الموسيقى الصوفية بأنامل عود نصير شمه في أعلى تجلياتها
قراءة نقدية: الكاتبة العراقية دنيا الحسني –
النشرة الدولية –
الموسيقار العالمي “نصير شمه ” هو عازف ومؤلف موسيقي عراقي تميزت أعماله بقوة الحس الدراماتيكي وثراء النص الأوركسترالي، خلف العديد من المقطوعات الموسيقية الصوفية التي جمعها، في البومه الجديد الذي يحتوي على مقطوعات صوفية ألفها بمزيج من الألحان الروحية المنوعة وعزفها بطريقة مغايرة عن كل الطرق السابقة، فتنقلك موسيقاه من تنويعات إيقاعية تجسدها الروحانية الصوفية، تذهب بك إلى عوالم أخرى لفضاء جميل كبير وواسع يختلف عن إيقاع الموسيقى التقليدية من خلال المجال الرحب في تجليات العشق الالهي.
يعبر الموسيقار”نصير شمه “، عن نبرة إيقاع الحياة، عزف على أوتار العود نبضاته المركبة مع عوامل زخرفية إيقاعيه، يتخطى فيها الحدود الموسيقية متمكن من الزمن في عزف العود بالانسجام مع الآلات الموسيقية المتنوعة، يتعامل مع الإيقاع مباشرة تحتوي ريشته الإيقاعية على نبضات سريعة وبطيئة، وسكوت وزخرفات ما بينهما، حسب الحاجة و التعبير الموسيقي، فهو متميز بقوة الضرب
وهي صفة لما عرف عنها من مقدرة على اسماع صوت العود بجلاء ووضوح في مقطوعاته الموسيقية، و عازف العود الفذ “نصير شمه”، قام بتطوير أسلوبه بالتناوب مع حركة “الزخمة” أو “الريشة” صداً ورداً ( أي نزولاً وصعوداً) إلى طريقة عزف متكاملة، أصبحت من حينها أهم خصائص طريقته بالعزف على العود، وأحد أهم آليات إثراءها وتطويرها على حد سواء وتتميز النغمات المعزوفة، ببصم أنامل اليد اليسرى بصوت أكثر ليونه ورنين أجزل فخامة وطلاوة من صوت الريشة اليابس، وتحاكي الزخارف الغنائية، وكذلك تفنن في استعمال الريشة بطريقتين مختلفتين : الضرب الدائري أو المنتظم وهو يعرف بالريشة المقلوبة وتعني الحركة المنتظمة للمضرب، والضرب الغير منتظم؛ وهي الطريقة تعرف اصطلاحا بالريشة الهابطة، أي طريقة العزف التي تهيمن فيها حركة الصد، ( أي من ناحية العدد وقوة النبر)، وهنا أمتلك قدرا كبيرا من التحكم والسيطرة على شدة ونوعية الأصوات الصادرة من عوده في أي منطقة صوتية وذلك، إما بتغيير قوة الزخم وموضع الضرب بإطالة أو تقصير الجزء المستخدم من الريشة، وتمثل “الإقامة”، أي الوقوف علو نغمة واحدة وتكرارها عدد من المرات، ثاني دعائم مدرسة الموسيقار ” نصير شمة ” حيث تزخر تقاسيمه بالإقامات التي تكون ثلاثة أشكال : “تكرارية بسيطة” أي تكرار النقر بالريشة على نفس النغمة، أو مضعفة “ديوانيا”، بنغمة القرار التي تعزف قبل النغمة المكررة، والثالث مشتق من النوع السابق وهو مستلهم من تفعيل عروض الشعر تكرار الصيغ التي يستخدمها في تقاسيمه أما في مقطع قصير مستقل أو قبل القفلة في مقطع طويل نوعا. كذلك نلاحظ في تقاسيمه أول استخدامات تقنية الزير- بم ( تعليق الوتر) التي تعني تكرار نغمة حادة بسرعة وعزف لحن بسيط في منطقة القرارات مما يعطي الإحساس بسماع لحن مزدوج، كما استخدم بشكل متقن ومقنع لعدة مقامات، يفصل بين الجمل اللحنية المتلاحقة والمقامات المتغيرة منها ايقاع الوحدة الكبير وايقاع السماعي وايقاع السنباطي، وغيرها..
وأيضا عزف نغمتي “اليكاه”والراست” بشكل شبه إيقاعي كأنها قفلة أو مرد لحني لأفراد التخت، واتقن العازف “نصير شمه” تقنية الزحف أو الزحلقة من نغمة الى أخرى وطبقها بأشكال مختلفة، وهناك أسلوب آخر يستعمله قبل القفلات على أبعاد موسيقية أصغر يمكن ملاحظتها في نفس التقاسيم في المقطوعات الموسيقية، وبشكل عام أكمل الموسيقار “نصير شمه ” شروط الموسيقي الحاذق الكامل، ومن أهم الأشياء ابدع في ابتكار صوت الموسيقى الممتع مع مزيج متناغم من أصوات الآلات الموسيقية المختلفة والمتنوعة وانسجام الألحان في مقطوعات موسيقية مشتركة بين عازفين من ثقافات عالمية مختلفة في توحيد الأداء وضبط الإيقاع بدقة واضحة بين أشكال الآلات العربية والآلات الغربية، في إخراج أصوات جديدة مبتكرة من أجل تكوين لوحة موسيقية كاملة مكتملة في تجسيد سيمفونية متنوعة في حفلات الأوركسترا، ركز خلالها على تفاعله مع العازفين والموسيقيين واتصاله بهم وجدانيا، وانفعالاته العاطفية، لنعرف على الصورة الأكبر لهذه المهمة الحساسة والجميلة، التي امتاز فيها بالبراعة فظهرت مواهبه الطبيعية مقرونه بمحاسنه الفنية ومستوى مهارته يسمح له بالتكيف مع التغييرات التلقائية وتوظيفها الى مقام فني مقدس يقصدبه رفع العقل والقلب والروح إلى الأجواء الروحانية الصوفية