمر في مكافحة الفساد عبر مجالس عديدة.
أما أثناء الاحتلال فقد استمر في العمل، وقد تزاملنا معاً في التصدي للعدوان، بأشكال مختلفة، كان من ضمنها إعدادنا مع الشهيد فيصل الصانع، رحمه الله، لبيان أهل الداخل، وإرساله إلى الخارج عبر “الفاكس”، الذي وفره لنا الشهيد يوسف المشاري، رحمه الله، كما تشاركنا في زيارات للأسرى في بعقوبة، حتى تم أسري لاحقاً.
وبعد التحرير، عاد النيباري إلى نشاطه البرلماني، ولم يتوقف مسلسل الإيذاء الموجه إليه لدرجة تعرضه لمحاولة اغتيال في ١٩٩٧ هو وزوجته الوفية فريال الفريح، وإصابتهما إصابات مباشرة، ومع ذلك استمر بنفس الحماس، حتى أعياه المرض، وتسلل إلى جسده النحيل، فكان أمر الله الذي لا رادّ لأمره.
رحل النيباري، وترك لنا إرثاً يستحق أن يكون نموذجاً يحتذى به في مجتمع بلا قدوة صالحة، تضيع بوصلته، وتتوه مساراته، أما بالنسبة لنا كمحبين ومثمنين لدوره، وبالنسبة لرفيقة دربه الإنسانة الصابرة فريال الفريح، وبناته، فمع عظم المصاب، فالعزاء أنه قد ترك سجلاً طيباً لا يجاريه فيه إلا القلة، كالشموع في الظلام، والتي بدونها لا تتحقق مسيرة الإصلاح. رحم الله عبدالله النيباري.