“البروش” كلمة السر فى حروب مادلين أولبرايت الدبلوماسية.. “اقرأ دبابيسي.. لتعرف فيمَ أفكر”
“الحية الغادرة” لفظ أطلقه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، على أولبرايت، لقد استفزها كثيرا، فلجأت إلى الزينة لاستخدامها كأداة فى حروبها الدبلوماسية ضده وضد القادة السياسيين الذين يعادونها لإرسال رسائل معينة وقت حرب تحرير الكويت بعد الغزو العراقي، وارتدت “بروش” على شكل ثعبان حين حضرت إحدي جلسات مجلس الأمن.
بروش مادلين أولبرايت
معرض مادلين أولبرايت
«حتى قبل أن تتكلم… يمكنك أن تعرف مزاجها وأجندة عملها عندما تنظر إلى دبوس الصدر الذي تضعه على الجاكيت الذي ترتديه»، هكذا يقول من عملوا مع أول وزيرة للخارجية الأميركية مادلين أولبرايت التي رحلت اليوم (الأربعاء) عن 84 عاماً.
فأولبرايت التي تولت خلال سنوات عملها، سواء سفيرةً لأميركا في الأمم المتحدة (من 1993 حتى 1997) أو وزيرةً للخارجية الأميركية (من 1997 حتى 2001) ملفات شديدة الصعوبة من العراق إلى ملف السلام إلى العلاقات مع روسيا وأيرلندا الشمالية وكوريا الشمالية، هي أكثر وزيرة خارجية استخدمت «صندوق جواهرها» لإرسال رسائل سياسية وتدشين نهج جديدة في الدبلوماسية وهو: «اقرأ دبابيس الصدر الخاصة بي.. لتعرف فيمَ أفكر».
فطوال سنوات عملها الدبلوماسي، استخدمت أولبرايت دبابيس صدرها لتكشف خطوتها المقبلة وأفكارها ومزاجها عن عمد. حتى إن نظراءها من وزراء الخارجية حول العالم والعاملين معها كانوا ينتظرون بترقب ما ستلبسه كل صباح، وليس هناك إطراء أفضل لأي امرأة من هذا الإطراء. وفي كتاب صدر لها في 2009 تحت عنوان «اقرأ دبابيس الزينة الخاصة بي: قصص من صندوق حلي دبلوماسية»، والذي ترافق معه معرض لأهم دبابيس الصدر التي ارتدتها منذ عينت وزيرة خارجية في إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، واستضافه ««متحف الفن والتصميم» في نيويورك، تقول أولبرايت إن الأمر كله حدث مصادفة وعلى يد الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وتوضح أولبرايت في كتابها: «بطبيعة الحال أعشق الحلي وأحرص على ارتدائها دوما، لكن لم يدر بخلدي قط أنني سأستغلها كأداة لنقل رسائل ضمنية حتى عُينت سفيرة لدى الأمم المتحدة وكنت السيدة الوحيدة داخل مجلس الأمن. بعد حرب الخليج الأولى، عندما عكفت الأمم المتحدة على دراسة عدد من القرارات المتعلقة بالعراق، كانت مهمتي التعقيب على سياسات صدام حسين، وكانت تعقيبات شديدة لكنه كان يستحقها. رداً على ذلك، نشرت إحدى الصحف العراقية قصيدة نعتتني بـأفعى لا نظير لها. وبالفعل، كان لدي دبوس زينة على شكل ثعبان في صندوق الحلي. وعليه، قررت ارتداء هذا الدبوس في أي جلسة للأمم المتحدة تتناول العراق. ولاحظت الصحف الأمر. وجدت الأمر مسلياً، وقررت اتباع هذا النهج في باقي عناصر أجندتي الدبلوماسية. قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب: اقرأ شفتَيّ. أما أنا فشعاري: اقرأ دبابيس الزينة الخاصة بي».
من ضمن دبابيس الصدر اللافتة في متحف نيويورك دبوس صدر كبير على شكل العلم الأميركي مرصع بالألماس باللونين الأحمر والأبيض. وتقول أولبرايت عن هذا الدبوس: «بعدما أصبحت وزيرة خارجية، زرت الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ إيل وارتديت دبوس زينة يحمل العلم الأميركي لأوضح بما لا يدع مجالا للشك مَن أمثل. فأنا أمثل أميركا. ورغم قناعتي بسخف الانتقادات الموجهة إلى السياسيين الأميركيين لعدم ارتدائهم دبوس زينة يحمل علم الولايات المتحدة ـ لأننا، قبل كل شيء، دولة قوية واثقة من نفسها ـ وجدت في هذه الحالة من المناسب ارتداء هذا الدبوس».
أما أكثر جوانب المعرض جاذبية فهو الجانب المتعلقة بدبابيس الصدر التي ارتدتها أولبرايت عند لقائها مع الدبلوماسيين الروس، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك خلال مباحثات السلام نهاية عهد كلينتون. وتوضح أولبرايت في كتابها: «في وقت من الأوقات اكتشفنا أن الروس عمدوا إلى التنصت على السفارة الأميركية، فارتديت دبوس صدر على شكل بقّة في لقائي التالي بمسؤولين روس في إشارة ضمنية إلى أننا نعرف أنهم يتجسسون علينا.
كما لم تتردد أولبرايت في استخدام «سلاح دبابيس الصدر» في أكثر القضايا حساسية لدى الروس وهي قضية الشيشان. فعندما رافقت بيل كلينتون إلى القمة الأميركية ـ الروسية التي انعقدت في يونيو (حزيران) 2000، قال لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «إننا نلحظ ما ترتديه الوزيرة أولبرايت». وتوضح أولبرايت في كتابها: «كنت أرتدي حينها دبوس زينة يحمل أشكال ثلاثة قرود تشير إلى عبارات: لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم. وسألني بوتين عما يعنيه ذلك، وأجبته: إنها تصف سياستكم حيال الشيشان. وقد أسعده هذا الأمر كثيراً».
أما عندما قابلت ياسر عرفات فقد ارتدت «نحلة»، وتوضح: «خلال عملية سلام الشرق الأوسط ارتديت الكثير من دبابيس الصدر لإرسال رسائل مختلفة. ارتديت الحمامة التي أهدتني إياها ليا رابين زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين عندما التقيت باراك وعرفات لأقول لهما إن أميركا متمسكة بالسلام وتريد تحقيقه وإن هذه هي الفرصة. كما ارتديت النحلة كثيراً عندما كنت أريد أن أقول إن أمامنا مباحثات صعبة وشاقة.